قالت صحيفة "هآرتس" الصهيونية ان موجة الاعتقالات التي تمت ايضا في السنة الاخيرة في لبنان لمن عرفوا هناك بانهم عملاء الموساد لن تغير رأي ولهلم (ويلي) ديتل، في ان اجهزة الاستخبارات العربية، ومنها اللبنانية، غير ناجعة. ويعلم ديتل، الذي يسكن اليوم قرية صغيرة هادئة قرب ميونيخ ما الذي يتحدث عنه. فقد عمل مدة 11 سنة عميلا لجهاز الاستخبارات الاتحادي الالماني ال (بي ان دي)، في الشرق الاوسط، في حين كان عمله صحافيا، في البدء في الصحيفة الاسبوعية الالمانية (كويك) وبعد ذلك مستقلا، غطاء لذلك. وبحسب صحيفة "هآرتس" الصهيونية فقد جال ديتل في سورية ولبنان والاردن ومصر والسعودية وغيرها، والتقى ارهابيين وقادة جيش، واناس اجهزة سرية وساسة، ونقل بعض انطباعاته الى القراء في مئات من المقالات كتبها وفي كتب ايضا، علاوة على ذلك، كتب التقارير السريّة التي سلّمها للمسئولين عنه، وقد تمّ الكشف عنه مؤخرًا.
اعترف ديتل في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" قائلا نعم، كنت جاسوسا. كنت ما تسمونه في اسرائيل ضابط تجميع، وكنت مستعملا لعملاء. جمعت معلومات واستعملت عملاء. ورشوت ضباط جيش، وسافرت في انحاء الشرق الاوسط، في سورية ولبنان والاردن ومصر وعرضت حياتي للخطر في اثناء ذلك من اجل المانيا.
وبحسب الصحيفة الصهيونية فقد نشر ديتل في المدة الاخيرة كتابا عنوانه: جيوش الظلال: الاجهزة الاستخبارية للعالم الاسلامي، في تاريخ الاجهزة السرية في دول مسلمة عامة وعربية خاصة. ويؤمل ان يجد ايضا ناشرا صهيونيا يبدي اهتماما للكتاب. وبرأي المحلل للشئون العسكرية بالصحيفة الصهيونية فانّ هذا اشد الكتب تفصيلا مما كتب في الموضوع منذ كتاب يعقوب كروز (الاستخبارات العربية)، الذي صدر في 1976، بعد اكثر من عقد من اعتزاله عمله نائبا لرئيس الموساد.
وبحسب المؤلف الالماني فانّ اكثر الاجهزة العربية يختلف تماما عما يخطر ببالنا في الغرب ونحن نفكر في الاجهزة الاستخبارية. ان اساس عمل ال بي ان دي على سبيل المثال هو جمع معلومات ذات قيمة استراتيجية او سياسية او عسكرية، وادراك او تقدير او تحليل اتجاهات، لا قتل اشخاص ولا تعذيبهم. اما الاجهزة العربية فترى اساس مهمتها الحفاظ على نظام الحكم او الزعيم، ولهذا فانها متوحشة لا كابح لها.
وزاد قائلا "اجهزة المخابرات العربية تقف فوق القانون؛ انها القانون نفسه. فهي تعذب المشتبه فيهم بلا انقطاع؛ فإذا كان الامر كذلك فما العجب ان يكون كثير من المشتبه فيهم مستعدين للاعتراف بكل جريمة. وفي رأيي ان هذا احد اسباب انها نجحت ايضا في الكشف عن شبكة التجسس الاسرائيلية في لبنان"، على حد تعبيره.
وكتبت الصحيفة الصهيونية: بدأ الكشف عمن يسميهم اللبنانيون (عملاء الموساد) في تحقيق لامن حزب الله الوقائي، الذي فحص عن سلوك شاذ لعدد من المشتبه فيهم، مثل اسراف في المال تظاهري. وقد اعتقلوا بعد ذلك اي اختطفوا المشتبه فيهم وعذبوهم وابتزوا منهم اعترافات. انذاك فقط نقلوهم الى الاستخبارات العسكرية المسئولة عن الامن الداخلي ايضا في لبنان.
واوضحت الصحيفة انّه بحسب التقارير التي نشرت في كل من لبنان وفرنسا، فقد انحصرت موجة الاعتقالات الاخيرة في عمال كبار في (الفا)، وهي شركة هواتف محمولة تعمل في لبنان منذ 1996. اعتقل احد المعتقلين وهو طارق الربح، الذي تولى العمل في الجهاز التقني للشركة، بعد ان ثار شك فيه بسبب حملات شراء تبذيرية له في باريس. انشأ حزب الله لمنع دخول الاستخبارات الصهيونية نظام هواتف مستقلا برغم معارضة الحكومة السابقة المستقلة برئاسة فؤاد السنيورة، وثبت بهذا مكانته على انه دولة داخل دولة.
وزادت "انشىء هذا النظام من اجل حزب الله على ايدي خبراء من ايران وعلى حسابهم، زاعمة انّ الشبكة منشورة في مناطق يسكنها الشيعة المخلصون للمنظمة".
ووفق الصحيفة الصهيونية فانّ العميل ديتل يؤكد على انّ الاستخبارات الصهيونية اخفقت في لبنان، لكن في كل ما يتعلق بالاستخبارات اللبنانية اخر الامر كان ذلك مسألة حظ اكثر من كونها عملا اختصاصيا، ويضيف ديتل، لهذا لا اعلم ايضا ما الذي فعلته في هذا الشأن واي الدروس استخلصتها. لكنني على ثقة لمعرفتي بالاستخبارات الصهيونية بانه تمت تحقيقات واستنتجت استنتاجات مما حدث.
استخبارات لبنان في رأيي كسائر الدول العربية لن تتغير حتى في المستقبل. ستظل غير ناجعة. وكتبت الصحيفة ايضا انّ الحياة المزدوجة، وفي الشرق الاوسط، يكمن فيها غير قليل من الاخطار. فقد اعتقل ديتل في 1982 قرب مدينة حماة في سورية بعد زمن من المجزرة التي اوقعتها قوات الامن بالاخوان المسلمين الذين تمردوا على نظام الحكم. اسمع ديتل محققيه مقابلة اجراها في اثناء زيارته مع وزير الاعلام السوري، وقال لهم انه حدد له مقابلة مع الرئيس حافظ الاسد. كان ذلك كذبا، لكن صعب عليهم بسبب خطوط هواتف مشوشة التحقق من المعلومات. ان الخوف من القصر الرئاسي، وتعرف صوت وزير الاعلام فعلا فعلهما فأطلقه المحققون.
وخلصت الصحيفة الصهيونرية الى القول انّ هذه القصة تعزز، كما يقول ديتل، مزاعمه وهي ان العاملين في اجهزة الاستخبار العربية يخافون الخطأ الذي يكلفهم مناصبهم ان لم نقل حياتهم اكثر من طموحهم الى تنفيذ عملهم تنفيذا فنيا. ما يزال هذا الحظ الكبير للاستخبارات الصهيونية ان هؤلاء هم اعداؤه.