قالت الاذاعة الصهيونية الرسمية باللغة العبرية امس الاحد انّ وزارة الخارجية التركية استدعت السفير الصهيوني في انقرة جابي ليفي وابلغته استياء تركيا الشديد من الاتفاقية التي وقعت مؤخرا بين الدولة الصهيونية وقبرص لتقسيم الحدود المائية وتقاسم البترول وحقول الغاز الطبيعي المحتمل اكتشافها في منطقة شرق البحر المتوسط. وقالت مصادر سياسية رسمية في تل ابيب، بحسب الاذاعة انّ الدولة الصهيونية اطلعت تركيا على سير المفاوضات مع قبرص وتقدمها رغم انها كانت تهدف الى ضمان الحقوق الاقتصادية لها في تلك المنطقة، حسب ما ورد في الاذاعة الصهيونية.
وجاء الرد التركي بعد ان وقّعت الدولة الصهيونية وقبرص رسميا نهاية الاسبوع الماضي، على اتفاقية ترسيم حدود المياه الاقليمية الاقتصادية بينهما، بحيث تقع في منتصف المسافة البحرية بين الدولتين. ويرمي هذا الاتفاق الى تمهيد الطريق لتشجيع الشركات الاجنبية للاستثمار في اعمال التنقيب عن النفط والغاز وتطوير الحقول المكتشفة.
ويشكل هذا الاتفاق ارضية لاعلان حق الصهاينة الحصري في الاستثمار في هذه المنطقة رغم انها لا تخضع لسيادتهم في حين انها تقع ايضا ضمن حدود المياه الاقليمية الاقتصادية ليس فقط للبنان وانما ايضا للدولة الفلسطينية.
واشار الاتفاق الى ان خط حدود المياه الاقليمية الاقتصادية الحصرية بين الدولتين يقع في منتصف المسافة البحرية بين الدولة الصهيونية وقبرص على مسافة تبعد حوالى 150 كيلو مترا شمال غرب حيفا. وبموجب الاتفاق فان الحقول المشتركة التي قد يتم اكتشافها مستقبلا تلزم تعاونا لتطوير المرابض وهذا يتطلب اتصالات حول ماهية الترتيبات التقنية والمهنية لتقاسم الموارد المشتركة.
واشارت صحيفة "يديعوت احرونوت" الصهيونية الى انّ تحديد هذا الخط ضروري لحماية حقوق الدولة الصهيونية في مرابض النفط والغاز الواقعة تحت سطح البحر في تلك المنطقة.
ووقّع الاتفاق من الجانب الصهيوني وزير البنية التحتية عوزي لانداو، من حزب (اسرائيل بيتنا) ومن الجانب القبرصي وزير الخارجية ماركوس كبريانو.
وبحسب المصادر عينها، تتمتع شركة (نوبل انرجي) ومقرها تكساس بحقوق استغلال النفط والغاز في حقل بحري قبرصي وفي حقل قريب على الجانب الصهيوني من الحدود البحرية.
وقال مصدر دبلوماسي في تل ابيب للصحيفة "توفر هذه الاتفاقية بصورة اساسية لهم (نوبل) شبكة امان قانوني بان حقوقهم محفوظة من الناحية القانونية، على حد تعبيره. واعلن لانداو بعد ذلك ان ترسيم الحدود البحرية يوفر وضوحاً اقتصادياً للمستثمرين ويساعد في تقدم وتطوير ميدان الطاقة في اسرائيل. واضاف انّ التوقيع يعبر عن وثوق العلاقات والتعاون المتواصل بين اسرائيل وقبرص. وفي ضوء ما تم اكتشافه من مرابض غاز طبيعي كبيرة في البحر المتوسط، فانّ لترسيم الحدود البحرية الاسرائيلية دورا مركزيا في ترسيخ الحقوق الاقتصادية الحيوية للدولة بشأن الموارد الطبيعية في البحر. فالامر يوفر مصداقية اقتصادية للمستثمرين ويساعد في تقدم وتطوير مجال الطاقة في دولة اسرائيل"، على حد قوله.
علاوة على ذلك، زعمت "يديعوت احرونوت" الى ان تل أبيب عملت حتى الآن وفق مبادئ القانون الدولي المتصلة بالجرف القاري التي تمنح حقوقا تلقائية للدولة المعنية على ما يقع ضمن جرفها من دون الاعلان عنها منطقة اقتصادية بحرية. ولكن نظرا لتلاقي وتشابك مصالح دول عديدة في هذه المنطقة شرعت الدولة الصهيونية بابرام اتفاقيات مع دول يمكن ان تشكل في الوقت نفسه ربط نزاع مع دول اخرى، وفق الصحيفة.
وكانت المفاوضات قد جرت طوال شهور بين الصهاينة وقبرص وشاركت فيها طواقم دبلوماسية وفنية من الجانبين.
وسبق لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ان اعلن التوصل لهذا الاتفاق مع قبرص لكن التوقيع رسميا تم يوم الجمعة الماضي. وبحسب المصادر الرسمية في تل ابيب فانّ هذا الاتفاق يُعّد الاتفاق الاول من نوعه لترسيم الحدود بين الدولة الصهيونية والاتحاد الاوروبي ممثلا بقبرص العضو في الاتحاد. كما انه الاتفاق الاول الذي يلحظ اعترافا بان حقلي (لفيتان) و(تمار) يقعان ضمن مياه الدولة الصهيونية، وهو امر قد يشكل ارضية لخلاف جديد بين الدول العربية وقبرص.
وكانت مصادر صهيونية قد كشفت الشهر الماضي، ان حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تعمل منذ فترة على بلورة تحالف جديد مع بعض دول البلقان مناهض لتركيا، بعد انهيار التحالف الاستراتيجي بين الدولتين على خلفية احداث قافلة (اسطول الحرية)، اواخر مايو الماضي.
وذكرت الاذاعة الصهيونية، نقلا عن تلك المصادر، ان التحالف الذي تسعى اليه حكومة نتنياهو، مع دول يساورها القلق ازاء سياسة حكومة (حزب العدالة)، برئاسة رجب طيب اردوغان، سيتضمن تعاونا استخباراتيا، وتدريبات عسكرية مشتركة، بالاضافة الى مئات الالاف من السياح. ووصفت صحيفة "هاآرتس"، ما اسمته بتحالف البلقان الجديد، بانه اهم تحرك دبلوماسي ذي مغزى، اقدمت عليه حكومة نتنياهو، ازاء التوتر وفقدان الثقة بينه وبين وزير خارجيته ليبرمان من جهة، وبين الادارة الامريكية من جهة اخرى، والفتور من جانب دول غرب اوروبا، والقطيعة مع العالم العربي.
وذكرت الصحيفة ان الدولتين الرئيسيتين اللتين قامت الدولة الصهيونية بتوثيق العلاقات معهما خلال العام الاخير، هما اليونان وبلغاريا، كما اشارت الى دفء العلاقات بين الدولة الصهيونية وكل من قبرص، ورومانيا، وصربيا، والجبل الاسود (مونتينجرو)، ومقدونيا، وكرواتيا. وشددت على ان هذه الدول تشارك الدولة الصهيونية قلقها من زيادة الحنين إلى الإسلام في تركيا، وتغلغل الجهاد العالمي، وان هذه الدول ترى ان هناك امكانات للتعاون الامني والتكنولوجي والاقتصادي مع الصهاينة.