سخر الرئيس مبارك من أعضاء البرلمان الموازي قائلا: "خليهم يتسلوا". جاء ذلك خلال حديث الرئيس في خطابه خلال الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب والشورى عن تدعيم سياسات اللامركزية وإعطاء سلطات "موازية" أكثر للمحافظين، مضيفاً أن مصر تسمو فوق الأشخاص والأحزاب.. وعلق الرئيس على كلمة موازية قائلا "مش قصدي البرلمان إياه خليهم يتسلوا"!. وفسر جمال زهران تهكم الرئيس بأنه لا يعتبر البرلمان الشعبي غير شرعي، و لكن الإشارة تعني أنه يمثل خطورة من وجهة نظر الرئيس، وأضاف أنهم سيواصلون مهمتهم، وسوف يصعدون الأمور لأقصى درجة أمام البرلمان العالمي، للتأكيد على أن البرلمان الذي خطب أمامه مبارك هو برلمان مزور وباطل شرعا، ومطعون بحقه أمام القضاء، بهدف حصار هذا البرلمان عالمياً، وعدم الاعتراف به من قبل برلمانات العالم. وكانت لجنة مصغرة تضم سعد عبود وحمدين صباحي، تعقد اجتماعاً في حزب الجبهة الديمقراطية، للتشاور في إجراءات تأسيس "البرلمان الشعبي"، و أكد أعضاء أنهم مستمرون في العمل على تأسيسه. وأشاروا إن كلام الرئيس متوقع من رئيس الحزب "الوطني" وباعتباره يلقي كلمته اليوم أمام برلمان مزور.
واعتبر زهران إشارة الرئيس بالتهكم، هي إشارة البدء للعمل، وأننا نسير في الطريق الصحيح وقال سوف ننفذ نصيحة الرئيس، وليس في الأمر تسلية من جانبنا.
وقال محسن راضي إن خطاب الرئيس دليل على أنه ينظر للمعارضة باعتبارها تسلية، وكلامه لا جديد فيه، فطالما أنه ليس هناك إصلاحات سياسية، فليس هناك تنمية، ويبقى خطابه عن الانجازات والإصلاحات في حيز النظرية، وهو ما عهدناه في خطبه.
انجازات لرجال المال وأشار صبحي صالح قال إن تهكم الرئيس على البرلمان الشعبي يجوز أن يصدر منه، باعتباره رئيساً للحزب "الوطني"، أما باعتباره رئيساً للدولة فلا يجوز له التهكم على المعارضة، لأنه رئيس الجميع، وواجبه السعي لتحقيق المساواة بين الجميع، فمحاولة إضعاف المعارضة في مصلحة الحزب الوطني، لكنها ليست في مصلحة الدولة، أما حديثه عن الإنجازات والوعود، فيكفي إلقاء نظرة على حكومة رجال الأعمال المشكلة في 2004، والتي تعمل على خدمة رجال الأعمال، فحتى البني التحتية مثل مياه الشرب والكهرباء دخل فيها القطاع الخاص، وكل المرافق تسير في اتجاه الخصخصة.
وطالب سعد عبود الرئيس بالتنحي، وقال إنه كان يتمنى أن يسمع من الرئيس خطبة عن السعي نحو الإصلاح الحقيقي، والمتمثل في استقلال القضاء، وإنهاء الطوارئ، وتنفيذ 3 مليون حكم قضائي معطل، والنهوض بالصحة العامة، وأضاف كنا نتمنى أن نسمع عن إصلاحات حقيقية. ووصف عبود الخطاب بأنه تقليدي، وأضاف أن هذا الكلام قيل من 30 سنة، فدائماً يتحدث الرئيس عن دولة مدنية، تقوم على الانتخابات النزيهة، واحترام حقوق المواطن، لكننا لا نجد من ذلك شيئاً. وأنهى عبود حديثه بالقول "نحن لا نتسلى بقضايا الوطن، وإنما نريد انتخابات نزيهة، دون بلطجة أو تزوير، والرئيس هو الذي انفصل عن الواقع، ولم يعد مبارك هو الذي يحكم مصر، وإنما رجال الأعمال وجمال مبارك هم الحكام، في تمهيد واضح لمخطط التوريث"، وقال عبود إن إصرار الرئيس على الوقوف في مواجهة حركة الإصلاح، أصبح دافعاً لكي تلتف قوى المعارضة لإسقاطه.
وزعم الرئيس "انحيازه" للفقراء خلال حديثه عن قانون التأمين الصحي قائلا "ما هو كلنا كنا فقرا". وأكد الرئيس الانتهاء من الدراسات الفنية لبناء 4 محطات نووية، وقال "سنطرح خلال أسابيع مناقصة إقامة المحطة الأولى بمنطقة الضبعة". كما طرح برنامجا للقوانين المعروضة على مجلس الشعب مشيرا أن قانون التأمين الصحي يتصدر هذه القوانين بالإضافة لمشروعات قوانين لتنظيم التجارة الداخلية والمعاملات التجارية والإدارية وقانون لتنظيم استخدامات أراضي الدولة .
وقال الرئيس محمد حسني مبارك في خطاب بدء الدورة البرلمانية الجديدة، أن الاقتصاد المصري صمد أمام أزمتين عالميتين متعاقبتين ولم تمد مصر يدها لأحد، منوها في هذا الصدد بسياسات الإصلاح الاقتصادي التي أعطت قوة جديدة للاقتصاد ودفعت به لانطلاقة قوية بمعدلات نمو مرتفعة.
وأضاف أن ما تردد عن تحويل 70 مستشفى جامعيا لوزارة الصحة مجرد شائعة وتأليف. وقال "يبدو أنكم صدقتم هذه الشائعة.. هناك كثير من الشائعات". واعتبر أن قانون التأمين الصحي الجديد يتصدر مشروعات القوانين الجديدة التي وصفها بأنها ستكون كثيرة في الدورة البرلمانية الجديدة؛ وقال إنه مشروع من أجل الفقراء، مشيرا إلى "كلنا كنا فقراء"!.
وقال مبارك إن الدولة تعمل من أجل انطلاقة جديدة للاقتصاد المصري، تتمثل في إقامة مناطق صناعية وتجارية جديدة وأخرى للتصنيع الزراعي بهدف رفع الإنتاجية والصادرات، وزيادة متوسط معدلات النمو إلى 8٪ خلال السنوات الخمس المقبلة، مؤكدا أن هذه الانطلاقة سوف تنعكس على مستوى معيشة المواطن وسوف تصل ثمارها لمن لم تصل إليهم بعد من الفقراء والمهمشين. ودعا البرلمان خلال دورته الحالية للانتهاء من تطوير عدد من القوانين لتنظيم التجارة الداخلية والمعاملات التجارية بما يعزز مناخ الاستثمار ويطرح المزيد من التسهيلات للمستثمر الصغير قبل الكبير.
ومن بين المشروعات التي أعلن مبارك أنها ستحال للدورة البرلمانية الجديدة مشروع قانون لإعادة تنظيم الإطار الحاكم للإدارة المحلية، وقال "سوف أحيل مشروع قانون لإعادة تنظيم الإطار الحاكم للمجتمعات المحلية"، حيث أن الدولة تسعى خلال المرحلة المقبلة لتطبيق اللامركزية.
وأضاف مبارك "نعمل على وضع إطار محكم مشروع قانون لإعادة تنظيم الإطار الحاكم للإدارة المحلية بهذا، ويهدف هذا المشروع (حماية أصول الدولة)، بالإضافة إلى العمل في الفترة المقبلة على رفع معدلات النمو وإتاحة المزيد من فرص العمل وتحقيق نسبة نمو تصل إلى 6% وتوفير 700 ألف فرصة عمل جديدة". وقال مبارك "نجحنا في جذب الاستثمارات والنهوض بمستوى معيشة المواطنين"، و"نجحنا في إضافة المزيد من الأسر إلى معاش الضمان الاجتماعي"، وأنه "مازال الدين الداخلي تحت السيطرة وعند نفس مستواه قبل الأزمة المالية العالمية".
وقال مبارك إن أمن الطاقة جزء من أمن مصر القومي، مشيرا إلى إطلاقه برنامجا للطاقة النووية للاستخدامات السلمية. وأكد الانتهاء من الدراسات الفنية لبناء 4 محطات نووية، وقال "سنطرح قريبا مناقصة إقامة المحطة الأولى بمنطقة الضبعة".
وأضاف "ماضون في تنفيذ هذا البرنامج، متمسكين بحقوقنا الثابتة دون مشروطيات.. ملتزمين بالمعاهدات الدولية للطاقة النووية". وشدد على أنه "سيظل أمن إمدادات الطاقة عنصرا أساسيا في بناء مستقبل الوطن وجزءا لا يتجزأ من أمن مصر القومي"، مشيرا إلى أن البرنامج القومي للاستخدامات السلمية للطاقة النووية أصبح جزءا من إستراتيجية مصر الشاملة للطاقة وركنا مهما من سياسات تنويع مصادرها وتأمين إمداداتها”، وأضاف: “إننا ماضون في تنفيذ هذا البرنامج دون تردد متمسكين بحقوق مصر الثابتة وفق معاهدة منع الانتشار ومتطلعين للعمل مع كل من يحقق مصالحنا بأعلى مستويات التكنولوجيا النووية والأمان النووي ودون مشروطيات تتجاوز التزامنا بمقتضى هذه المعاهدة”.
وحول ملف مياه النيل، أكد اهتمامه بالقضية كجزء من أمن مصر القومي، مؤكدا أن "توفير احتياجات مصر من المياه والحفاظ على مواردها من مياه النيل يعتبر مكونا رئيسيا في رؤيتنا للمستقبل، والحفاظ على أمن مصر القومي، نوليه الأهمية القصوى في سياستنا الداخلية والخارجية". وقال "ملتزمون بالحوار ومواصلة تقديم المساعدات لدول حوض النيل". مؤكدا أن تلبية الطلب المتزايد من المياه يتطلب ترشيد استهلاك المياه، والاستفادة من مصادر المياه الأخرى مثل المياه الجوفية، وسوف يطرح مشروع قانون لحماية المياه الجوفية.
وحذر مبارك من التدخلات الخارجية قائلا "سنواجه محاولات التدخل في شئوننا والضغط علينا في ملف الوحدة الوطنية، وإثارة الوقيعة مع دول حوض النيل.. إننا لا نفرط في سيادتنا واستقلال إرادتنا، ولا نقبل مشروطيات بشأنها، ونتعامل مع محاور الأمن القومي كقضية حياة أو موت"، مشددا على أن ما تقوله مصر "في العلن"، هو ما يقال "خلف الأبواب المغلقة". وأن مصر لا تزال تخوض معركة "ضد قوى التطرف".
ونعي مخاطر المأزق الراهن للقضية الفلسطينية، وأن مصر تعمل "من أجل تحقيق (الدولة المدنية المتقدمة)!، وأنه على إسرائيل والولايات المتحدة والقوى الدولية واللجنة الرباعية تحمل مسئوليتها عن توقف المفاوضات في القضية الفلسطينية". وأضاف "أن التحرك الدولي لا يرقي لجسامة ومخاطر التداعيات لهذا المأزق، مطالبا أمريكا وأطراف الرباعية الدولية بتحمل مسئولياتهم للخروج من المأزق الراهن".