تساءل معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فى تقرير صدر حديثا بعنوان «انتخابات الشورى المعيبة فى مصر»، عن إمكانية اعتبار ما حدث فى انتخابات مجلس الشورى التى جرت أوائل الشهر الحالى مؤشرا عما يمكن أن نراه فى انتخابات مجلس الشعب المقرر عقدها فى نوفمبر المقبل. ويقول المعهد، المعروف بميوله «لليمين الصهيونى» فى الولاياتالمتحدة، إن أحداث أسطول الحرية الذى كان متجها إلى غزة جذبت الأنظار بعيدا عن انتخابات مجلس الشورى التى جرت فى مصر مطلع الشهر الحالى «وشهدت قدرا كبيرا من الانتهاكات والتجاوزات بدءا بأعمال العنف وانتهاء بتسويد البطاقات». ويجيب التقرير الذى أعده سكوت كاربنتر، مدير مشروع «فكرة» المعنى بمساندة "نشطاء الديمقراطية" فى العالم العربى، ودينا جرجس، المديرة التنفيذية لما يسمى "منظمة أصوات من أجل مصر ديمقراطية" عن التساؤل الرئيسى بالقول إنه «إذا كانت انتخابات مجلس الشورى المحدود الاختصاصات شهدت كل هذه الانتهاكات وأعمال التزوير فمن الطبيعى أن تشهد انتخابات مجلس الشعب أعمال تزوير وانتهاكات أكثر».
التزوير سيكون أكبر من ناحيته، رفض جهاد عودة، عضو أمانة السياسات بالحزب "الوطنى"، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، التعليق على التقرير معتبرا أن الحديث عن انتخابات مجلس الشعب قبل إجرائها بخمسة أشهر تقريبا «ضرب من الخيال أو التخيل».
ومن وجهة نظر عودة فإنه لا يجب فتح ملف انتخابات مجلس الشعب المقبلة إلا بعد أن تعلن الأحزاب عن مرشحيها وبرامجها، رغم أن لجنة مصر والعالم بأمانة السياسات عقدت أمس الأول اجتماعا لبحث استعداد الحزب "الوطنى" للانتخابات المقبلة.
ويتفق المستشار محمود الخضيرى الناشط السياسى ونائب رئيس محكمة النقض السابق مع ما ذهب إليه تقرير معهد واشنطن قائلا "إن إمكانية تكرار سيناريو انتخابات الشورى مرة أخرى فى انتخابات مجلس الشعب مؤكدة بشكل كبير، بل ستكون أسوأ، والتزوير سيكون أكبر".
شروط مرهقة وقال المعهد، إن جمال مبارك، رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطنى، وحده الذى يستطيع الترشح للانتخابات الرئاسية التى تجرى 2011 المقبل، بسبب التعديلات الدستورية الأخيرة التى تضع شروطاً "مرهقة" على المرشحين المحتملين، لكن هناك ثغرات قد توفر مخارج نظرية للمتنافسين لكى يتأهلوا عبر البرلمان.
وأشار المعهد فى تقريره المطول، أمس، إلى أن هذا الاحتمال وشعور النظام الحاكم المتنامى بأن الشعب المصرى يرفض التوريث، من شأنهما أن يغريا الحزب الوطنى باللجوء للتزوير خلال الانتخابات البرلمانية، كإحدى وسائل سد هذه الثغرات.
وأعرب المعهد عن قلقه الشديد إزاء اللجوء إلى العنف، مشيراً إلى أنه بعد الجولة الأولى لانتخابات 2005 التى كانت سلمية، اشتعل العنف فى الجولتين الثانية والثالثة، لأن الحزب الحاكم أصبح قلقاً بشأن المكاسب التى حققتها المعارضة، فهذه الذكريات فى 2005، إلى جانب التزوير والعنف فى انتخابات الشورى الماضية، توحى بإمكانية ظهور أزمة انتخابية على الطراز الإيرانى فى الأفق المصرى، مشدداً على ضرورة أن تتخذ الولاياتالمتحدة عدداً من الخطوات المهمة بدءً من الآن وحتى شهر نوفمبر المقبل، لوقف مثل هذا التطور.
وقال المعهد «يجب أن توضح واشنطن للحكومة المصرية والمجتمع المدنى أنها معنية بهذه الانتخابات، وأن عملية التصويت البرلمانية والرئاسية ستكون لها أهمية فى تقدم العلاقات الأمريكية المصرية، وينبغى أن تؤكد الإدارة الأمريكية القيمة التى توليها للمراقبة غير المقيدة والتقارير التى تصدرها المنظمات المصرية».
وأوصى المعهد بضرورة قيام الولاياتالمتحدة بدعم مطلب المجتمع المدنى المصرى بقوة والذى يتمثل فى سماح الحكومة بمراقبين دوليين للانتخابات. ودعا المعهد واشنطن إلى العمل مع الاتحاد الأوروبى لتنسيق رسالتها وبرامجها معه فى هذا الصدد، مؤكداً أهمية تطوير برامج قوية مثل مبادرة الشراكة الشرق أوسطية لتمويل المجتمع المدنى خلال المرحلة المقبلة.
وقال المعهد «ينبغى ألا تعتبر الحرية فى مراقبة الانتخابات وإصدار تقارير بشأنها، بديلاً عن الحرية فى المنافسة بشكل حقيقى فيها»، منبهاً إلى أن المشاركين من عناصر المعارضة يجب أن يتم منحهم فرصاً متكافئة لخوض عملية انتخابية نزيهة وشفافة، ولابد أن يتم توصيل هذه الرسالة بقوة فى اللقاءات الثنائية التى تعقد، اعتباراً من الوقت الراهن وحتى شهر نوفمبر المقبل.
لا خلافات فى جمعية التغيير وعلى صعيد متصل، قال الدكتور حسن نافعة المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير أن "الجمعية والقوى السياسية ستحسم خلال شهر رمضان المقبل مسألة المشاركة في انتخابات مجلس الشعب القادمة إما بالمقاطعة لتعرية النظام الحالي ونزع الشرعية عنه أو باللجوء إلي الخطة (ب)، والتي تقضي بالمشاركة في الانتخابات بقائمة موحدة لقوي المعارضة تقوم لجنة خاصة بتشكيلها من القوي السياسية المختلفة".
وأضاف أنه حال المشاركة في انتخابات الشعب القادمة فإن نتائجها ستحسم مسألة المشاركة في الانتخابات الرئاسية 2011، بمرشح توافقي لقوي المعارضة من عدمه.
من جهة أخرى نفى المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، حصول أي شروخ أو انقسامات في صفوفها، وقال أنه لا خلاف بشأن الأهداف لكن ربما يكون هناك عدم توافق في وجهات النظر حول آليات تنفيذها.
وأوضح نافعة أن الجمعية تعمل وفق رؤية محددة تقوم على مسارين أولهما يضطلع به الدكتور محمد البرادعي عن طريق عقده للقاءات مع القوي الوطنية والشباب في مصر، الثاني تقوم به الجمعية الوطنية بالتنسيق والتعاون مع الأحزاب والحركات السياسية .
وأكد نافعة أن الحزب "الوطني" حاول الإيحاء بوجود خلافات بين الجمعية الوطنية والبرادعي، خلاف الواقع، وقال "هذا الكلام غير صحيح بالمرة، ورسالتنا للتغيير ستصل أقوي مما كانت عليه".
يذكر أن الجمعية ناقشت في اجتماع لها الأربعاء الماضي الخطة التي ستحرك من خلالها على مدى الأسابيع الستة القادمة لتكثيف العمل علي جمع التوقيعات علي بيان التغيير، والاستعداد لتحركات الجمعية لإعلان احتجاجها علي تزوير انتخابات الشورى الأخيرة.
وأكد نافعة أنه لا يوجد حتى الآن حصر دقيق للتوقيع الورقي أو الإلكتروني علي بيان التغيير بسبب ما وصفه ب"الحصار الشامل" الذي يفرضه النظام علي تحركات الجمعية.
خطة من 3 مراحل وناقشت "الجمعية الوطنية للتغيير" خطة عملها فى الفترة المقبلة، وكيفية استثمار الوقت المتبقى قبل انتخابات مجلس الشعب ورئاسة الجمهورية. وقال الدكتور حسن نافعة، المنسق العام للجمعية، فى مؤتمر صحفى عقب اجتماع أمس الأول بمقر حزب الجبهة إن الجمعية سوف تشهد انطلاقة جديدة كإطار جامع لجميع القوى السياسية باستثناء أحزاب «الوفد والتجمع والناصرى»،
موضحاً أن الجمعية وضعت خطة للعمل فى الفترة المقبلة من 3 مراحل، الأولى تستمر 6 أسابيع للتعريف بالجمعية كإطار جامع للقوى السياسية على مطالب التغيير، وتكثيف نشاطها من خلال عقد المؤتمرات الجماهيرية وجمع التوقيعات بجانب سلسلة من الوقفات الاحتجاجية أمام مجلس الشورى للتنديد بالتزوير الذى شهدته الانتخابات السابقة، وأخرى لرفض الطوارئ إلى جانب العمل داخل النقابات المهنية.
وتتعلق المرحلة الثانية بانتخابات مجلس الشعب المقبلة، موضحاً أن الاتجاه العام داخل الجمعية يتجه نحو المقاطعة إلا أنها لن تكون فعالة إلا باتفاق جميع القوى السياسية، وسيتم الاتصال بجميع القوى والأحزاب لاتخاذ موقف موحد سواء بالمقاطعة أو المشاركة، وإذا لم يستجب النظام لمطالب القوى السياسية ستلجأ الجمعية إلى الخطة «ب» وهى تكثيف الضغط على النظام والتنسيق مع القوى السياسية لخوضها بقوائم موحدة. وأوضح «نافعة» أن المرحلة الثالثة ستبدأ بعد انتخابات «الشعب» بتقييم نتائجها، وبحث سبل التحرك فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ورحب نافعة بالتطور الذى يشهده حزب الوفد بعد انتخاب رئيس جديد له، موضحاً أن قوة أى حزب لا تعتبر خصماً للجمعية، خاصة إذا كانت معارضة حقيقية تضيف للعمل السياسى، أما بالنسبة للإخوان فأكد أن التغيير لن يحدث بدونهم كما أنهم لن يحدثوا تغييراً بمفردهم، والقوى السياسية لن تسمح لهم بالسيطرة على الحياة السياسية فى مصر.
وقال محمد البلتاجى، أمين عام مساعد الكتلة البرلمانية للإخوان، الذى حق الاجتماع ممثلاً عن الجماعة، إنه قدم تقريراً بتفاصيل اللقاء للدكتور محمد بديع، المرشد العام، وأوضح الدكتور محمد المرسى، عضو مكتب الإرشاد، أن المرشد راض عن جمعية التغيير وفعالياتها.
سعي لمقاعد البرلمان من جهته، انتقد الدكتور عبدالحليم قنديل، المنسق العام للحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية»، اهتمام «الجمعية الوطنية للتغيير» بانتخابات مجلس الشعب المقبلة، وقال متسائلاً «ماذا ستفعل الجمعية بعد طلاقها وانفصالها عن الدكتور محمد البرادعى، خاصة أنها لم تحدد أهدافها؟!»، وتابع «أخشى أن تتحول إلى نسخة طبق الأصل من (الجبهة الوطنية للتغيير) التى كان يترأسها الدكتور عزيز صدقى».
وقال قنديل إن اهتمام «جمعية التغيير» بانتخابات مجلس الشعب المقبلة والبحث عن موقف موحد للمعارضة أو خوض الانتخابات بقائمة موحدة للمعارضة سوف يؤدى إلى إحباطات كثيرة عند الرأى العام ولدى أعضاء الجمعية أنفسهم، لأنه تفكير عدمى فى قضية لا قيمة لها، فالانتخابات المقبلة «مزورة» مسبقاً بقرار أمنى، ولن يسمح فيها بمنافسة حقيقية، والموقف الوحيد الذى يحفظ للمعارضة ماء وجهها هو مقاطعتها.
وأوضح قنديل أن مشاركة جماعة الإخوان المسلمين فى الجمعية الوطنية للتغيير بقوة يرجع إلى تركيز الجماعة على الفوز بمقاعد فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة، لأنه مجال اهتمامهم الرئيسى، موضحاً أن تقرب الدكتور البرادعى للجماعة لا يعنى أن هناك حالة غرام معه، لأنهم غير مهتمين بانتخابات الرئاسة.