فى الوقت الذى تتواصل فيه أزمة دول حوض النيل بين مصر والسودان ودول المنابع السبع بشأن سبل الاستفادة من المياه، توقعت صحيفة جارديان البريطانية نشوب أزمة جديدة بين كل من إثيوبيا وكينيا على خلفية مشروع سد إثيوبى على نهر آمو بهدف توليد الكهرباء. وتشير الصحيفة إلى أن النهر يمثل نحو 80% من مصادر مياه بحيرة تركانا المشتركة بين إثيوبيا وكينيا وسوف تؤدى إقامة السد إلى انخفاض منسوب مياه البحيرة بمقدار 10 أمتار وهو ما يفتح الباب أمام الصراع بين البلدين، على حد قول الجارديان.
وقال دبلوماسى غربى إن الطفرة التنموية الهائلة التى تشهدها إثيوبيا تفتح الباب أمام صراعات محتملة مع جيرانها خاصة بسبب مشروعات الرى والسدود المتتالية، مشيرا إلى أن هناك 3 سدود بالفعل قيد الإنشاء.ويبلغ ارتفاع السد 240 مترا، وسيولد 1800 ميجاوات من الكهرباء وهو ضعف إنتاج الكهرباء فى إثيوبيا عام 2009.وتنقل جارديان عن منظمات مدنية دولية عديدة تنديدها بمشروع السد الذى يحمل اسم «جيب3»بسبب الأضرار البيئية والاجتماعية الكثيرة الناجمة عنه.
وقال بيان لتلك المنظمات «إذا لم يتوقف بناء السد فإنه سيتسبب فى فقدان الأمن الغذائى، وربما الجوع المزمن، إضافة إلى تفاقم الصراع بين المجموعات المحلية للسيطرة على الموارد المتناقصة أصلا».
وزارة للشئون الأفريقية وعلى صعيد متصل، دعت لجنة "مصر والعالم" فى تقرير إلى المجلس الأعلى للسياسات بالحزب "الوطني" إلى استحداث وزارة تكون معنية بالشئون الأفريقية، على أن تكون مرتبطة بشكل مباشر برئاسة الجمهورية، ويتم منحها صلاحيات واسعة في سبيل استعادة الدور المصري، أو ما يطلق عليه القوة الناعمة بين الدول الإفريقية بشكل عام، ووسط دول حوض النيل بشكل خاص.
وجاءت المطالب باستحداث هذه الوزارة، بعدما رأت اللجنة أن غياب الاهتمام بدعم وتنمية العلاقات مع الدول الإفريقية، والتوقف عن المساهمة في مشروعات التنمية بتلك الدول ذات المصالح المشتركة مع مصر، كان على رأس الأسباب التي دفعت بدول حوض النيل إلى نقض الاتفاق التاريخي حول توزيع مياه نهر النيل، وإبرام اتفاقية منفردة تهدد حقوق مصر التاريخية في مياه النهر.
كما تضمنت التوصيات سلسلة من المقترحات الأخرى، من بينها فتح فروع للجامعات المصرية الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية وعين شمس في دول حوض النيل، والتوسع في تقديم منح كاملة لأبناء هذه الدول سواء للدراسة في مصر أو استكمال دراساتهم العليا في أغلب التخصصات وليس التركيز فقط على قطاعي الري والزراعة.
وتضمنت المقترحات كذلك ضرورة إعادة بث الإذاعات الموجهة باللغات الأفريقية والتي شهدت تراجعا كبيرا خلال العقود الأخيرة، فضلا عن مد إرسال عدد من القنوات المصرية لتصل إلى دول حوض النيل مع تخصيص مساحات واسعة من التغطية بشئون دول الحوض في الصحف الحكومية.
وسيخضع المجلس الأعلى للسياسات تلك التوصيات المقدمة من قبل أعضاء لجنة "مصر والعالم" للدراسة قبل رفعها لأجهزة سيادية تمهيدا لدخولها حيز التنفيذ، في إطار ما توصف بالمبادرات الخلاقة من أجل تسوية الأزمة المشتعلة بين مصر ودول منابع نهر النيل واستعادة الدور المصري في تلك الدول.
من جهته، يرى الدكتور إبراهيم نصر الدين أستاذ الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة أن مساعي مصر لاستعادة دورها في دول حوض النيل لا تزال متاحة رغم تجاهل مصر لهموم هذه الدول خلال العقود الأخيرة.
وقال "رغم الأخطاء لا تزال الآمال قائمة باستعادة هذا الدور، خصوصا إذا كانت هناك إدارة سياسية لتنفيذ المقترحات المطروحة، شريطة أن يتم هذا الأمر بشكل سريع ضمن تحرك استراتيجي لم تفرضه الأزمة الأخيرة بين دولتي المنصب ودول المنابع".
ورفضت مصر الاتفاق الإطاري الذي وقعت عليه دول المنابع لإعادة تقسيم مياه النيل، وتشترط أن يتضمن أي اتفاق ثلاثة بنود، الأمن المائي بما يضمن لها المحافظة على حصتها التاريخية من مياه النهر، وعدم إقامة أي مشروعات على النيل إلا بعد إبلاغ دولتي المصب، وأيضًا عدم اتخاذ القرارات إلا بالإجماع.
وبحسب اتفاق تم توقيعه بين القاهرة والخرطوم في 1959، تخصص 55.5 مليار متر مكعب من المياه في العام لمصر إي 87 بالمائة من منسوب النيل، فما تخصص 18,5 مليار متر مكعب للسودان.