تقدم محمود عفيفي محامي الشاب خالد سعيد "ضحية الطوارئ"، بمذكرة لكبير الأطباء الشرعيين اليوم الأربعاء، طالبه فيها بتوضيح عدد من الأمور التي لم تظهر في تقرير الطبيب الشرعي السابق، والذي حمل الكثير من التناقضات والمغالطات. وطالب المحامي في مذكرته، بضرورة توضيح ما ذكره التقرير الأول حول لون الدم، والواضح من الصور التي التقطت للمتوفي، أن اللون أحمر وليس غامقا كما هو متعارف عليه في إسفكسيا الخنق، كما أنه لم يوضح مدى سيولة الدم وقدرها، مشيرا إلى أنه معروف أن سيولة الدم تقل في حالات الإسفكسيا.
وتحدثت مذكرة عفيفي، أيضا عن تساؤلات بشان عدد من الآثار الظاهرة في جسد خالد، مثل مدى بروز العينين الذي يظهر بوضوح في حالات الإسفكسيا، وطالب بتوضيح حالة الدم في القلب والأوردة الغليظة بالإضافة إلى حالة اللسان ومدى بروزه.
كما أشار إلى عدم تحديد التقرير السابق لطبيعة الإصابات الموجودة في شفاه خالد، وعدم توضيح التقرير لمكان وجود اللفافة إلى البلعوم، ومدى ضغط اللفافة على الغضاريف الحنجرية.
وألمحت المذكرة إلي أنه رغم كبر حجم اللفافة، لم يوضح التقرير مقدار ضغط هذه اللفافة على الغضاريف الحنجرية، وهل أثر ذلك الضغط عليها وأحدث بها إصابات من عدمه، حيث كل ما ذكر أن الغضاريف الحنجرية سليمة بالرغم من كبر حجم اللفافة (2.5 × 7.5 سم)، بالإضافة إلى أنها لم تعاد إلى النيابة لتحريزها، أو التعرف علي شكلها من خلال مناظرتها، حيث قرر الطب الشرعي أنه حرز اللفافة بمعرفته وأرسلها إلى المعامل.
وطالب محامي خالد سعيد، كبير الأطباء الشرعيين، توضيح مدى إمكانية إدخال هذه اللفافة عنوة إلى فم المجني عليه واستقرارها في المكان الذي أشار إليه التقرير سواء حال الحياة أو بعد مفارقتها، وأضاف أن الطبيب الشرعي قرر أن مجري عملية التشريح لم تشمل الفم، ورغم ذلك واضح من الصورة -سواء كانت قبل التشريح أو بعده- فقد الجثة لسنتين على الأقل من الفك العلوي في الجانب الأيمن، لذا نرجو توضيح الأمر، وإذا كانت الأسنان غير موجودة، برجاء توضيح ما إذا كانت الجذور موجودة من عدمه، وهل كان فقدها حيويا أو غير حيوي.
إصرار على لانتهاكات من ناحية أخرى، أثارت نتائج اعتماد تقرير مصر فى المجلس الدولى لحقوق الإنسان، أمس الأول ردود فعل واسعة فى الأوساط الحقوقية، خاصة مع رفض مصر للتوصية الخاصة بالتصديق على البروتوكول الاختيارى لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللإنسانية، وذلك فى الوقت الذى شهدت فيه شوارع الإسكندرية حادثة مقتل الشاب خالد سعيد بعد تعذيبه على يد مخبرين.
حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أبدى قلقه من استمرار رفض مصر التصديق على البرتوكول الاختيارى لمناهضة التعذيب، مؤكدا أن «هذا الرفض يثير علامة استفهام، فهل تفرض الحكومة الحماية على مرتكبى جرائم التعذيب وترفض ضمان حق المواطنين فى التقدم بشكاوى للأمم المتحدة مباشرة».
أما بشأن إعلان مفيد شهاب، وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، الإفراج عن نحو 450 معتقلا منذ مد حالة الطوارئ فى بداية يونيو مع التعهد باقتصار تطبيقها على حالات الإرهاب والمخدرات فقط، قال أبوسعدة إن «هذا الرقم لم يعلن عنه فى القاهرة، ولا يمكن التحقق من صحته، وهو هزيل للغاية ولا يعبر عن تقديرات المنظمات لإجمالى المعتقلين الذين يصل عددهم لنحو 10 آلاف معتقل».
وطالب رئيس المنظمة المصرية الحكومة «بوضع جدول زمنى لتنفيذ التوصيات وإشراك المجتمع المدنى فى اقتراح برامج لتنفيذها على مدى السنوات الأربع المقبلة».
وقالت عايدة سيف الدولة، الناشطة بمركز النديم لعلاج وتأهيل ضحايا العنف، إن «رفض مصر التصديق على البروتوكول الاختيارى لمناهضة التعذيب أمر متوقع، ويعد أكبر دليل على استمرار مضيها فى سياسة التعذيب.
وأضافت «ليس غريبا أن اليوم الذى وقف فيه مفيد شهاب أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان للدفاع عن وضع مصر هو نفس اليوم الذى تناقلت فيه الصحف ووكالات الأنباء حادثة مقتل خالد سعيد على يد رجال الشرطة».
ولم تعوّل عايدة على حدوث أى تغييرات فى سجل حقوق الإنسان فى مصر «رغم قبول الوفد المصرى 21 توصية من بين ال25 التى كان أجل البت فيها فى جلسة المراجعة الدورية الشاملة فى فبراير الماضى».
ويرى محمود قنديل، المحامى بالنقض والناشط الحقوقى، إن «هناك مدينتين تم اللعب بهما على مدار الأسبوع الماضى، وهما مدينة جنيف حيث مقر المجلس الدولى لحقوق الإنسان الذى شهد دفاع الوفد الرسمى المصرى عن حالة حقوق الإنسان فى مصر، ومدينة الإسكندرية التى شهدت مقتل خالد سعيد بعد تعذيبه على يد المخبرين».
واعتبر قنديل أن السياسات الحكومية «توضح أن الدولة مصممة على ممارسة الانتهاكات بشكل منهجى، ولا أتوقع خيرا خاصة مع رفض الانضمام للبروتوكول الاختيارى لمناهضة التعذيب والمستهدف من هذا الرفض التغطية على التعذيب المنهجى».
وتوقع قنديل «تنفيذ الحكومة للتوصيات ذات الطبيعة الشكلية التى لا تؤثر على سياستها المنهجية»، ولفت إلى «استمرار رفض مصر لاستقبال المقرر المعنى بالتعذيب وحرية التعبير واستقلال القضاء والمحاماة».
وقال «كان على الحكومة فتح الأبواب لهم للوقوف على حقيقة مقتل خالد سعيد والأزمة المتفشية فى رحاب العدالة الآن».
فى 28 ديسمبر 2002 تبنت الجمعية العامة البروتوكول الاختيارى لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللإنسانية، ويختلف البروتوكول عن الاتفاقية فى عدد من الجوانب حيث يتضمن آليات دولية ووطنية لمنع التعذيب من خلال تنظيم زيارات لتقييم الأوضاع فى أماكن الاحتجاز، والتعرف على أى من الممارسات التى يتعرض لها المحتجزون سواء التعذيب أو المعاملة المهينة.
ويتضح هدف البروتوكول فى المادة 1 التى تنص على أن هدفه هو «إنشاء نظام قوامه زيارات منتظمة تضطلع بها هيئات دولية ووطنية مستقلة للأماكن التى يحرم فيها الأشخاص من حريتهم، وذلك بغية منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة». ويأتى تبنى الجمعية العامة لهذا البروتوكول لعدم ضمان الآليات الواردة بالاتفاقية لحقوق الإنسان وحمايته من التعذيب بالقدر الكافى فمازالت الدول تتعنت ولا تقبل زيارة المقرر الخاص المعنى بالتعذيب لها كما أن البروتوكول يحاول منع التعذيب قبل وقوعه وليس مجرد رد فعل على ممارسات قد تكون ارتكبت.