أثارت الانشقاقات التي شهدها الحزب "الوطني" من جانب العديد من القيادات والأعضاء المستبعدين من الترشح لانتخابات مجلس الشورى، انقسامات بين قيادات الحزب حول سبل التعامل مع الخارجين على الالتزام الحزبي، ففي حين يفضل فريق داخل الحزب اعتماد سياسة هادئة في لاحتواء هذا الانشقاق، يتمسك الفريق آخر بضرورة مواجهة الأمر بحزم وبشدة، وإقالة جميع المنشقين من عضوية الحزب. وتسود مخاوف قوية داخل أروقة الحزب من أن تؤدي الانشقاقات إلى التأثير على حظوظ مرشحي الحزب خلال الانتخابات المقبلة، لاسيما وأن العديد من الأسماء المنشقة ذات ثقل كبير وتتمتع بشعبية عريضة في دوائرهم الانتخابية، وهو ما يمكن أن يتسبب في تفتيت الأصوات، على غرار ما حصل في انتخابات مجلس الشعب عام 2005، التي لقي فيها "الوطني" هزيمة مذلة لولا استقطابه للمرشحين المستقلين ليتمكن من تحقيق الأغلبية البرلمانية.
وانقسمت الآراء داخل الحزب إلى معسكرين حيال مواجهة الانشقاق؛ الأول يقوده أحمد عز أمين التنظيم بالحزب ويرى ضرورة التعامل بشكل صارم مع الانشقاقات، وفصل جميع الأعضاء الذين خرجوا على الالتزام الحزبي وقدموا أوراق ترشحهم للانتخابات في مواجهة مرشحي الحزب.
أما الفريق الآخر فيقوده صفوت الشريف الأمين العام ويفضل التعامل مع الأمر بشيء من التريث واحتواء الانشقاقات من خلال دراسة كل حالة على حدة، حتى لا تؤدي العقوبات الصارمة إلى الإضرار بالحزب مع اقتراب مجلس الشعب في أكتوبر، والانتخابات الرئاسية في العام القادم.
ويحظى الشريف بدعم قياد الحزب في عدم التعامل الخشن ومواجهة الانشقاقات باستئصال الأعضاء الخارجين على الالتزام الحزبي، وبذل مساع لإقناع المنشقين بالتراجع عن ترشحهم مقابل وعود انتخابية لهم خلال الاستحقاق البرلماني القادم.
وكان الحزب قد رشح 92 للمنافسة على 88 مقعدًا في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، وهو ما يعني مواجهة بين مرشحي الحزب في بعض الدوائر، وهو ما بررته قيادات الحزب لموائمات قبلية وعائلية في بعض الدوائر.
ويعزز تعيين المنشقين سابقا في المواقع القيادية داخل الحزب من الاتجاه المطالب بتطويق أزمة المنشقين بسرعة قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، أو يفكر بعضهم في الانضمام لأحزاب أخرى، أو إبرام تحالفات مع بعض الاتجاهات المضادة للحزب.