مع التطور النوعي في العلاقات العسكرية التي تحكم الدول في العالم، وارتفاع وتيرة العنف المتزايد على امتداد الحدود الجغرافية بين البلاد، برز نوع جديد من الأسلحة التي يمكن من خلالها الاستعاضة عن العنصر البشري في المعارك العسكرية، وهي “أسلحة الذكاء الاصطناعي”، كي تكون وسيلة من وسائل التفوق العسكري، فضلًا عن تكلفتها المُنخفضة. خلال السطور التالية، نوضح ما هي أسلحة الذكاء الاصطناعي، وحدود قدراتها العسكرية، ومدى قدرتها على إحلالها محل العنصر البشري في المعارك العسكرية، وكذللك أبرز الدول المُستخدمة لهذا النوع من الأسلحة، وأخطارها على البشر. ماهي أسلحة الذكاء الاصطناعي؟ هي “أسلحة التحكم الإلكتروني الذاتي”، والتي تشمل الروبوتات المحاربة والطائرات بدون طيار، وهي قادرة على أن تختار، حال تشغيلها، أهدافا معينة وتشتبك معها دون الحاجة إلى تدخل إضافي من العنصر البشري، بحيث يتم إحلالها محل الجندي شيئًا فشيئًا. وتشمل هذه الأسلحة آلات ومنظومات تكنولوجية مصنوعة، وهي مُزودة بأجهزة استشعار تسمح لها بقدر من إدراك الظرف، وبواسطة المعالجة أو الذكاء الاصطناعي تقرير الاستجابة لحافز مُعيّن، والشروع في تنفيذ القرارات. ومعظم الدول تفتح طريقها نحو بناء جيشها والتسلح بالجنود الآلية، وأجهزة التحكم الذاتي، وستصبح رخيصة جدًا بسبب توافر المواد الخام التي تُصنع منها تلك الأسحة، وسهولة استخدامها. ويرى جيمز بارات، مؤلف كتاب “آخر اختراعاتنا: الذكاء الصناعي ونهاية البشرية” أننا على بعد 15 عامًا من سيناريو فيلم “Terminator”، الذي يتولى فيه الروبوت خوض الحروب بشكل كامل، ويؤكد على وجود سباق مستعر لتطوير أسلحة ذكية. وإذا ما كان الجيش الأمريكي يحلم بتطوير جنود آليين، فهذا سيعني مستقبليًا أن الروبوتات هذه ستتخذ القرارات بنفسها ولن تكل ولن تملّ وقد تكون لها فوائد أخرى. أسلحة الذكاء الاصطناعي .. أخطر على البشرية من الأسلحة النووية تمثل أسلحة الذكاء الاصطناعي خطرًا يضاهي خطر الأسلحة التقليدية الخاضعة، حيث ستؤدي أسلحة الذكاء الاصطناعي عن طريق استخدام تعديلات واختراقات يمكن الوصول إليها بسهولة عبر الإنترنت إلى تحويل الكثير من أسلحة الذكاء الاصطناعي إلى ماكينات قتل قادرة على إحداث أسوأ ممارسات الأسلحة الكيميائية، والأسلحة البيولوجية، والرصاصات المتفجرة خصوصًا أنها ليست خاضعة لتحكم البشر. كما أن المسألة التي تضاعف من خطورة هذه الأسلحة هي سهولة اختراقها، حيث يظهر التاريخ أن أي جهاز حوسبة يمكن إخضاعه في النهاية لمحاولات الاختراق المثابرة الهادفة إلى تغيير وظيفته، بجانب أن استخدام ماكينة الذكاء الاصطناعي لأغراض مدمرة سيكون أسهل كثيرا من تطويع مفاعل نووي. يقول يورغن ألمتان، المؤسس المشارك للجنة الدولية لمراقبة أسلحة الروبوت: “لقد حاولتُ التحاور مع صانعي الأسلحة ولكنهم غير مهتمين بصراحة بالقانون الإنساني الدولي”. أبرز الدول التي تمتلك أسلحة الذكاء الاصطناعي؟ الولايات المُتحدة الأمريكية: تمتلك أمريكا طائرة X-47B بدون طيار، وهي تمثل شريحة تكنولوجية عالية في نظم الطائرات بدون طيار، وستكون ضمن سلسلة مشاريع تهدف إلى بناء أسطول طائرات مقاتلة بدون طيار. يبلغ طول الطائرة 11 مترًا والمسافة بين طرفي الجناح 18 مترًا وارتفاعها 3 أمتار ووزنها الصافي 6350 كجم. وتستطيع الإقلاع بوزن يناهز 20 ألف كجم. تبلغ سرعة الطائرة 45 ماخ وتستطيع التحليق على ارتفاع 12215 متر. الطائره تعتبر التطوير لطائرة B2 القاذفة “الشبح”. فيديو يظهر الطائرة المقاتله X-47B وهو عبارة عن نظام قتالي جوي يمكنه شن هجوم على أهداف محددة دون الحاجة إلى أي تدخل بشري كما تخطط البحرية الأمريكية والقوات الجوية لتطوير مقاتلات الجيل التالي من الطائرات القتالية، بحيث لاتكون القيادة فيها بواسطة الطيار البشري، فتُصبح مقاتلات المستقبل مزودة بطيار روبوت يمكن أن يساعد في تنفيذ البيانات والمهام الحساسة بالإضافة إلى الهبوط بشكل مستقل بالطائرة على متن حاملات الطائرات. حسب المعهد البحرية الأمريكية (USNI)، فقد يبدأ الروبوت الملاح في الظهور مع الطائرات خلفاء البوينغ F / A-18E F والطائرات سوبر هورنيت، ولوكهيد مارتن F-22 رابتور، كما ستعمل البحرية الأمريكية على الطراز F / A-XX ويعمل سلاح الجو على F-X، مع تصميم يجهز بحلول عام 2030 على أقرب تقدير. وقد أنفقت الولاياتالمتحدة في الأعوام الأخيرة 6 مليارات دولار سنويا على الأنظمة غير المأهولة المُستخدمة في الحروب، كما قامت وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية (DARPA) بتطوير الروبوتات العسكرية وتمويل المشاريع مثل روبوت LS3 المًصَمَّم للسير على الطرق الوعرة، الذي ابتكرته شركة بوستون دَيناميكس الأمريكية. روسيا: تمتلك روسيا منصة روبوتية مدرعة متحركة من المقرر الانتهاء منها بحلول نهاية 2015، وهي قابلة للاستخدام في البيئات الخطرة مثل ساحات المعارك، ومناطق الأنشطة النووية. كما تستطيع هذه المنصة الجديدة أن تعمل في الظروف الجليدية الصعبة في القطب الشمالي أو مناطق إزالة الألغام. المنصة الجديدة تحمل الاسم URP-01G، وتزن ما يصل إلى 7 أطنان، وهذا يتوقف على مدى التجهيزات من المعدات والأسلحة التي تحملها. ويبلغ طولها حوالي 3.5 متر، وعرضها أقل من 2 متر. وتستطيع المنصة الروبوتية حمل ما يصل إلى 2 طن من الأجهزة والأسلحة، وسرعتها القصوى تصل إلى 40 كم/ساعة. ويمكن للمنصة الروبوتية URP-01G أن تتحول إلى وحدة حرب راديوية إلكترونية مجهزة بالاتصالات اللازمة، وهو ما يعني أنها يمكن أن تستوعب نظم إمدادات الطاقة ذات القدرات العالية، كما أنها تستطيع تلقي الأوامر والعمل على بعد 10 كلم من مركز التحكم، ولكن هناك خطط لتحويلها إلى نظام تحكم ذاتي بقدرات الذكاء الاصطناعي، أي أنها ستكون قادرة على تحديد أهدافها بطريقة مستقلة، وقد تم تصميمها بحيث يمكن أن تُحمل داخل شاحنة عسكرية أو يمكن أيضا نقلها جوا. نموذج الروبوت المقاتل الجديد في معرض عسكري روسي إسرائيل: في عام 2012، نشرت إسرائيل نظام أسلحتها الدفاعية الأوتوماتيكية “القبة الحديدية” المضادة للصواريخ ووضعها في منطقة تل أبيب، وتستطيع البطاريات داخل هذه الأنظمة توفير حماية من صواريخ مهاجمة يتراوح مداها بين 5 كيلومترات و70 كيلومترا إضافة إلى قذائف المورتر، كما أن هذه الصواريخ المضادة لا تنطلق إلا إذا رصد النظام صواريخ يمكن أن تسقط على منطقة عمرانية. كوريا الجنوبية: تعد كوريا الجنوبية رائدة في مجال أسلحة الذكاء الاصطناعي، لأسباب مرتبطة بحالة الدولة التي تعيش حالة حرب دائمة مع جارتها كوريا الشمالية، كما يبرر المسؤولون السياسيون داخل الدولة. ونشرت كوريا الجنوبية على الحدود بينها وبين كوريا الشمالية الروبوت “SGR-A1″ بدوريته، الذي تقتصر مهامه حين يلاحظ وجود شخص ما يطالبه أوتوماتيكيًا برفع يديه، ويمكنه التعرف على الهدف على بعد ميلين. 30 ثانية هي المدة التي برمج عليها هذا الإنسان الآلي قبل أن يطلق النار على المتسللين عبر الحدود. وفي عام 2001، أعلنت كوريا الجنوبية عن مدفعها الأوتوماتيكي “سوبر إيجيس 2″، وهو أحد أكثر أسلحة الذكاء الاصطناعي تطورًا، حيث تتوفر لديه قدرات تحديد وتعقب وتدمير الهدف المُتحرك من مسافة بعيدة دون تدخل بشري.