ركزت الصحف الصهيونية الصادرة صباح امس الاحد وبالعناوين البارزة في الصفحات الاولى، على ما كشفته مصادر امريكية عن وثائق للوكالة الدولية للطاقة الذرية تفيد بانّ الترسانة السرية من الاسلحة النووية في الدولة الصهيونية ستخضع لفحص وتدقيق غير مسبوقين من خلال ادراجها على جدول اعمال اجتماع هام للوكالة الذرية في السابع من يونيو المقبل. وكتب المحلل للشئون الامنية والاستخباراتية في صحيفة "يديعوت احرونوت" رونين بيرجمان، في الصفحة الثانية انّ البند الثامن في جدول اعمال جلسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية "يجب ان يقلق اسرائيل كثيرا لسببين: السبب الاول هو انّ اللجنة للطاقة النووية الاسرائيلية واجهزة الاستخبارات الاسرائيلية علمتا عن وجود البند في جدول الاعمال من وكالة انباء امريكية، وليس من مصادرها". السبب الثاني، والاكثر اهمية، برأي المحلل، انّ الحديث يدور عن ما اسماه بالتآكل الآخذ في جدار الضبابية التي تفرضها الدولة الصهيونية منذ سنوات الستينيات حول ما يجري خلف جدران مصنع القماش في ديمونا، على حد وصفه. ويرى المحلل انّ دور الولاياتالمتحدةالامريكية مر بتغييرات مقارنة مع الادارات السابقة. فقبل اربع سنوات افشل المندوبون الامريكيون، منهم وزير الحرب دونالد رامسفيلد، في مؤتمر ميونيخ الامني طرح النووي الصهيوني، كما انّ الرئيس الامريكي الاسبق، بيل كلينتون، افشل هو الاخر في العام 1995، المشروع المصري القاضي بالزام الدولة الصهيونية على الكشف عن ترسانتها النووية، وتساءل عن الاسباب التي ادت الى تغير موقف الادارة الامريكية الحالية، وان كان ذلك نكثا بالاتفاق القديم الموقع في العام 1969، بين جولدا مائير والرئيس الامريكي انذاك، ريتشارد نيكسون، الذي نص على تتبع تل أبيب الضبابية حول مشروعها النووي مقابل امتناع الولاياتالمتحدة الضغط عليها للتوقيع على معاهدة حظر السلاح النووي او فتح مفاعلها للوكالة الدولية للطاقة الذرية. جدير بالذكر انّ رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية سابقا، محمد البرادعي، كان قد زار الدولة الصهيونية قبل عدة سنوات، وعلى الرغم من طلباته المتكررة رفض اركان الدولة الصهيونية السماح له بزيارة المفاعل النووي في ديمونا، جنوب الدولة الصهيونية. احد الاجوبة التي يضعها الكاتب ترى انّ السبب وراء موقف الرئيس الامريكي، باراك اوباما، الداعي لاخلاء الشرق الاوسط من سلاح الدمار الشامل هو ايديولوجيته الليبرالية التي تؤمن بجد بانه يمكن اخلاء المنطقة من سلاح الدمار الشامل حتى قبل التوصل لتسوية شاملة او حرب شاملة. جواب آخر برأي المحلل ممكن يتعلق بمنظومة العلاقات بين الدولتين، والغضب الامريكي من السياسة التي تنتهجها حكومة نتنياهو تجاهه على الصعيد الفلسطيني، فقررت ازالة جزئية لما اسماها بالسترة الواقية التي غطت فيها الدولة الصهيونية لسنوات في ما يخص ملفها النووي. وترى جهات في الاستخبارات الصهيونية، حسب الكاتب، ان الادارة الامريكية "مقتت" نتنياهو وسيكونون سعداء برؤية الدولة الصهيونية تنزف بسبب هذا الموضوع، على حد وصفه. ويرجح المحلل ان الحقيقة تقع بين الجوابين المطروحين، فبرأيه تقرأ الدول العربية بصورة صائبة التغيرات الحاصلة لدى الادارة الامريكية برئاسة باراك اوباما وتقصف الدولة الصهيونية في العاصمة النمساوية، فيينا. وحسب الكاتب، المعروف بارتباطاته الوطيدة مع الاجهزة الامنية في الدولة الصهيونية، فلو كانت تل أبيب موقعة على معاهدة حظر اسلحة الدمار الشامل، فانّ نقاش النووي الصهيوني في الوكالة الدولية قد يتسبب باتخاذ مجلس الامن الدولي قرارا يدين الخرق الصهيونى للمعاهدة، الامر الذي يمهد الطريق لفرض عقوبات عليها، وبما انّ تل أبيب لم توقع على المعاهدة فانّ ذلك لن يحصل لها. غير أن المحلل بيرجمان، يرى ان مجرد بحث النووي الصهيوني في الوكالة الدولية، الهيئة الاكثر اهمية في هذا المجال، هو امر سيئ واشكالي بالنسبة لتل أبيب. فحسب العقيدة الصهيونية التي وضعها المسئول السابق عن الامن في اجهزة الامن الصهيونية، يحيئيل حوريف، فانّ اي نقاش او انشغال او مطالبة بالرقابة على ما يحصل في ديمونا هي امور سيئة لتل أبيب، بحسب رأيه. واوضحت الصحيفة ان مصر تطالب في الاسابيع الاخيرة بشدة وبالحاح الدولة الصهيونية بالتوقيع على الوثيقة بعد رفض الهند وباكستان ايضا التوقيع على الوثيقة وذلك لضمان ان يكون الشرق الاوسط خاليا من اسلحة الدمار الشامل، وشددت الصحيفة على انّ الطلب المصري ليس جديدا، الا ان الجديد هذه المرة هو ان الولاياتالمتحدة، وباقي الدول الاعضاء الدائمين في مجلس الامن تدرس امكانية تبني هذا الطلب. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين اوروبيين مطلعين على الاتصالات بين زعماء الدول الكبرى انّه قد يتم تبني الطلب المصري في جلسة خاصة، كما نقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي قوله انّ اصرار القاهرة على ذلك سيكون نقطة تحول في القضية، وتمنى الدبلوماسي ان تلين القاهرة موقفها المتشدد في هذا الموضوع. واعتبر دبلوماسيون اوروبيون ان تفكير واشنطن في تبني الطلب المصري بمثابة الدليل الواضح على سوء العلاقة بين الدولة الصهيونية والولاياتالمتحدة، ومع ذلك فانّ الجميع مقتنع ان تل أبيب لن تتخلى عن سلاحها النووي في المرحلة الراهنة. وخلصت الصحيفة الصهيونية الى القول، نقلا عن مصدر سياسي رفيع في تل ابيب، انّ النووي الصهيوني اهم بالنسبة لمصر من النووي الايراني.