قال الفاتيكان أن عدد المسيحيين فى مصر لا يتعدى رقم ال 4.5 مليون نسمة، من تعداد مصر البالغ 80 مليون نسمة، وهى نسبة تتقارب بشدة مع الإحصائية التي أصدرها مركز "بيو" الأمريكي للأبحاث في أكتوبر الماضي. وأثارت الإحصائية حالة من الصدمة داخل الكنيسة، خاصة وأن تقديرات العديد من القيادات الكنسية تشير إلى أن عدد الأقباط في مصر تتراوح ما بين 10 ملايين و 15 مليون قبطي، فيما أعلن البابا شنودة أن عدد الأقباط 12 مليونا، وقال الأنبا أرميا الأسقف العام وسكرتير البابا شنودة في تعقيبه ن عدد الأقباط تجاوز ال 11 مليونا وطالب الفاتيكان بعدم التدخل في شئون المسيحيين المصريين.
من جانبه، أكد الباحث والمفكر الدكتور رفيق حبيب أن إحصاء الفاتيكان هو الأقرب إلى الواقع لأنه يستند إلى العديد من الإحصائيات والدراسات العلمية، لافتا إلى أن معظم الإحصائيات الرسمية السابقة التي أجريت في مصر منذ الخمسينيات تؤكد أن نسبة المسيحيين من إجمالي تعداد المصريين تتراوح ما بين 6 و 8 %، كما أن العديد من الجهات العلمية الخارجية أكدت هذه النسبة.
وقال استنادا إلى دراسة علمية لجامعة "أكسفورد" البريطانية إن فروق المواليد بين المسلمين والمسيحيين في مصر تؤدي إلى تناقص نسبة المسيحيين بمقدار 2 % كل مائة عام نظرا لتزايد مواليد المسلمين على مواليد المسيحيين، وأضاف "لو افترضنا أن نسبة المسيحيين في مصر في مطلع القرن العشرين كانت تبلغ 8 % من سكان مصر فإنها الآن تصل إلى 6 % وهو ما يجعل تلك الإحصائية اقرب إلى الصواب.
وأشار إلى إحصائية مركز "بيو" الأمريكي التى سبق وأن أكدت أن نسبة المسيحيين 5, 4 % من نسبة السكان، موضحا أن كافة الأرقام والإحصائيات والدراسات تظهر أن نسبة عدد المسيحيين إلى المسلمين تدور في إطار النسبة التي أعلنها الفاتيكان، ولا توجد أي مؤشرات عن أن نسبة المسيحيين تتجاوز أكثر من 6 % من إجمالي تعداد السكان في مصر.
لكنه قال إن تلك النسبة لا يجب أن تكون سببا في حرمان المسيحي من حقوقه المختلفة كمواطن مصري يعيش جنبا إلى جنب مع المسلم في وطن واحد، فقلة العدد أو كثرته لا يجب ربطها بالحصول على الحقوق.
وحول رفض الكنيسة الأرثوذكسية لهذه الإحصائيات، قال حبيب إن ذلك ليس جديدا لأن الكنيسة وقياداتها لم يعترفوا في يوم من الأيام بأي إحصاء حول أعداد المسيحيين في مصر، حتى أنه عندما أجرت بريطانيا إحصائية عن عدد المسيحيين أثناء احتلالها لمصر ورغم أنها "محايدة" إلا أنها رفضتها، مثلما رفضت الإحصائية التي أجريت في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وحتى التي أجريت في التعداد السكاني عام 1986.
وقال إن التقديرات الكبيرة التي تعلنها الكنيسة وقياداتها حول عدد المسيحيين قائمة على شقين، الأول هو أن الإحصائيات التي تعلنها الجهات الأخرى غير دقيقة وقائمة على تزوير الأرقام والإحصائيات، أما الشق الثاني فهو الادعاء بأن الكثير من المسيحيين لا يحملون بطاقات الرقم القومي خاصة في الأرياف، مرجعا ذلك إلى الرغبة في الحفاظ على مكاسب سياسية أو المطالبة ب "كوتة سياسية"، لأن قيادات الكنيسة عندما تؤكد أن نسبة المسيحيين 10 % يترتب عليه المطالبة بتخصيص نفس النسبة مناصب ومقاعد برلمانية للمسيحيين.
في المقابل، رفض الكاتب والمفكر جمال أسعد عبد الملاك إحصائية الفاتيكان، واعتبرها تدخلا فيما لا يعنيها قال إنه يأتي في غير صالح الكنيسة والمسيحيين ويثير النعرات الطائفية في مصر لخدمة مصالح غربية، متسائلا عن الأساس التي استندت إليه في ظل تضارب أرقام عدد المسيحيين في مصر، معلنا تحديه لأي جهة تصدر إحصائية دقيقة حول عدد المسيحيين في مصر؟.
وقال أسعد إنه يرفض الحديث عن أعداد المسيحيين والمسلمين في مصر سواء كان ذلك من جانب الطرف المسلم أو القبطي، لأن ذلك يقود إلى نظام "المحاصصة" ويؤدي إلى ما أسماه "لبننة" مصر، كما أن ذلك يكرس الطائفية والقسمة ويخدم الأجندات الأجنبية الرامية إلى تقسيم مصر على أساس ديني، مطالبا بتفعيل مبدأ المواطنة وليس إثارة الفتنة من خلال الحديث عن أرقام ونسب المسيحيين والمسلمين.