في ستينيات القرن الماضي حدثت نفس الهجمة على الإسلاميين.. اعتقلهم عبد الناصر ورماهم في غياهب السجون وشكل لهم محاكم تفصيل حكمت بإعدام العلماء والشيوخ ومن بينهم العلامة سيد قطب. في هذا الوقت انتفضت الحكومة السعودية أو شعبها ونددت بهذه الأحكام ووصفتها بالإرهابية وبالقضاء المسيس. والآن تتكرر الكارثة بانقلاب 30 يونيو واختطاف الرئيس الشرعي المنتخب والحكم بإعدامه وب24 سنة سجن حتى الآن. فهل تتكر هبة الستينات وتنتفض السعودية حكومة وشعبا كما فعلت في الماضي فقد أعادت أحكام الإعدام التي صدرت في مصر بحق الرئيس المصري محمد مرسي، وقيادات جماعة الإخوان المسلمين، ورافضي الانقلاب العسكري، الذي قاده عبد الفتاح السيسي، إلى الأذهان أحكام الإعدام التي نفذتها حكومة الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر، بحق سيد قطب وعدد من قيادات الجماعة في ستينيات القرن الماضي، وهو ما أثار سخطًا واسعًا في العالم الإسلامي آنذاك، وكانت السعودية في قلب هذا السخط. السيسي وناصر.. الحرب على الإسلام وعلى الرغم من أن مراقبين توقعوا أن تنأى المملكة العربية السعودية، بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز، بنفسها عن التدخل في الأزمة المصرية، والمخاطرة بعلاقتها مع السيسي لحساب الإخوان المسلمين، إلا أن تفاقم الأوضاع وبلوغها ذروة التوتر مع الحكم النهائي بإعدام الرئيس المنتخب محمد مرسي، وعدد من قيادات الجماعة، تستدعي إلى الذاكرة ردة فعل المملكة وعلمائها وصحفها تجاه إعدام قطب ورفاقه. فقد لاقت أحكام الإعدام التي أصدرتها المحاكم المصرية في عهد عبد الناصر، بحق سيد قطب وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، سخطًا واستياء واسعين بين علماء المملكة في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز، وكذلك الحال بعد تنفيذها. القاهرة تنفذ مخططها الإرهابي وأبرزت الصحف السعودية الأنباء التي تتحدث عن الأحكام، ووصفتها ب"الجائرة" و"الإرهابية"، محذرة من "حرب يشنها عبد الناصر على الإسلام". وصدّرت صحيفة الندوة السعودية، الصادرة عام 1966، صفحتها الرئيسية بالمانشيت العريض: "سخط إسلامي شامل على الحكم الإرهابي في القاهرة"، وعنونت ب:"القاهرة تنفذ مخططها الإرهابي ضد الإسلام في مصر". حسب الخليج أونلاين أما جريدة البلاد فقد أبرزت نداء وجهه علماء الحرمين الشريفين إلى الرئيس المصري، جمال عبد الناصر، يناشدونه فيه الإبقاء على حياة سيد قطب وزملائه. وذكّر العلماء في رسالتهم عبد الناصر بالآية الكريمة: "﴿واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون﴾ التوقيع علماء الحرمين الشريفين بمكة والمدينة". مخطط ناصري رهيب لإبادة الإسلام من جهتها، صدرت جريدة عكاظ في مانشيت الصفحة الرئيسية: "تنفيذ حكم الإعدام في الشهيد سيد قطب واثنين من زملائه". وتضمن خبرها أنه قد وصل الإذاعة العربية السعودية العديد من الرسائل الهاتفية والبرقيات الناقلة لأسى أصحابها وحزنهم إزاء هذا الخبر، مشاركين أسرة الإذاعة في ذلك. وفي مانشيت آخر، حذرت الصحيفة من "مخطط ناصري رهيب لإبادة الإسلام في مصر"، وأردفت بعنوان "الإعدام والسجن والتعذيب ومصادرة الأموال وإفساد النساء والحرمان من التعليم". ونشرت جميع الصحف السعودية خطاب الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة، والذي أكد أن "الأنباء الرهيبة" التي تناقلتها الصحف ومحطات الإذاعة حول أحكام الإعدام بحق سيد قطب وإخوانه " أشاعت القلق والأسى في نفوس المسلمين، وبخاصة علماء الجامعة الإسلامية في دار الهجرة". واستنكرت الجامعة في خطابها، باسم أساتذتها وطلابها "الحكم الخطير"، ودعت إلى إعادة النظر فيه وإلغائه، لافتة إلى أن هذه الأحكام ليست في مصلحة الحكومة المصرية ولا الشعب المصري. ووقع الخطاب من قبل نائب رئيس الجامعة، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الذي أصبح لاحقاً مفتي المملكة، قبل أن يتوفى عام 1999. "لماذا قتلوهم"، وتحت عنوان: "لماذا قتلوهم"، نشرت صحيفة سعودية، في أحد أعمدتها، مقالة لوزير المعارف، الشيخ حسن آل الشيخ، معلقاً على إعدام قطب وزملائه. لم يستغرب الوزير تعليق "رجالٍ آمنوا بالله وأخلصوا له" على أعواد المشانق، في إطار "حرب كائدة مجرمة من أعدائه (الإسلام) الحاقدين عليه"، ولكنه، في الوقت ذاته، عبر عن استغرابه من تجاهل المسؤولين المصريين لمشاعر المسلمين في كل بقاع الأرض التي احتجت على إعدام قطب، الذي وصفه الوزير ب"الزعيم الشهيد". من جهته، كتب رئيس الهيئات الدينية في المملكة، عمر آل الشيخ، رسالة وجهها لعبد الناصر، نشرت في صحيفة سعودية تحت عنوان: "برقيات الاستنكار ضد أحكام القاهرة بإعدام أعضاء جماعة الإخوان المسلمين"، دعا فيها عبد الناصر لإعادة النظر في "الحكم الجائر"، مخاطباً إياه بالقول: "إنه صفحة سوداء في تاريخكم، وعواقبه وخيمة في الحاضر والمستقبل إلى أبعد حد". مقتل 500 مصري هتفوا ضد الاشتراكية والإرهاب وأبرزت جريدة الندوة السعودية خبر مقتل 500 مصري خلال الاحتجاجات التي اندلعت في مصر على أحكام الإعدام، إذ كتبت بالمانشيت الأحمر: "مقتل 500 مصري هتفوا ضد الاشتراكية والإرهاب". وأضافت أن مظاهرات صاخبة خرجت في الأردن وباكستان احتجاجًا على إعدام سيد قطب ورفاقه، متابعة أن "المتظاهرين يستنكرون الحكم الإرهابي وينددون بحكام القاهرة". جريدة المدينةالمنورة السعودية كتبت بالمانشيت العريض أيضاً: "إعدام سيد قطب ورفاقه في مصر يثير سخط العالم الإسلامي واستنكاره"، وأرفقت لسيد عدة صور ونعتته ب"سيد الشهداء". أما جريدة عكاظ السعودية، فقد أبرزت في صفحتها الأولى، بالمانشيت الأحمر: "إعدام سيد قطب مأساة يندى لها جبين العرب والمسلمين"، وكتبت في العنوان الفرعي: "عبد الناصر يعلن الحرب على الإسلام تماشيا مع سياسة زج مصر في طريق الشيوعية"، واصفة إياه أنه "عدو الإسلام ودكتاتور".