تسارعت وتيرة التدهور في العلاقات بين مصر والجزائر، بشكل غير مسبوق، فيما بدا انه يحظى بدعم غير محدود من القيادة السياسية في البلدين، وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أن هناك إجماعاً على تقديم ملف متكامل بكل التجاوزات الجزائرية، والتي ستكون بشكل موثق ومدعم بالمستندات والصور وملفات الفيديو. وطالب سمير زاهر الجانب السوداني بكشف كل ما لديه من حقائق ومستندات عن الحرب الكروية التي أشعلها الجزائريون في مدينة ام درمان، التي أقيمت بها المباراة يوم الثامن عشر من شهر نوفمبر الجاري. وقال زاهر إنه سيتم الاستعانة بمحام إيطالي يدعى مونتيرو، متخصص في مثل هذه النوعية من المنازعات الكروية في الاتحاد الدولي لكرة القدم والمحكمة الرياضية الدولية، ويتضمن الأمر جمع كل المستندات والوثائق من كل مصري سافر إلى السودان وسجل بالصوت والصورة التجاوزات الجزائرية ضد الجماهير واللاعبين المصريين. من جهة ثانية أعلن المهندس حسن صقر رئيس المجلس القومي المصري للرياضة أن الرئيس محمد حسني مبارك قرر منح لاعبي وأعضاء المنتخب الوطني الأول لكرة القدم مكافأة مالية تقديراً لأدائهم الرجولي في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا. وجاءت تصريحات صقر بعد اجتماع مطول عقده مع سمير زاهر، رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، ونائبه هاني أبو ريدة، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم، وذلك لمناقشة الإجراءات القانونية التي ستتخذها مصر لإعداد ملف كامل بالتجاوزات الجزائرية، قبل وأثناء وبعد مباراة مصر والجزائر بالعاصمة السودانية الخرطوم، والتي تأهل من خلالها منتخب الجزائر إلى نهائيات كأس العالم على حساب المنتخب المصري. حرب القضاء على العروبة وكان الإعلام المصري الرسمي والخاص قد شهد منذ ليلة الخميس وحتى أمس الجمعة موجة مثيرة وغير مسبوقة من الهجوم على العروبة وعلى الجزائر والسودان ووصل الحديث إلى حد السخرية من عروبة مصر والإشادة بإسرائيل والدعوة إلى تشجيع إسرائيل إذا لعبت أمام الجزائر ، وهو الأمر الذي أطلق شكوكا واسعا حول الجهات التي تروج لهذه اللغة وتوسع لها في الإعلام الرسمي والخاص ، باعتبارها لغة غير مألوفة من قبل في الإعلام المصري. وكان وزير الإعلام المقرب من لجنة السياسات أنس الفقي قد أعلن أن مصر قد تحرك جيشها لحماية المصريين في السودان الذين تحرش بهم بلطجية من الجمهور الجزائري في تصريح اعتبره كثير من المراقبين أنه غير مسؤول ويكشف عن فوضى الاختصاصات والتصريحات في الحكومة المصرية. وتسببت إهانة الإعلام المصري للأمن السوداني إلى موجة غضب سودانية واستنكار واسع من التقليل من شأن الجهد الكبير الذي بذل لمنع وقوع كوارث ، غير أن بيان رئاسة الجمهورية أعاد الأمور إلى نصابها حيث أثنى على الجهد السوداني الكبير لحماية المصريين قبل المباراة وعقبها . وأبدى مراقبون استغرابهم من العدد الكبير من السيدات والفتيات الذين تم الدفع بهم وسفرهم إلى الخرطوم رغم سابق المعرفة بخطورة الأوضاع وعصبيتها وإمكانية تعرضهم للخطر المحدق . وكان اللاعب الدولي السابق إبراهيم حسن الأكثر فجاجة وتهورا عندما استحضر خصوماته الشخصية السابقة مع الاتحاد الجزائري ، بعد واقعة اعتدائه على حكم أحد المباريات ليوقفه الاتحاد الدولي خمس سنوات عن أي عمل فني أو إداري متعلق بكرة القدم. واعتبر حسن أن "الإسرائيليين" أقرب له من الجزائريين ، وأنه إذا لعبت تل أبيب أمام الجزائر فسوف "يشجع إسرائيل"..! كما نشرت صحف تابعة لشخصيات طائفية تقارير مجهلة تدعو إلى مقاطعة العرب والانسلاخ من فكرة العروبة. جمال مبارك يوقظ الفتنة وعلى الصعيد نفسه أجرى علاء مبارك نجل رئيس الجمهورية اتصالا ببرنامج رياضي في قناة دريم شن فيه هجوما شديدا على الجزائر والجزائريين ودعا إلى إعادة الكرامة لمصر والمصريين وسخر من الذين يحاولون تحسين العلاقات بين الشعبين والذين يقولون أنهم سيشجعون الجزائر، وقامت القناة بإعادة بث هذه المداخلة في جميع برامجها الرياضية والإخبارية على مدار يومين..! وكان الإعلام الرسمي قد اهتم بالدفاع عن موقف الرئيس مبارك ونجله جمال أمين لجنة السياسات على خلفية اتهامات بأنهم تركوا المشجعين بدون ترتيبات حماية كافية ، وأن جمال مبارك سافر عقب المباراة بينما آلاف المشجعين المصريين محاصرين بتحرشات الجمهوري الجزائري. وأبرز الإعلام الرسمي أن الرئيس مبارك ظل ساهرا حتى اطمأن على سلامة الجمهور وأن جمال مبارك لم يسافر حتى اطمأن على اللاعبين والجهاز الفني السلحفاة تتحرك..! من جهته كشف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن اتصالات بمصر والجزائر والسودان للإحاطة بالفتنة الناجمة عن المباراة التي أقيمت الأربعاء الماضي في الخرطوم بين منتخبي مصر والجزائر، وشدد موسى على أن القانون يجب أن يطبق على الجميع في البلدان الثلاثة. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزيك, ذكر موسى أن اللقاء تطرق إلىِ موضوع مباراة مصر والجزائر، وقال "لقد تشاركنا في الضيق مما هو جار حيث أعرب رئيس البرلمان الأوروبي عن دهشته البالغة من التطورات التي حصلت عقب المباراة".