كشف تقرير نشرته منظمة "هيومان رايتس ووتش" الحقوقية الدولية عن حجم الممارسات العنصرية التي ترتكبها سلطات الاحتلالوالمستوطنون بحق الأطفال الفلسطينيين دون سن 15 عاما. وقالت في تقرير أصدرته من 74 صفحة، إن أطفالا فلسطينيين دون الخامسة عشرة من العمر من الضفة الغربية يتم تشغيلهم في مزارع المستوطنات خاصة في منطقة غور الأردن خلافا لقوانين العمل الصهيونية والدولية في ظروف غاية في الصعوبة. وجاء في التقرير أن ظروف عمل هؤلاء الأطفال شاقة وغير ملائمة، وأن هناك استغلالا في العمل دون مقومات أساسية وساعات طويلة وبأجر زهيد وظروف صعبة، وفقا لإفادات أدلى بها أربعون طفلا فلسطينيا للمنظمة الدولية. وقال التقرير إن مزارع المستوطنات في الضفة الغربية تستخدم عمالة من الأطفال الفلسطينيين لغرس المحاصيل الزراعية وحصادها وتعبئتها بغرض التصدير. ويدفع المزارع للأطفال أجوراً متدنية، ويعرضهم لظروف عمل خطيرة في انتهاك للمعايير الدولية. وعرض التقرير الدولي المستند إلى إفادات رسمية مكتوبة ومسجلة، نماذج حية، وقال إن الأطفال الفلسطينيين "عرضة للاستغلال". ويوثق التقرير كيفية قيام أطفال يصل سن بعضهم إلى 11 عاماً بالعمل في بعض مزارع المستوطنات، في درجات حرارة عالية في كثير من الأحيان، كما يحمل الأطفال أحمالاً ثقيلة ويتعرضون للمبيدات السامة، وفي بعض الأحيان يضطرون لتحمل تكاليف العلاج الطبي لإصابات أو أمراض متعلقة بالعمل من جيوبهم الخاصة. انتهاكات حقوق الأطفال وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "تتربح المستوطنات الصهيونية من انتهاك حقوق الأطفال الفلسطينيين، فالأطفال القادمون من مجتمعات أفقرها تمييز إسرائيل وسياساتها الاستيطانية، يتركون المدارس ويتولون أعمالاً خطيرة لأنهم يشعرون بعدم وجود بديل، بينما تغض إسرائيل الطرف". وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 38 طفلاً و12 من البالغين العاملين في سبع مزارع بمستوطنات في منطقة وادي الأردن، التي تغطي نحو 30 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، حيث تقع المستوطنات الزراعية الكبرى. القيود المفروضة وحسب المنظمة فقد عملت القيود الصهيونية التمييزية المفروضة على وصول الفلسطينيين إلى الأراضي الزراعية والمياه في الضفة الغربية، وبخاصة في وادي الأردن، وهو المركز التقليدي للزراعة الفلسطينية، على تكبيد الاقتصاد الفلسطيني خسائر تزيد على 700 مليون دولار أمريكي سنوياً، بحسب تقديرات البنك الدولي. وتصل معدلات الفقر وسط الفلسطينيين في وادي الأردن إلى 33,5 بالمئة، وهي من أعلى المعدلات في الضفة الغربية. ويستأجر بعض الفلسطينيين أراض زراعية من مستوطنين صهاينة، خصصت لهم "إسرائيل" الأرض بعد مصادرتها دون وجه حق من فلسطينيين. أما السياسات الصهيونية التي تدعم نقل مدنيين إلى أراض محتلة، ومصادرة "إسرائيل" للأراضي والموارد فيها لصالح المستوطنات، فهي تنتهك التزامات "إسرائيل" بوصفها قوة الاحتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. وتتضاعف هذه الانتهاكات بفعل الانتهاكات الحقوقية الواقعة على الفلسطينيين العاملين في المستوطنات، بمن فيهم الأطفال، وهذا بحسب هيومن رايتس ووتش. وعلى "إسرائيل" تفكيك المستوطنات، ومنع المستوطنين من تشغيل الأطفال الفلسطينيين حتى ذلك الحين، طبقاً للالتزامات الصهيونية بموجب المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الأطفال وحقوق العمال. وقال التقرير إن جميع الأطفال الفلسطينيين الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات تقريباً، شعروا بعدم وجود بديل سوى البحث عن عمل في مزارع المستوطنات للمساعدة في إعالة أسرهم. وكانت "إسرائيل" قد خصصت 86 بالمئة من أراضي وادي الأردن للمستوطنات، كما توفر للزراعة في المستوطنات حقوقاً أكبر بكثير للوصول إلى المياه الجوفية تحت الوادي مما للفلسطينيين الذين يعيشون في الوادي. وتصدّر المستوطنات الزراعية الصهيونية جانباً كبيراً من منتجاتها إلى الخارج، بما في ذلك أوروبا والولايات المتحدة.