اشتكى رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في سويسرا، الدكتور "هشام أبو ميزر"، من ضعف الإمكانات المادية المطلوبة للتصدي لحملة إعلامية أعدتها لجنة مبادرة حظر بناء المآذن لكسب تأييد الناخبين للمبادرة قبل التصويت عليها في التاسع والعشرين من شهر نوفمبر المقبل. وفي تصريحات صحفية مؤخرا، قال أبو ميزر: إن الجالية المسلمة "تعتزم بذل أقصى جهودها لمواجهة تلك الحملة، التي تحمل شعار حظر المآذن، إلا أنها في واقع الأمر تدعو إلى ما وراء ذلك؛ أي إلى تجميد النشاط الإسلامي في سويسرا وعدم انتشار المراكز الإسلامية في البلاد حتى لو كانت لأداء شعائر الصلاة فقط". وأضاف أنه يعتزم "الاجتماع مع المجلس السويسري للأديان (الذي يضم ممثلين عن الديانات السماوية الثلاث) وأبناء الجالية المسلمة للتعرف على حجم المشكلة وواقع الحملة التي يشنها اليمين المتطرف". كما يعتزم القائمون على شأن الجالية المسلمة تكثيف التعاون مع جميع الأطراف المناهضة للمبادرة. لكن أبو ميزر، الفلسطيني الأصل، اعترف بضعف الإمكانات المادية المطلوبة لمواجهة حملة لجنة مبادرة حظر المآذن، وقال: "إمكاناتنا ضعيفة للغاية، فالعين بصيرة واليد قصيرة ولكن أملنا في الله سبحانه وتعالى كبير وهو القائل: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}". وقارن بين ما يتمتع به اليمين المتطرف من كونه حزبا معترفا به ويؤيده 30% من الناخبين، ويحصل على جميع أشكال الدعم، وبين وضع الأقلية المسلمة متسائلا: "أين هي الجهة التي يمكن أن تدعمنا في تلك المرحلة لمواجهة هذه الحملة الشرسة؟". وحذر رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في سويسرا من أن أصحاب المبادرة "يريدون وضع حجر أساس لمنهج يتبعه المتطرفون في الدول المجاورة". وشدد على أن الأمر "أصبح ضد الإسلام في المقام الأول وليس ضد المسلمين كأفراد"، مستندا في ذلك إلى تصريحات أعضاء اللجنة المؤيدة لحظر المآذن، وقال: "هذا أمر يدعو للقلق، لأنه يهدف إلى التفريق بين الإنسان ومعتقداته، فالمسلم إذا ابتعد عن دينه، فلن تكون له هوية أو شخصية أو ثقافة إسلامية". وأكد أن كل تلك المحاولات تهدف إلى "إفراغ المسلم في أوروبا من معتقداته". المآذن "صورايخ" في المقابل تستعد لجنة مبادرة حظر المآذن إلى إطلاق حملتها الإعلامية لكسب تأييد الناخبين للمبادرة قبل التصويت عليها، في ظل توفر الإمكانات المادية اللازمة، حسبما أكد "فالتر فوبمان" رئيس لجنة مبادرة حظر المآذن. ويظهر شعار الحملة المآذن وكأنها صواريخ مزروعة فوق العلم السويسري ومعها امرأة منقبة متشحة بالسواد. وادعى فوبمان أن تصميم الشعار "استخدم الشكل المتعارف عليه عند رسم المآذن وليس هناك تعمد في تشبيهها بالصواريخ"، مشيرا إلى أنها "مجرد بداية صغيرة". لكنه استطرد قائلا: "لقد أردنا إظهار أن المآذن رمز للقوة في الإسلام، وما سيأتي بعدها من مؤذن ثم الشريعة الإسلامية، لذا أضفنا المرأة المنقبة، ولا نرى هنا أي استفزاز". واعترف فوبمان بأن الهدف "ليس المئذنة في حد ذاتها، بل هي رمز لقوة تبعاتها وهذه هي الخلفية الحقيقية فكان لزاما توضيح الأمر للرأي العام ولماذا نطالب بإضافة بند إلى الدستور يحظر بناء المآذن". وأشار إلى أن اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة الأم "ستمارس أنشطتها في مختلف المدن من خلال المناقشات والمنشورات وهذا حقنا الديمقراطي". وكانت المبادرة الداعية إلى حظر بناء المآذن قد أطلقت العام الماضي من طرف سياسيين ينتمون إلى حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) وإلى حزب مسيحي صغير محافظ وحصلت في فترة وجيزة على أكثر من 110 آلاف توقيع. لكن هذه المبادرة لاقت معارضة شديدة من أوساط عديدة في سويسرا؛ فقد دعا مؤتمر الأساقفة الكاثوليك في سويسرا في بيان صدر الشهر الجاري الناخبين إلى رفضها. وأوصى مجلس الشيوخ السويسري في يونيو الماضي برفض هذه المبادرة، وذلك بعد بضعة أشهر من توصية مماثلة صدرت من مجلس النواب، وأرجع مجلس الشيوخ هذا القرار إلى تعارض مقترح الحظر مع "مبدأيْ التسامح وحرية الاعتقاد الأساسيين". وانضم المجلس السويسري للأديان إلى الأصوات الرافضة للمبادرة، حيث رأى المجلس، الذي يضم ممثلين عن الديانات السماوية الثلاث، أن "حظر المآذن سوف يؤذي مشاعر المسلمين ومن ثم ينتهك جزءًا من حقوقهم الأساسية في ممارسة الدين". يُشار إلى أن سويسرا التي يمثل فيها الإسلام الديانة الثانية من الناحية العددية بعد المسيحية، يعيش فيها أكثر من 310 آلاف مسلم (حسب آخر تعداد عام أجري سنة 2000) ويبلغ عدد سكانها 7.5 ملايين شخص، وإلى الآن تم تشييد أربعة مآذن في سويسرا ومن المنتظر أن تُقام مئذنة خامسة في المستقبل.