نشرت "واشنطن بوست" مقالا لها بعنوان"اليمن ينهار والجنوب يدنو من الانفصال"،جاء فيه:علم اليمن الجنوبي، الذي كان مستقلا يوما من الأيام، يرفرف في كل مكان حول مدينة عدن الساحلية، التي كانت يوما عاصمة البلاد. بينما يستعر القتال في اليمن الذي أصبح مفتوحا على جميع السيناريوهات ، وهو ما يشير إلى أن اليمن بات قاب قوسين أو أدنى، حسبما رأت صحيفة واشنطن بوست . يرسم العلم - الأحمر والأبيض والأسود والأزرق ذو النجمة الحمراء - على الجدران، ويتدلى من المنازل، ويرفرف على المركبات ونقاط التفتيش التي يسيطر عليها رجال المليشيات في الشوارع . "نريد الحرية"، شعار معلن كتب باللغة الإنجليزية على جدار بالطريق الرئيسي. وشعار آخر يقول: "الجنوب الحر". وبينما تنهار البلاد نتيجة الصراع، تتسارع دعوات الانفصال مرة أخرى في أوساط اليمنيين الجنوبيين. وسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء، وجزء كبير من شمال البلاد، ويجتاحون الجنوب لتأمين إحكام قبضتهم على البلاد. في البداية، خرج الرئيس عبد ربه منصور هادي من صنعاء، ثم حاول أن يبقى في مدينة عدن جنوبي البلاد. لكنه فر أمس الأربعاء من المدينة ومن البلاد. واليوم الخميس، بدأت المملكة العربية السعودية شن غارات جوية في اليمن في محاولة للإطاحة بالمتمردين الحوثيين من معاقلهم. ولا يزال أنصار هادي في الخلف، ومن بينهم وحدات بالجيش ومليشيات موالية له. لكن يرجح أن يقاتل الجنوبيون ليس من أجل إعادة حكم هادي لكن لينالوا استقلالهم. المشاعر المتأججة المطالبة بالانفصال في الجنوب السنى بأكمله تقريبا، هي نتيجة اعتقاد سائد بأن الحوثيين وكلاء عن القوة الشيعية، إيران، للسيطرة على البلاد. علاوة على ذلك، فإن أكبر حليف للحوثيين هو الزعيم الاستبدادي السابق في اليمن، علي عبد الله صالح، الذي حكم البلاد لما يقرب من 40 عاما حتى الإطاحة به في عام 2011 والمكروه على نطاق واسع في الجنوب. وبالفعل، انضم أعضاء في "الحراك الجنوبي"، المجموعة الرئيسية المؤيدة لاستقلال، للمليشيات المؤيدة لهادي وللقوات العسكرية في دفاعهم ضد الحوثيين، وذلك بحسب الشافعي العبد، الناشط والعضو البارز في الحراك. وقال العبد "هذا هو واجبنا للدفاع عن الجنوب. إنها معركة قد تصبح في نهاية المطاف معركة من أجل التحرر والاستقلال". أضاف "نحن في الحراك سنتخلى عن وسائلنا السلمية وسنحمل السلاح ضد الحوثيين". الشمال ضد الجنوب، ليس هو الصدع الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى انهيار اليمن. إذ يتساوى مع خطر الانقسامات الطائفية، التي ظلت خامدة بشكل تقليدي في اليمن لفترة طويلة. فنحو 30 بالمائة من تعداد السكان شيعة - ينتمون إلى الطائفة الزيدية الشيعية، التي تتواجد تقريبا في اليمن فقط - وبقية السكان من السنة. وبالفعل، يقاتل بعض رجال القبائل السنية في الشمال ضد هيمنة الحوثيين، البعض منهم بالتحالف مع تنظيم القاعدة، والبعض الآخر مدعوما من الجارة السعودية. كما أن الجيش والحكومة مجزأين من مدينة إلى مدينة في كافة أرجاء البلاد، فبعض الوحدات والمسؤولين يدعمون صالح والحوثيين والبعض الآخر يدعمون هادي. العديد من الجنوبيين ربما يشعرون بأنهم سيكونون أفضل حالا بالانفصال عن الشمال. لكن من المرجح أنه سيتحتم عليهم القتال ضد التقدم القوي لتحالف الحوثيين مع صالح. ولا يزال العديد من الوحدات العسكرية، المدربة والمجهزة تجهيزا أفضل، موالية لصالح منذ الإطاحة به عام 2011 وتقاتل الآن إلى جانب الحوثيين. وقال الناشط الجنوبي زيد السلامي "الأزمة في اليمن أكبر بكثير الآن من قضية الجنوب". وأضاف "خيار 'حرب الاستقلال' مرجح أكثر الآن". وبعد أكثر من مائة عام من الحكم الاستعماري البريطاني، كان اليمن الجنوبي، وعاصمته عدن، بلدا مستقلا في الفترة من 1967 وحتى 1990، حيث حكمته حكومة شيوعية. وينظر الجنوبيون إلى أنفسهم على أنهم مختلفون ثقافيا عن الشمال، حيث يعتبرونه أكثر قبلية وأكثر تحفظا دينيا - رغم ابتعاد الجنوب في العقدين الأخيرين عن تقاليده العلمانية - والآن يتباهى عدد هائل من الرجال بلحاهم فيما يمكن رؤية النساء ترتدي الحجاب الأسود، كعلامتين على الإسلام المحافظ. وتثير المواجهة الوشيكة ذكريات حرب اليمن المدمرة عام 1994، عندما سحقت حكومة صالح في الشمال محاولة من قبل الجنوب للانفصال مرة أخرى، وذلك بعد أربع سنوات فقط من اتحاد الشطرين. وقالت سلوى مبارك العنبر، التي عملت مستشارا لصالح لنحو 15 عاما في صنعاء والتي تشغل حاليا منصب رئيس مركز المسار للأبحاث ومقره عدن، إن "الانفصال سيريح الجنوبيين بعد سنوات من المعاناة منذ الوحدة". أضافت العنبر، التي تلقت تعليما بريطانيا، "الآن، إيران متورطة في الشمال بدعمها الحوثيين، ونحن بالتأكيد نريد استقلالنا. ستكون هناك حربا في الشمال". وينتمي هادي إلى الجنوب، لذلك فر إلى عدن الشهر الماضي، وأصر هادي على أن مقاومته للحوثيين الهدف منها هو الحفاظ على الدولة موحدة. ومتحدثا من عدن، اعترف أحد مستشاري هادي، وهو سلطان العتواني، بأن التطورات الأخيرة في اليمن تشير إلى أن الانفصال سيكون النتيجة المحتملة الوحيدة إلا أنه حذر من هذا الأمر. وقال العتواني "المخاطر في اليمن اليوم لن تسمح بظهور انفصال واضح للجنوب والشمال". أضاف "مستقبل اليمن هو في وحدتها وأي شخص يناضل من أجل الانفصال الآن فإنه يعمل بسطحية". لكن هذا الموقف يمكن تجاوزه من خلال الأحداث. فمن المقرر أن يجتمع القادة السياسيون في الجنوب، الذين لديهم خلاف أيديولوجي حاد وخلاف على المصالح المتضاربة، قريبا في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة لرسم طريق المستقبل لمنطقتهم. وإذا ما تم الاجتماع، فسيكون الأول من نوعه منذ أكثر من 20 عاما. ويمكن أن يجد هادي نفسه مدفوعا من قبل الجنوبيين لقيادة الحراك إذا ما أحكم تحالف الحوثيين مع صالح سيطرته. وقال ردفان الدبيس، وهو شخصية بارزة في القاعدة الشعبية للحركة الانفصالية، "الجميع يحترمونه"، مضيفا أن هادي يمكنه توحيد فصائل الجنوب.