لم يقتصر جرم بعض هؤلاء الذي يهربون أموال دولهم إلى بنوك الغرب فحسب بل تعدى إلى أن يتهربون من دفع الضرائب الواجبة عليهم ، وإن زيف حقوق الإنسان والعدالة إنما هي كلمات يتشدق بها الغرب لخداع الشعوب. ويقول موقع مصر العربية حول هذه الجرم الذي يرتكبه هؤلاء: لا زال الجدل محتدمًا حول فضيحة "سويس ليكس" المتعلقة بممارسات التهرب الضريبي التي ساعد عليها مصرف "إتش إس بي سي" HSBC في سويسرا لمساعدة عدد من عملائه على إخفاء أموال غير مصرَّح بها، وفقًا لما أوردته صحيفة " زا ايريش تايمز" الأيرلندية. وقالت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم الاثنين على موقعها الإلكتروني: إن "السرية" التي كانت توفرها البنوك السويسرية لسنوات طويلة كانت تُستغل من جانب الأثرياء في إخفاء الأموال بعيدًا عن أعين السلطات الضريبية. وذكر التقرير أنّ الضغوط الدولية تسهم على نحو بطيء في تآكل تلك السرية وزيادة مشاركة المعلومات، مضيفًا أن تسريبات " سويس ليكس" تظهر مدى أهمية ذلك وتؤكّد على البعد الهائل للمشكلة التي يتم تناولها. وأضاف التقرير أنّه بالرغم مما نعرفه جميعًا- أو حتى نتشكك فيه- عن البنوك السويسرية، فإن ما جرى في " إتش إس بي سي" هو أمر غير عادي بالمرة ولا ينبغي أن يمر مرور الكرام. وفسر التقرير ذلك بأن المبلغ المتضمن في الحسابات قيد التحقيقات والبالغ قيمته 100 مليار دولار، يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي السنوي ل أيرلندا، مردفًا أن ما يزيد عن 100.000 شخص من مائتي دولة يخضعون للتحقيقات على خلفية الفضيحة. وأفاد التقرير أنّ الأدلة توضح أنه بالإضافة إلى التهرب الضريبي، فإنّ الأموال التي تتدفق عبر "إتش إس بي سي" قد استخدمت في تمويل تجارة الأسلحة ومهربي المخدرات. وأشار تقرير "زا ايريش تايمز" إلى أن ثمة حسابات أيرلندية من بين تلك المكتشفة في المعلومات التي تم تسريبها حول "إتش إس بي سي"، والتي تمّت مشاركتها في البداية من جانب فرنسا مع حكومات أخرى والسلطات الضريبية بها في العام 2010. وتم الكشف عن المعلومات مؤخرًا بواسطة صحفيين من 45 دولة- من بينهم أيرلندا- تعمل وفق الكونسرتيوم الدولي للصحافيين الاستقصائيين International Consortium of Investigative Journalists والذي يتخذ من واشنطن مقرا له. وقد سلط الجدل الدائر أيضا الضوء على الطبيعة العالمية لقضية التهرب الضريبي في القرن الحادي والعشرين، حيث استخدم الأثرياء المتهربين من الضرائب ملاذات في الخارج لسنوات عديدة- جزيرة الإنسان كانت مقصدا مفضلا للأيرلنديين لسنوات كثيرة، في الوقت الذي كانت فيه جزر كايمان موطنًا لحسابات مجموعة أنزباتشر Ansbacher المصرفية. وأوصى التقرير بوجوب التحرك على المستوى الدولي لمواجهة المشكلة، على أن يقوم الاتحاد الأوروبي مثلاً بتنسيق مسألة مشاركة المعلومات المستمدة من الحسابات المصرفية. لكن التقديرات، وفقًا للتقرير، تشير إلى أنّ ثمة مليارات اليورو التي تُفقد إلى السلطات الضريبية سنويًا بسبب الأموال النقدية المخفية في حسابات خارجية. كانت صحيفة لوموند الفرنسية وعدد من وسائل الإعلام الدولية قد كشفت في الثامن من فبراير الجاري خفايا السرية المصرفية في سويسرا بعد وصولها إلى معلومات سربها خبير المعلوماتية ارفيه فالشياني الذي كان موظفًا في مصرف "اتش اس بي سي" في جنيف. وعلى مدى سنوات عديدة بقيت المعلومات التي نسخها ارفيه فالشياني، المهندس المعلوماتي الذي كان يعمل في الفرع السويسري للمصرف البريطاني، حكرًا على القضاء وعلى بعض المصالح الضريبية ولو أن بعض العناصر تسربت إلى الصحافة. وحصلت صحيفة لوموند على المعطيات المصرفية لأكثر من 100 ألف من عملاء المصرف ووضعت المعلومات في تصرف الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين في واشنطن، الذي تقاسمهم بدوره مع وسائل إعلام دولية أخرى. وأوضحت الصحيفة أن عددًا من الشخصيات الفرنسية والأجنبية استخدمت هذه الآلية للتهرب الضريبي. ومن أبرز الأسماء التي وردت في مختلف وسائل الإعلام العاهل المغربي محمد السادس والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني فضلاً عن شخصيات من عالم الأزياء والاستعراض والرياضة. كما نشرت صحيفة لو تان السويسرية أسماء شخصيات سياسية أو على علاقة بالأوساط السياسية مثل رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد والوزير المصري السابق للتجارة والصناعة رشيد محمد رشيد الذي حكم عليه في يونيو 2011 بالسجن خمس سنوات بتهمة إهدار المال العام لاختلاسه أموالاً مخصصة للتنمية في مصر. ومن جهتها، أوردت صحيفة لوموند جاك ديسانج مؤسس شبكة صالونات تصفيف الشعر، والذي كان يملك بحسب البيانات التي اطلعت عليها لوموند، حسابا في الفرع السويسري لمصرف "اتش اس بي سي" بقيمة وصلت الى 1,6 مليون يورو بين 2006 و2007. وأشارت لوموند إلى أن ديسانج من العملاء الذي عمدوا بعد ذلك الى تسوية أوضاعهم دفع غرامة. كما ذكرت الصحيفة الفكاهي الفرنسي غاد المالح، الذي كان يملك بحسب الصحيفة، حسابا صغيرا في جنيف كانت المبالغ المودعة فيها تتجاوز بقليل 80 ألف يورو بين 2006 و2007. غير إن لوموند نشرت على موقعها ردا من "اتش اس بي سي" أفاد فيه المصرف أنه يقر ب"مخالفات ماضية" لكنه يؤكد أنه قام منذ سنوات بمبادرات كثيرة لمنع اللجوء إلى خدماته للتهرب الضريبي أو لتبييض أموال.