سجلت أسعار النفط أدنى مستوى لها منذ حوالي خمس سنوات في الأسواق الدولية، حيث استمر هذا التراجع في الأسعار ليصل إلى مستويات غير مسبوقة منذ عام 2009 ب50% منذ شهر يونيو الماضي فقط. ويطرح هذا التراجع لأسعار النفط عدة تخوفات على القدرة المالية للجزائر التي يعتمد اقتصادها على نسبة 97% في تصدير المحروقات، رغم تطمين محافظ البنك المركزي بأن احتياطي العملة يكفي لتغطية ثلاث سنوات من الواردات. وجاء في تقرير محافظ بنك الجزائر حول التطورات المالية والاقتصادية للبلاد الذي عرضت أمس في البرلمان، أن مداخيل عمليات توظيف احتياطات الصرف الجزائرية تجاوزت 3.1 مليار دولار للعام 2013، بالرغم من الظرف المالي الدولي الصعب، إلا أن محافظ البنك محمد لكصاسي حذر من تأثير تراجع أسعار النفط في حال استمرارها على قدرة الجزائر المالية على مقاومة الصدمات على ميزان المدفوعات الخارجية.
وكان إجمالي ميزان المدفوعات سجل عجزًا خلال السداسي الأول 2014 ب1.32 مليار دولار مقابل فائض ب0.88 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق، ونتيجة لذلك تقلصت الاحتياطات الرسمية للصرف إلى 193.269 مليار دولار في نهاية جوان 2014 بعد الارتفاع المسجل بنهاية 2013 إلى 194 مليار دولار.
من جهتهم، أبدى نواب البرلمان عن تخوفهم على الرغم من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي وردت في بيان محافظ بنك الجزائر بالنظر إلى ارتباط المداخيل بعائدات البترول الذي تتراجع أسعاره يومًا بعد يوم في السوق العالمية.
وفي السياق ذاته، أشار النائب نعمان لعور عن التكتل الأخضر في تصريح للقناة الإذاعية الأولى، إلى أنه على الرغم ما تضمن التقرير تطمينات إلا أن التقلبات الاقتصادية التي تشهدها السوق الدولية كلها تدعو إلى التخوف الكبير من تراجع أسعار النفط.
من جانبها، دعت النائبة بن سحنون فوزية عن التجمع الوطني الديمقراطي إلى ضرورة معرفة الوسائل التي وضعت لتفادي مخاطر انخفاض أسعار البترول.
وأثار النواب مشكلة تزايد قيمة الواردات الجزائرية، مقابل تراجع المداخيل من تصدير النفط والغاز.
وبلغ احتياطي الصرف للجزائر 193.3 مليار دولار في نهاية يونيو 2014 مقابل دين خارجي أقل من نصف مليار دولار، بما أن الجزائر قررت في 2009 الدفع المسبق لديونها التي كانت في حدود 15.5 مليار دولار، مستفيدة من الارتفاع الكبير لأسعار النفط.
وبعدما كانت أسعار النفط في تراجع قوي منذ الصيف، سجلت المزيد من التدني مع قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) في نوفمبر إبقاء سقف إنتاجها بمستوى 30 مليون برميل في اليوم، فسجلت هبوطًا إلى حوالي 60 دولارًا للبرميل، أدنى مستوياتها منذ 2009.
وبحسب لكصاسي، فإن متوسط سعر برميل النفط الجزائري خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2014 بلغ 109.9 دولار.
وكان وزير الطاقة يوسف يوسفي، أوضح أنه بالرغم من انهيار أسعار النفط في الأشهر الماضية، إلا أن الجزائر تتوقع أن تنهي سنة 2014 بمداخيل تقدر ب60 مليار دولار من تصدير النفط والغاز، بحسب وزير الطاقة يوسف يوسفي.
كما أكد وزير المالية محمد جلاب في وقت سابق، أن التوازنات المالية للجزائر لن تتأثر بتراجع أسعار النفط، مضيفًا أن الجزائر تملك آليات وقدرة كبيرة لمقاومة مثل هذه الصدمات، وهذا بفضل "السياسة الحذرة التي انتهجتها البلاد منذ أكثر من عشر سنوات".
وعلى جانب آخر، تجددت الاحتجاجات العنيفة في مدينة حاسي مسعود عاصمة النفط الجزائري جنوبي البلاد، وأقدم المئات من السكان على الاعتصام قبالة مقر المحافظة، وأغلقوا مقر شركة الجزائرية للنفط سوناطراك للمطالبة برفع قرار تجميد مشروع المدينة الجديدة.
من جانبها، عززت قوات الشرطة من تواجدها في المواقع الحساسة والمنشآت الحيوية في المدينة، فيما أغلقت المحلات التجارية أبوابها، تخوفا من أي انزلاقات أمنية.
وفي حين منعت الحكومة إنجاز البنايات في مدينة حاسي مسعود، بسبب المخاوف من كوارث نتيجة آبار النفط القريبة من المدينة، وقررت السلطات بناء مدينة جديدة لاستيعاب السكان، طالب السكان بإلغاء قرار حظر إنجاز السكنات والبناء في المدينة.
ويعتبر هذا التحرك ثالث حركة احتجاجية عنيفة تشهدها ولاية ورقلة النفطية جنوبي الجزائر، بعد احتجاجات بلدة تسبسبت، حيث أحرق محتجون مقر المحافظة ومنشآت حكومية.
وشهدت منطقة تقرت قبل أسبوعين مواجهات عنيفة بين الشرطة والسكان المحتجين، ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 20 آخرين.
وتدخلت الحكومة لوقف هذه الاحتجاجات بعد إقالة وزير الداخلية الجزائري الطيب بلعيز لمحافظ الشرطة ومحافظ البلدة.
ومنذ أشهر، تشهد مناطق جنوبي الجزائر الغنية بالنفط موجة احتجاجات، خاصة من قبل الشباب العاطل عن العمل، للمطالبة بالحصل على وظائف في شركات النفط المحلية والأجنبية العاملة في حقول النفط والغاز في المنطقة. المصدر: مصر العربية