أكد التقدير الاستراتيجي للاستخبارات الإسرائيلية الأخير أن "انشغال الجيش المصري بالشأن الداخلي عزز وضع إسرائيل الجيواستراتيجي"، بحسب صحيفة "يديعوت احرونوت" التي قالت أن الموساد أطلع الحكومة السياسية الأمنية على التطورات الأخيرة في المنطقة، وفقدان سوريا لأسلحتها الكيميائية، وأحوال الشؤون الداخلية لمصر، وتحركات حزب الله، مبشرا بتطورات علي الساحة المصرية والسورية لصالح إسرائيل. وسبق لنفس الصحيفة الإسرائيلية أن احتفت في مايو الماضي بتصريحات للرئيس المصري السيسي قال فيها أن إسرائيل في خطر من دون الجيش المصري، مشيره لقوله أن مصر تمنع أي هجمات علي إيلات ورفضها أي عدوان علي إسرائيل انطلاقا من سيناء بواسطة الجماعات الإرهابية هناك. وقال تقرير "يديعوت احرونوت" أن مجلس الوزراء الأمني المصغر الذي عقد مؤخرا في مقر الموساد لاستعراض التقرير السنوي عن الوضع الجغرافي الاستراتيجي لإسرائيل في الشرق الأوسط، اطلع علي "تحسن وضع إسرائيل في الشرق الأوسط خلال العام الماضي، وخاصة في ضوء التطورات في المنطقة، بما في ذلك فقدان سوريا لقدرات كيميائية وبالستية، والصراعات الداخلية في لبنان بين حزب الله والفصائل الأخرى، وتوقف تطوير الجيش المصري نتيجة لانشغال حكام مصر الحاليين بالشؤون الداخلية. وقال التقرير أنه بعد نزع السلاح من أكثر من 50٪ من الأسلحة الكيميائية في سورية، تقدر المصادر الاستخبارية أن إذا كان الجيش الإسرائيلي يحتاج في الماضي إلى أكثر من أسبوع للوصول إلى دمشق في حالة الحرب، فالجيش الإسرائيلي سوف يكون الآن قادرا على الوصول إلى العاصمة السورية في خلال يوم واحد!. ولكن التقدير الاستراتيجي اعترف أنه: "نتيجة لحالة من الفوضى في سوريا، ونمو الجماعات الإرهابية القوى، فسوف يشكل هذا خطرا على الاستقرار الإقليمي (لإسرائيل)"، خصوصا مع نمو خطر حزب الله اللبناني أيضا ودعم جمهورية إيران الإسلامية له وهي أساسا أخطر عدو لإسرائيل بسبب برنامجها النووي. السيسي مفيد لإسرائيل وسبق أن أجمع معلقون "إسرائيليون" على أن تنصيب المشير عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر، وتواصل بقاء بشار الأسد على كرسي الرئاسة في سوريا، يحسن البيئة الإستراتيجية ل "إسرائيل" بشكل غير مسبوق. وقال المعلق العسكري عمير رايبوبورت، "إن أهم ما يثير حماس محافل التقدير الإستراتيجي في تل أبيب لتتويج السيسي رئيساً، حقيقة أن هذا التطور سيضمن ليس فقط تواصل مظاهر الشراكة الإستراتيجية بين تل أبيب والقاهرة، التي تكرست بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، بل إنه سيؤدي إلى تعزيز هذه الشراكة وتطورها". وفي مقابلة سابقة أجرتها معه الإذاعة العبرية أشار "رايبورت" إلى أن: "محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب، ترى أن العوائد الإستراتيجية التي ستجنيها إسرائيل من وجود السيسي في الحكم ستسمح لها بالتفرغ لمواجهة تحديات إستراتيجية كثيرة". ونقل رايبورت عن هذه المحافل الاستخبارية الإستراتيجية، قولها إن الحرب التي لا هوادة فيها التي يشنها السيسي على الجماعات الجهادية في سيناء وحرصه على "تقليم أظافر" حركة حماس يصب في صالح إسرائيل. وأعاد رايبوبورت للأذهان حقيقة أن "إسرائيل" خططت لاستثمار مليارات الدولارات في تعزيزات أمنية لحماية الجبهة الجنوبية (مع مصر) بعد ثورة 25 يناير وخلع الرئيس الأسبق حسني مبارك، تحسباً لحدوث تدهور أمني خطير على الحدود، ثم وفرت هذه المبالغ بسبب قيام السيسي بحماية هذه الجبهة من ناحية مصر. وشدد رايبوبورت على أن أهم "عائد" استراتيجي تنتظره "إسرائيل" من حكم السيسي هو حقيقة تأكدها أنه لن يدفع نحو تطوير الجيش المصري، بحيث أن "إسرائيل" ستكون مطمئنة إلى ثبات ميزان القوى الاستراتيجي الكاسح لصالحها. وكان وزير الخارجية "الإسرائيلي" أفيغدور ليبرمان قد طالب بعد انتخاب الرئيس محمد مرسي بتدشين ثلاث فرق عسكرية جديدة، والدفع بها إلى الحدود مع مصر، وإعادة بناء قيادة المنطقة الجديدة، كما طالب بتطبيق خطط تقشف اقتصادية لتمكين "تل أبيب" من تمويل متطلبات تعزيز القوة العسكرية تحسبا لحرب مقبلة مع مصر بعد مجئ مرسي والإخوان للسلطة. وفي السياق ذاته، نوه رايبوبورت إلى أن نجاح بشار الأسد في البقاء بعد ثلاث سنوات من الثورة ضده يمثل "بشرى سارة" بالنسبة ل"إسرائيل"، وأكد أن التطورات التي شهدتها سوريا "أخرجت الجيش السوري من دائرة التوازنات الإستراتيجية، لدرجة أن إسرائيل تتعامل مع الواقع في سوريا وكأنه ليس هناك جيش قائم في واقع الأمر". وفي تقرير أخير لصحيفة "جلوبز" الإسرائيلية ذكرت أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يزيد من دهشة الإسرائيليين بسعيه الدائم لحماية حدود "جناح" إسرائيل الجنوبية، ويدهشنا بحفاظه علي أمن إسرائيل، وفرضه المزيد من العزلة على قطاع غزة بتوسيع المنطقة العازلة على طول الحدود. وقالت الصحيفة في مقال نشرته 24 نوفمبر الماضي بعنوان "مصر تحمي جناح إسرائيل"، أن الآثار المترتبة على تصريحات السيسي للتليفزيون الفرنسي عن إرسال قوات مصرية لغزة "كبيرة جدا" معتبرة أن هذه التصريحات تعني أن الجنود المصريين سوف يحتلون أي أرض فلسطينية للتأكد من أن "الجماعات الإرهابية" لن تستطيع العمل على نحو فعال على حد وصف الصحيفة الإسرائيلية. وتابعت الصحيفة أنه إذا حدث ذلك فإنه في ظل أي نوع من التسوية ستظل القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية وستتعاون الدولتين - مصر وإسرائيل- من أجل حماية بعضهما البعض ضد أي هجوم فلسطيني "إرهابي" بتعبير الصحيفة في إشارة إلى عمليات المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني. ودعت الصحيفة لاستغلال هذه الفرص الكبيرة التي تجعل إسرائيل أكثر أمنا وازدهارا والانتباه إليها عبر وضع السياسات والبرامج وتنفيذها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة. أيضا قال ألون بن دفيد، معلق الشؤون العسكرية في قناة التلفزيون "الإسرائيلية" العاشرة، إن الجيش المصري في عهد السيسي سيظل "جيش الأمس"، في إشارة إلى أن هذا الجيش لا يبذل جهدا يذكر في تطوير قدراته القتالية وتوظيف التقنيات المتقدمة في الجهد الحربي. ونقل بن دافيد عن مصادر مسئولة في الجيش "الإسرائيلي" قولها، إنه لم يحدث في تاريخ الصراع العربي "الإسرائيلي" أن حرصت تل أبيب على تسليح جيش عربي كما حدث في عهد السيسي، مشيراً إلى الضغوط التي مارستها إسرائيل على الكونجرس الأمريكي لضمان تزويد الجيش المصري بمروحيات "الأباتشي". ونوه دافيد إلى أن "إسرائيل" لم تكن تقدم على مثل هذه الخطوة إلا لعلمها أن هذه المروحيات ستوظف لصالحها، مشيراً إلى أن الهجمات التي تنفذها هذه المروحيات في سيناء تستهدف الحركات الجهادية التي يمثل ضربها مصلحة مؤكدة ل"إسرائيل". وسبق أن قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الجيش المصري نشر علي الجانب المصري من منطقة طابا، قوة عسكرية كبيرة من الجيش الثالث، وذلك من أجل حماية إسرائيل والسياحة الإسرائيلية في مدينة إيلات من أن تتعرض علي هجمات بواسطة صواريخ مضادّة للطائرات أو قذائف يطلقها جهاديون مصريون من سيناء علي إيلات أو مطارها الذي يتدفق عبر السياح. وقالت أنه تم نشر هذه القوات المصرية بالتنسيق مع إسرائيل، وهي بحجم "كتيبة عسكرية" ، والكتيبة هي وحدة عسكرية مؤلفة من 4 إلى 6 سرايا وعدد أفرادها من 300 إلى 1000 فرد ويقودها عادة ضابط برتبة مقدم أو عقيد ، وأن أعمال هذه الكتيبة المصرية ستتركّز – بحسب موقع جريدة (هأرتس) - ضد تنظيم أنصار بيت المقدس الذي أطلق مؤخرا قذائف باتجاه إيلات وجنوب إسرائيل ونفّذ عمليات في سيناء ضد قوات الجيش والشرطة المصرية، بل وقام بالتخطيط والتجهيز لتنفيذ عمليات إطلاق القذائف باتجاه الطائرات في مطار إيلات.