تطالب إسرائيل الفلسطينييون الذين يتوجب تركهم لمنازلهم في أحياء القدسالشرقية دفع تكاليف عملية الهدم، مما قد يضطر البعض إلى قيامه بهذه المهمة بنفسه، وهدم منزله. وتقول فاطمة الأم الفلسطينية لأربعة أبناء، وهي تقف على ما تبقى من شرفة منزلها "لقد اتوا في السابعة صباحا لتنفيذ الهدم، قلنا لهم اننا نفضل هدم منزلنا بانفسنا لانهم ارادوا ان يلزمونا كذلك بدفع التكاليف". وتضيف "لقد وضعتنا البلدية امام خيارين، اما ان نهدم المنزل بانفسنا، او ان ندفع نفقات الهدم البالغة مئة الف شيكل" (25 الف دولار).
وقد تلقت عائلات فلسطينية عديدة تعيش في القدس القديمة التي تحتلها اسرائيل اوامر مماثلة بالهدم. وترجع البلدية السبب في ذلك الى بناء المنازل او توسيعها من دون ترخيص من السلطات.
وتقوم عمليات الهدم بدافع أن هذه المنازل غير مرخصة، إلا أن الفلسطينيين أصحاب هذه المنازل، لا يتمكنون من الحصول على ترخيص من السلطات الاسرائيلية، بدافع الرفض.وذكر أحد الفلسطينيين الذين تم هدم منزله، " تقدمنا بطلب الى السلطات.. المشكلة ان التراخيص تحجب عن الفلسطينيين بشكل منهجي".
ويقول فلسطيني آخر يبلغ من العمر 65 عامًا حول ذلك "لقد تقدمنا بطلب للترخيص، لكن البلدية رفضت.هم يريدون دفعنا الى مغادرة المدينة القديمة".
وفي معرض تبرير ما يجري تكتفي مصادر في بلدية القدس بالقول ان "البناء من دون اذن هو بناء غير شرعي" في الوقت الذي تحدثت فيه الاممالمتحدة عن 1500 امر صدرت حتى الان في القدسالشرقية بهدم منازل بنيت من دون تراخيص.
وبحسب الناطق باسم رئيس البلدية نير بركات، المنتخب في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008، فان هذه الاوامر لا تلحظ الفلسطينيين دون سواهم، وانما تطال الجميع على حد سواء.
لكن مئير مارغاليت من اللجنة الاسرائيلية لمناهضة هدم البيوت وهي منظمة اسرائيلية غير حكومية، يؤكد وجود "تمييز واضح ومنهجي" من قبل المسؤولين الاسرائيليين.
من الناحية النظرية فان المعايير المعتمدة للاستحصال على ترخيص في القدس هي معايير موحدة للجميع، لكن التراخيص لا تعطى ضمن المنطقة المصنفة "خضراء".
في الواقع، فان المساحة الاكبر من القدسالشرقية تقع في "المنطقة الخضراء" على عكس حال القدسالغربية على ما يوضح مارغاليت.
ويضيف "هذا قرار سياسي، الاسرائيليون لا يعطون التراخيص. طبعا لن يقولوا لك ان سبب الرفض هو لانك فلسطيني، وانما سيقولون ان هذه المنطقة مصنفة ضمن المنطقة الخضراء لذلك لا يمكن اصدار الترخيص".
وتلفت المنظمة الاسرائيلية غير الحكومية "عير اميم" (مدينة الشعوب) انه "ومنذ العام 1967 بدأت اسرائيل تستخدم التخطيط المدني وسيلة اساسية لوقف عمليات البناء الفلسطينية والابقاء على غالبية سكانية واسعة من الاسرائيليين في المدينة".
وقالت المنظمة ان 27 عملية هدم منازل من اصل 85 تمت "طواعية" اي ان اصحابها قاموا بهدمها بانفسهم بعد تلقيهم الامر بذلك في العام 2008.
وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون انتقدت السياسة التي تتبعها اسرائيل والقاضية بهدم المنازل التي تم انشاؤها او توسيعها من دون اذن، واعتبرتها مخالفة لخارطة الطريق التي تلحظ حلا يقضي بوجود دولتين بغية وضع حد للصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
وبحسب مكتب الاممالمتحدة لتنسيق الانشطة الانسانية، فان ما يقارب الستين الفا من الفلسطينيين مهددون بفقدان بيوتهم اذا ما استمرت سياسة هدم المنازل.
ويؤكد المكتب ان 13 في المئة من مساحة القدسالشرقية فقط تم تخصيصها للابنية الفلسطينية ما يولد عجزا بمقدار 1100 وحدة سكنية سنويا في صفوف الفلسطينيين في القدسالشرقية.
هذا وقالت مصادر فلسطينية إن السلطات الإسرائيلية سلمت الليلة قبل الماضية إخطارات بهدم منازل 65 عائلة فلسطينية في مدينة القدس.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن إخطارات الهدم تستهدف منازل في أحياء بيت حنينا وشعفاط شمال القدس ووادي قدوم في سلوان إلى الجنوب من البلدة القديمة.
ووصفت المصادر حملة الإخطارات بأنها من أوسع عمليات الدهم لأحياء فلسطينية ، مشيرةً إلى أن بعض البنايات كانت تسلمت في السابق نفس الإخطارات وبينها عمارة تضم 24 شقة سكنية.
وتتذرع إسرائيل بأن السبب في الهدم هو عدم الترخيص أو المخالفة القانونية ، الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون ويؤكدون أن هذه السياسية تندرج ضمن مساعي تهويد القدس وتهجير الفلسطينيين منها.