قال الكاتب الصهيوني "عاموس هرئيل" إن الجيش الصهيوني يدرك أنه بدأ العد التنازلي لصدام واسع النطاق في الضفة الغربية، حيث تتراكم كل المركبات التي تقود إلى ذلك، وإن نجاح الجيش في وقف أي تصعيد يعني كسب المزيد من الوقت حتى يقع الصدام. جاء حديث هرئيل في مقالة نشرتها صحيفة "هآرتس" صباح اليوم الجمعة (14-11) تحت عنوان "الجيش يحاول كسب الوقت حتى الصدام القادم في الضفة الغربية". ويضيف الكاتب في مقالته: "إن الجهازين السياسي والأمني في إسرائيل يجدان صعوبة في التركيز على أكثر من قضية واحدة في الوقت". وتابع أن خلافات غنتس – كوهين أبعدت عن العناوين الرئيسية إضافة لسلسلة العمليات التي وقعت في بداية الأسبوع، حيث قتل صهيونيان في عمليتي طعن الاثنين الماضي، إضافة إلى مقتل 4 آخرين في عمليتي دهس في القدس، وإضرام النار في مسجد في منطقة رام الله، واستشهاد فلسطيني بنيران جنود الاحتلال شمال الخليل، والمواجهات في البلدات العربية في الداخل احتجاجا على مقتل الشاب خير حمدان من كفركنا بنيران الشرطة، بالتزامن مع التوتر القائم بشأن الحرم القدسي. وبحسب الكاتب فإن سلسلة الأحداث هذه دفعت "إسرائيل" إلى القيام بخطوات على مستوى الأعمال وعلى مستوى التصريحات، بيد أن خطابات القيادة الصهيونية تظهر أنه على المستوى العسكري – التكتيكي ليس لديها حلول عملية، حيث أعلن نتنياهو نيته إبداء المزيد من "الحزم تجاه الإرهاب"، وتعهد بمعاقبة ذوي الأطفال الذين يرشقون الحجارة، ووجه تهديدا عاما للعرب في "إسرائيل". ويضيف الكاتب أن الجدال بشأن صلاة اليهود في الحرم المقدسي أعادت المركب الديني بشكل عميق إلى لب المواجهات، وأنه يبدو أن هذا ليس السبب الوحيد لتصاعد العنف الديني في إطار الصراع. ويشير في هذا السياق إلى أن الأشرطة المصورة التي يعرضها تنظيم الدولة الإسلامية، من مجازر وإعدام علني في شوارع العراق وسورية تفعل فعلها. ويلفت أيضا أن حقيقة نشر كاميرات المراقبة في "إسرائيل" والضفة الغربية تشجع "المقلدين"، حيث أن واقعة قتل حمدان في كفركنا، وعملية الدهس الثانية في القدس وعملية الطعن في "غوش عتسيون" تم توثيقها بالكاميرات، وبالنتيجة فإن التلفزيون والإنترنت يوثقون ويبثون كل واقعة بتفاصيلها الدقيقة. ويضيف هرئيل، أنه مثلما كتب الكاتب آفي يسسخاروف في موقع "واللا" الإلكتروني، فإنه في الوقت الذي يطلق فيه نتنياهو التهديدات تجاه الفلسطينيين، فهو يرسل ممثلين عن الجيش لإجراء محادثات تهدئة مع قادة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، حيث طلب منهم العمل على "لجم العنف" في الضفة الغربية ويشير إلى أنه في هذه المرحلة، ورغم تحريض حركتي حماس والجهاد الإسلامي، يبدو أن قيادة السلطة الفلسطينية ستتمسك بتعليماتها للأجهزة الأمنية بالعمل على لجم التصعيد. وأشار أيضا إلى أنه في الشهرين الأخيرة اعتقلت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية أكثر من 200 ناشط في حركة حماس في الضفة الغربية. كما أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس معني بالتركيز على الصراع السياسي، حيث ينوي التوجه، خلال شهر، إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بهدف إعادة تحريك العملية والاعتراف الدولي بفلسطين. ويتابع أن "إسرائيل" ردت من جهتها بفرض العقوبات، والتي يتوقع أن يكون من ضمنها تجميد تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية مرة أخرى، مضيفا أن الصدام السياسي قد تكون له أبعاد على الأرض، من جهة حصول تآكل جدي في التنسيق الأمني بين الجيش والشاباك من جهة، وبين أجهزة أمن السلطة، والذي لم يتضرر حتى اليوم في أعقاب العمليات الأخيرة. وبحسب الكاتب، فإن من يتحدث مع كبار المسؤولين في الجيش الصهيوني، اليوم، يدرك أنه بدأ العد التنازلي لصدام على نطاق واسع في الضفة الغربية، حيث تتراكم المركبات المقلقة. ويضيف أن "الديناميكا السلبية تعمل: الغضب يتصاعد على خلفية دينية، توجه السلطة إلى الساحة الدولية، تآكل مكانة الأجهزة الأمنية الفلسطينية بنظر الفلسطينيين في الضفة الغربية، عمليات أخرى قد تقود "إسرائيل" إلى فرض خطوات عقابية أخرى، مثل فرض الإغلاق على الضفة والإبعاد المنهجي للعمال الفلسطينيين الذين يدخلون الخط الأخضر بدون تصاريح. وينقل هرئيل في هذا السياق عن مصدر أمني صهيوني قوله إن "إسرائيل" تواجه اليوم أخطر وضع والأكثر إشكالية منذ سنوات، مضيفا أن الهدف الذي وضع للجيش هو وقف حصول تصعيد آخر. ويتابع المصدر الأمني أنه حتى لو نجح الجيش في ذلك فإنه سيكون أساسا بهدف كسب الوقت إلى حين الصدام القادم. ويتابع المصدر الأمني أن "الهدف الاستراتيجي تغير للأسوأ منذ الصيف، وأننا نقف على حافة منحدر حاد. يجب أن يحصل شيء ما غير عادي كي يتغير الاتجاه". وبحسب هرئيل فإن التوجه المتشدد الجديد للسلطة الفلسطينية ليس موجها ضد "إسرائيل" فقط، حيث أن عباس ليس على استعداد لدمج قوات الأمن الخاصة به في خطة إعادة إعمار قطاع غزة، وبالتالي فإن موقف يسد الطريق أمام المصالحة بين السلطة وحركة حماس، ولكنها قد تكون تعبيرا عن يأس كبير. ويختتم الكاتب مقالته بالإشارة إلى أن نتانياهو، في خطابه في نهاية الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة، قد ألمح إلى ما أسماه "الأفق السياسي" المحتمل في نهاية الحرب، وبعد ذلك تبين أن نتنياهو ويعلون يقصدان غزة، وليس الضفة الغربية. وبحسب الكاتب فإن عباس يشك بأن "إسرائيل" وأيضا حماس ليستا معنيتين بأن ينجح في قطاع غزة، لأن الفشل يوفر لنتنياهو ذريعة جيدة لتأجيل المفاوضات لسنوات أخرى. ويخلص الكاتب إلى نتيجة أنه ليس المصالحة الفلسطينية وحدها عالقة، وإنما إعادة إعمار قطاع غزة أيضا، وأن ذلك يعني تبديد كل احتمال بتجديد ما يسمى ب"العملية السياسية" بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية المركزالفلسطيني للإعلام .