يرى بعض المراقبين أن تبني مجلس الأمن الدولي لقرارين بشأن جورجيا وكوريا الشمالية منذ عدة أيام لم يكن محض مصادفة. وتقول صحيفة (نيزافيسيمايا غازيتا) الروسية في عددها الصادر 16/10 إن إصدار هذين القرارين بشكل متتالي جاء بعد أن قدمت كل من واشنطنوموسكو تنازلات لبعضهما البعض خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية الروسي مع وزيرة الخارجية الأميركية يوم الخميس الماضي. واللافت أن موسكووواشنطن أعلنتا عن اتفاق بينهما بخصوص كوريا الشمالية بعد أن وافقت الولاياتالمتحدة على التصويت لصالح مشروع القرار الذي ينتقد الحكومة الجورجية على ممارستها في منطقة النزاع الجورجي الأبخازي ، وإن جاء هذا القرار مخففا على عكس ما كانت ترغب روسيا في البداية. فقد نجحت واشنطن في التأكيد في هذا القرار على سلامة وحدة الأراضي الجورجية ، ونزعت من القرار ما يدل على استنكار السلوك الجورجي. وأكملت الولاياتالمتحدة موقفها هذا بعدم السماح لوزير خارجية جمهورية أبخازيا المعلنة من طرف واحد بإلقاء كلمة أمام مجلس الأمن الدولي. ومما له دلالته أن تبليسي ، بعد هذا القرار ، قطعت الطريق على الجولة الجديدة من مفاوضات انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية. ويعتقد مراقبون كثيرون أن الجورجيين أقدموا على هذه الخطوة بإيعاز من الأميركيين. ومن ثم جرى تأجيل الجولة الجديدة من المفاوضات المتعددة الأطراف حول انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية ، والتي كان من المفترض أن تعقد في شهر نوفمبر المقبل. ومازال أمام روسيا التوصل إلى اتفاق مع ثلاثة بلدان - الولاياتالمتحدة الأميركية وجورجيا ومولدافيا - لتفتح المنظمة باب العضوية أمامها. وتقول وزارة الخارجية الجورجية إن موقف تبليسي الجديد من انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية هو السبب في تأجيل هذه الجولة ، ولاسيما أن روسيا فرضت ما اعتبرته وزارة الخارجية الجورجية حصارا اقتصاديا بعد أن حظرت استيراد الخمور والمياه المعدنية من جورجيا. ويظن بعض المراقبين أن الولاياتالمتحدة سترغم جورجيا على التوصل إلى اتفاق مع روسيا بعد أن تتوصل إلى صيغة اتفاق ترضيها مع روسيا بشأن منظمة التجارة العالمية. ووفقا لقانون منظمة التجارة العالمية لا يمكن أن تدخل مفاوضات انضمام روسيا إلى المنظمة المرحلة الختامية إلا بعد أن توافق جورجيا على هذا كونها عضوا في المنظمة. وتقول صحيفة واشنطن بوست إن الرئيس فلاديمير بوتين عاد ، فيما يبدو، إلى النهج الذي كانت تتبعه القيادة السوفيتية والذي يرى ضرورة أن يتوازن أي تنازل مع أي نجاح سياسي لواشنطن . وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن روسيا لم توافق على تبني قرار مجلس الأمن بشأن كوريا الشمالية إلا بعد أن وافقت الولاياتالمتحدة على قرار آخر بشأن جورجيا. ولا أحد يعرف كيف ستكون المقايضة بشأن الملف النووي الإيراني ، وخاصة بعد أن تسربت معلومات في وسائل الإعلام الروسية بأن مندوب روسيا في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين طالب واشنطن بإلغاء العقوبات التي فرضتها مؤخرا على شركتين كبيرتين روسيتين في مجال السلاح ، هما روس أوبورون إكسبورت و سوخوي ، مقابل تفهم فرض العقوبات على طهران. غير أن مصادر روسية تؤكد على الاختلاف بين الملفين النوويين الكوري الشمالي والإيراني حيث أن بيونغ يانغ أجرت تجربة نووية وتنوي امتلاك السلاح النووي ، بينما تعلن طهران أنها لا تنوي فعل ذلك. وبناء على هذا الاختلاف ربما يكون من الصعب على موسكو موافقة واشنطن في فرض عقوبات مشددة على إيران. هاني شادي [email protected]