الحدود صناعةٌ وهميةٌ زرعها وباركها ورعاها الاستعمار؛ لتقسيمِ العالمِ لكنتونات صغيرةٍ تدين له بالولاءِ والطاعة, وقد نجح المستعمرون الجدد فى تنفيذِ مخطَّطِهِم المشبوه من خلالِ خططٍ صهيونيةٍ تعتمد على زرعِ الفتن، وبث الشقاق، وتصدير الخلافات بين قطر وآخر؛ ليصبح الجميع على شفا حفرة الحروب الأهلية، التى مزقت الشعوب ودمرت اقتصادها. لم يقصد الاستعمار ذلك فقط بل امتدت أهواؤه فى نشرِ سمومِهِ بين أبناءِ الوطنِ الواحد؛ لتمزيق الهوية الوطنية، ومحو التراث والتاريخ الذى يربط الكيان الواحد؛ لتظل هذه البلاد الفقيرة فى حاجةٍ له، ولقد انتبهت أوربا لهذا المخطط، ورأت أهوالَ ومآسى التقسيم، وماجناه من ضحايا وكوارث، فأسرعت بإنشاء الاتحاد الأوربى الذى جمع دول القارة فى كيانٍ واحدٍ دونَ أىِّ معوقات ليستطيع الفرد أن يتجول بحرية فى جميع الأقطارِ المشاركةِ من خلالِ تأشيرةٍ واحدةٍ فقط؛ لكن حكامنا العرب الأشاوس الذين حافظوا على الكرسى من خلال الدبابات، ونفير الحرب الأهلية مازالوا أسرى لأفكارٍ باليةٍ وعقيمةٍ زرعها المستعمرُ، وتركها ليقوموا بنفس الدور المشبوه فى الإجهاز على شعوبِهِم من أجلِ منصبٍ زائلٍ ستلفظه الشعوب إن آجلا أو عاجلا. حكامنا الذين أقاموا الحدودَ والحواجزَ، واصطنعوا المشاكلَ مع جيرانِهِم فى العقيدةِ والهويةِ؛ للحفاظ على المنصب الذى قدموا فيه الغالى والنفيس؛ للحفاظ على الكرسى الذى انتزع بانتخابات مزورة، وصناديق مشبوهة نفذتها أجهزة قمعية وسيادية تدين له بالولاء والطاعة. وإذا نظرنا إلى حدودِ مصر مع جيرانِها، ك: فلسطين، والسودان، وليبيا؛ نجدها ضعيفة ومخترقة وأصبحت وكرًا للصوصِ من مافيا التهريبِ التى أغرقت دولها بالأسلحةِ وغيرِها. وقد تنبه "مصر الفتاة" إلى خطورة المخطط، فدعا إلى الوحدة بين العرب والمسلمين؛ للحفاظ على الهوية وتدعيم أواصرها بين الأشقاء أملا فى التكامل بين أبناء المنطقة, كما أكد حزب الاستقلال على أن الحدود صناعة صهيونية زرعها المستعمر، ونحن كحزبٍ يحمل الرؤية والهوية الإسلامية دعونا ونكررها بأن تكون الحدود والمناطق المتنازع عليها مناطق تكامل وتفاعل للسكان من البلدين. هذه الرؤية يجب تطبيقها فى حلايب وشلاتين، وبين مصر وليبيا، ومصر وقطاع غزة؛ لتصبح هذه المناطق نقطة جذب للاستثمار، والرخاء، والتنمية؛ فتكون نقطة تجمع للمشاريع المشتركة التى تربط الدول بعضها ببعض. والتاريخ يشهد بأن الدولة المصرية فى عهد محمد على امتدت من مصر للسودان، ووصلت إلى مدغشقر؛ ولذا نعتبر السودان الشقيق العمق الاستراتيجى، وحاضن الأمن القومى من الناحية الجنوبية لمصر.