أكد خبراء وباحثون سياسيون أن ما حققته المقاومة الفلسطينية حتى الآن في قطاع غزة يعد انتصارًا ساحقًا على الكيان الصهيوني، رغم ما تكبَّده القطاع من خسائر في الأرواح والممتلكات، فضلاً عن تدمير المنازل والمساجد والبنية التحتية للقطاع. مؤكدين أن الانتصارات التي حققتها المقاومة ستؤدي إلى دخول القطاع في هدنة طويلة تُسقط خيارات التسوية أمام الكيان الصهيوني، وتجعل الفرصة سانحةً أمام المقاومة في فرض شروطها التي تمكنها من دفع القضية الفلسطينية إلى الأمام. وأوضحوا خلال الحلقة النقاشية التي نظمتها لجنة فلسطين باتحاد الأطباء العرب- تحت عنوان: "كيف تحوِّل المقاومة صمودها إلى مكاسب سياسية"- أن صواريخ المقاومة المتتالية والقوية دليل على الإعداد الجيد من قبل المقاومة في مواجهة عدو غاشم لم يتمكن حتى الآن من رصد تحركات المقاومة أو أماكن إعدادها، وهو ما يعد وحده انتصارًا فائقًا. وتناولت الحلقة كيفية استفادة المقاومة من انتصارها الإستراتيجي والعسكري فيما يضع حلولاً جذريةً للمشكلات التي تواجه القضية الفلسطينية، وكذلك كيفية إعادة ترتيب أوراق البيت الفلسطيني الداخلي بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة. يقول الدكتور ضياء رشوان الخبير في شئون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية إن كلاًّ من الشعب الفلسطيني والمقاومة في قطاع غزة يثبتون يومًا بعد يوم أنهم أصحاب الانتصارات وأنهم يجسِّدون المعنى الحقيقي للصمود وتحقيق المكاسب، مؤكدًا أن مبدأ المقاومة متأصِّل في الشعب الفلسطيني منذ أمد بعيد، وبزغت منه العديد من حركات المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس التي تعد الابن الأقرب والأصغر لحركات المقاومة والعامل الرئيسي الذي دعم فكرة "بقاء المقاومة"؛ بغض النظر عمن يقوم بها. وأضاف رشوان أن صمود المقاومة لم يأت بغية مواجهة الكيان في القصف الأخير فقط، وإنما صمود المقاومة الفلسطينية يحمل بين طياته المعنى الزمني لبقائها قادرةً على مواجهة الآلة الصهيونية؛ على الرغم من أسلحتها البسيطة في مواجهة جيش يستدعي احتياطه بالآلاف، ملوِّحًا بمرحلة ثالثة وهمية من الاجتياح، ولكن علمتنا المقاومة الفلسطينية أن معنى الصمود يكتمل بالبعد عن مواطن الخلاف وقت الشدة، وظهر ذلك في الاتحاد بين فصائل المقاومة وقت الحرب؛ لأن الآلة الصهيونية الغادرة لا تفرق في قصفها بين أحد؛ فنحن أمام حالة مزدوجة من الصمود على الجانبين السياسي والميداني. وأشار إلى أن المقاومة حصدت بصمودها وانتصارها مكاسب عديدة؛ منها: إضفاء الشرعية على المقاومة باعتراف الجميع بها، كطرف تم الإقرار به بشكل قانوني أو واقعي في المبادرات المطروحة كمبادرة القاهرة، أو قرارات مجلس الأمن العديدة التي تخص المقاومة، والتي تخاطب المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية حماس؛ على أنها طرف فاعل أمام القوانين الدولية. فرض الشروط وأكد رشوان أن الانتصارات التي حققتها المقاومة ستؤدي إلى دخول القطاع في هدنة طويلة تسقط خيارات التسوية أمام الكيان الصهيوني وتجعل الفرصة سانحةً أمام المقاومة في فرض شروطها التي تمكنها من دفع القضية الفلسطينية إلى الأمام، وهناك مكسب آخر في غاية الأهمية وهو وحدة الفصائل الفلسطينية وكيفية التحامها على هدف واحد وقت القصف والعدوان، وهو ما يبشر بمحاولة إصلاح الوضع الفلسطيني الداخلي. وفيما يتعلق بمحاولات عقد قمم عربية أو طرح مبادرات تسعى إلى حل الأزمة ورفع العدوان؛ أوصى رشوان القمم القادمة بتبني قرارات واضحة يكون أولها الاعتراف بشرعية المقاومة وحركة حماس وسلطتها؛ بدلاً من محاولة بعض الأنظمة العربية استغلال قضية غزة لتصفية حساباتها الداخلية؛ بدليل تسابق البلدان العربية فيما بينها لتبني الدعوة لعقد قمة عربية طارئة أو طرح مبادرة عاجلة دون أن يصدر عن أي منها أي قرارات حاسمة كما حدث في مبادرة القاهرة؛ التي اهتمت فقط بحل الأزمة الحالية فيما يحقق مصالحها الخاصة دون ربط بين طرح إجراءات عاجلة لحل الأزمة ومعالجة القضية على المدى الطويل. يد واحده ويحذر محمد جمعة الباحث بمركز الإعلام العربي والمتخصص في الشأن الفلسطيني من محاولة إيقاع حماس في فخ من جراء تصوير للعالم بأسره أن قبول المبادرات وغيرها مرتبط بحماس وحدها دون باقي أطراف المقاومة، وهذا الفخ يجب ألا تقع فيه حماس؛ لأن المقاومة بكافة فصائلها يجب أن تكون يدًا واحدة، كما حمَّل جمعة حماس الآن مسئولية تاريخية في إصلاح الوضع الفلسطيني الداخلي واستيعاب الدروس من المواقف السابقة في التعامل مع العدو باستخراج مكاسب سياسية مرضية. كما طالب جمعة حركة حماس بأن تفطن لما يدبره لها الكيان للفتك بها وبحركات المقاومة؛ بطرح خيارين إما التسوية وقبول الهدنة لوقف شلال الدماء ووقتها ربما يتم رفع الحصار عن غزة لتصبح تحت سلطة حكومة حماس وبذلك تفرق قوات الاحتلال الأراضي الفلسطينية وتقسِّمها إلى وحدات صغيرة كل منها تحت سلطة وإدارة مختلفة وهو ما يزيد الوضع الداخلي سوءًا وتفكيكًا.. وإما الاستمرار في الوضع الحالي وتصوير للعالم كله أن حماس هي التي لم تقبل بالسلام ولا بالمبادرات وهو ما يشوِّه صورة الصمود والكفاح لحماس ولحركات المقاومة.