أصدر أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة بيانا يدين العدوان الصهيونى على غزة الصامدة، كما يدين المواقف المتخاذلة للأنظمة الواهنة.. وفيما يلى نص البيان: ها هي حلقة جديدة من حلقات العدوان والهجمات الفاشية البربرية الصهيونية على شعبنا الفلسطيني المجاهد في قطاع غزة، حلقة تتم اليوم على مرأى ومسمع منا ومن العالم أجمع على الهواء مباشرة، يتساقط مئات الشهداء ومئات الجرحى في أقل من ساعة واحدة تحت تأثير القصف الجوي والبحري العنيف، حيث يتعمد العدو المتجبر القيام بها بشكل متواصل في وقت اكتظاظ الشوارع بالمدنيين و تلاميذ المدارس وقت خروجهم من مدارسهم، و وقت ممارسة عامة الفلسطينيين لأعمالهم وشئونهم الحياتية، في وقت أُحكِم فيه الحصار الخانق عليهم، ليحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية في الحصول على متطلبات معيشتهم الأساسية.
لقد استعصى الشعب الفلسطيني الحر في غزة على الاستسلام لإرادة المحتل الغاصب تحت وطأة الحصار المستمر منذ عام و نصف، مما سبب حرجاً بالغاً لكل من ظن أن هذا الحصار سيكسر إرادة الأحرار فيُسقطون قادتهم المنتخبين بحرية وديمقراطية، من هنا استمرت محاولات سحق هذه الإرادة بالقوة الغاشمة لكي تدفع غزة ثمن صمودها في وجه الصلف الصهيوني واتخاذها خيار المقاومة كخيار ينبع من عقيدتها وواجبها الشرعي في عدم التفريط في الثوابت و الحقوق المغتصبة.
إن العدو الصهيوني، ومن يقف خلفه، يحاولون جميعاً فرض واقع سياسي خانع ومستسلم، سواءً بالحصار الظالم المحكم أو بالقصف الوحشي على شريط ساحلي صغير يكتظ بأكثر من مليون ونصف إنسان لا حول لهم ولا قوة، و من جانب آخر يستمر الدم الفلسطيني وقوداً للمعارك الانتخابية الإسرائيلية وللمزايدات فيما بين قادة الكيان الصهيوني الغاصب كلما اقتربت الانتخابات العامة.
إن كثيراً من المحللين السياسيين أفادوا بأن هذا العدوان مبيت ومخطط للقيام به منذ عدة أشهر، وجاء في ظل حملة إسرائيلية على المستوى الدولي والإقليمي، بل والعربي، للتمهيد له ولتبرير ما ستقوم به من مجازر، ومما يؤسف له أن يأتي العدوان بعد يومين فقط من التهديدات السافرة التي وجهتها وزيرة خارجية الكيان الصهيوني من القاهرة، وبجوارها وزير الخارجية المصري دون تعليق منه سوى طلب ضبط النفس، كما تواترت الأنباء عن تطمينات رسمية مصرية لقادة حماس في غزة بأن إسرائيل لن تقوم بالعدوان عليها ، وأن هذه التطمينات جاءت قبل يوم واحد فقط من المذبحة الصهيونية، مما يظهر مصر بمظهر المتواطئ مع هذا العدوان كما قيل في كثير من وسائل الإعلام العالمية والعربية، أو على الأقل يظهر أن العدو الصهيوني لا يقيم وزناً لأنظمتنا العربية، بل ويهزأ بها ويظهرها أمام شعوبها بمظهر المتعاون معها وبإعطائها الضوء الأخضر للقيام بهذا العدوان الهمجي الوحشي، ويستند المحللون أيضاً إلى الحملة الإعلامية المنهجية التي تجري في إعلامنا "القومي" على قدم وساق على مدار الفترة القليلة الماضية، والتي تنحو باللائمة على حركة حماس وحركات المقاومة الأخرى بما "سيحدث" من تنكيل ومذابح للشعب الفلسطيني.
والآن، ماذا نحن فاعلون؟ وماذا يمكن للشعوب العربية والإسلامية أن تفعل في ضوء القيود التي تكبلها عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم والعون لأشقائهم في محنتهم؟ وأين نحن من مسئوليتنا الشرعية والوطنية والقومية والإنسانية نحو الصمت المتواطئ تجاه المجازر الإجرامية؟
إننا نطالب حكامنا بتحمل المسئولية الملقاة على عاتقهم الآن، ونطالبهم باتخاذ جميع الإجراءات لمواجهة هذا العدوان الغاشم. إن الشعوب العربية مستعدة لتقديم كل أشكال الدعم لأشقائنا في محنتهم، ويبقى تخلية السبيل أمام هذا الدعم ليصل إلى أهلنا في غزة، ولا يمكن الآن تصور استمرار إغلاق معبر رفح، مما يساهم في إحكام الحصار المستمر على الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للمذابح، ولا يمكن تصور استمرار الدول النفطية الخليجية في تقديم الدعم المجاني للولايات المتحدة للخروج من الأزمة المالية العاصفة التي نتجت عن المؤامرة الكبرى لسرقة أموال العالم، في الوقت الذي تقف فيه أمريكا بوجه سافر خلف العدو الصهيوني في غيه وصلفه وعدوانه على الشعب الفلسطيني.
يجب في الحد الأدنى الاستفادة من جميع أوراق الضغط المتاحة لنا حكومات وشعوب، وإلا فلن يغفر لنا التاريخ هذا التخاذل في حق شعب شقيق عربي مسلم.