يؤكد الكاتب البريطاني “ديفيد هيرست”، رئيس تحرير موقع “ميديل إيست آي”، في مقاله اليوم أن العدوان الإسرائيلي على غزة سيرتد ويعود على الكيان العبري بنتائج عكسية. وقال إن أسماء الهجمات الإسرائيلية على غزة: أمطار الصيف، غيوم الخريف، الشتاء الساخن، الرصاص المصبوب، عمود السحاب والجرف الصامد الآن، ما هي إلا خداع أوهام، فلا هي اشترت لتل أبيب السلام ولا الردع. ومع ذلك فهي فعالة في بروز جيل آخر من الفلسطينيين ملتزم بتدمير إسرائيل. في هذه الحالة بالذات، وفي هذا الوقت بالذات، كما يقول الكاتب، فإن هجوما واسع النطاق على قطاع غزة قد يقتل، بفعالية أكبر، في العقل الفلسطيني -بغض النظر عن المكان الذي يقيم فيه- أن الإسرائيليين مستعدون للعيش معهم بسلام في دولة مستقلة. وهذا هو الحل الذي يتشبث به الصهاينة الليبراليون، لأنه هو الوحيد الذي يضمن بقاء أغلبية يهودية داخل حدودها عام 1948. وهو بالضبط الحل الذي قد تمضي القوة العسكرية الإسرائيلية الآن لدفنه تحت أنقاض قصفها. وعليه، فإن الاسم الأنسب للهجوم الإسرائيلي الحالي هو “عملية العصر الحجري”، الحجارة المشار إليها هنا هي حجارة انتفاضة أخرى. وفي هذا السياق، كما أورد الكاتب، يجب الاستماع لما قاله خالد مشعل، زعيم حماس، عندما قال أمس الأربعاء، إنه لن يمر وقت طويل قبل أن لا تجد فلسطينيا يجرؤ على الحديث عن دولة على أساس حدود 67. ورأى الكاتب أن العملية الإسرائيلية ليست ردا على مقتل ثلاثة من المراهقين الإسرائيليين. ذلك أن خطة الهجوم على حماس في الضفة الغربية ثم في غزة قد أُعد لها منذ أشهر، وهذا للعديد من الأسباب: 1)رفض إسرائيل قبول حكومة الوحدة الفلسطينية . 2)الافتراض بأن تغيير النظام في مصر وفقدان المال من إيران، يجعل حماس في غزة أكثر عرضة للهجوم . 3)تخلي الولاياتالمتحدة عن خيار مهاجمة إيران. أما قول المسؤولين في الجهاز الأمني الإسرائيلي “الشين بيت” بأن حماس هي المسؤولة عن اختطاف وقتل الشباب (المستوطنين الثلاث)، فيمكن أن يكونوا على حق، وفقا للكاتب، لاعتبار واحد، أن قرار مشعل لتشكيل حكومة وحدة أثار جدلا داخل حماس، حيث شهد الاجتماع في الدوحة قبل إعلان حكومة الوحدة خلافا حادا خاصة من قادة حماس في الضفة الغربية، الذين يعرفون أن استمرار عباس استمر في التعاون الأمني مع إسرائيل يعني استمرار الحملة عليهم. وكان مشعل قد انتُقد داخل حماس وعوتب لتنازله كثيرا لعباس أبو مازن، فكان من الممكن أن عملية خطف وقتل ثلاثة من المستوطنين الإسرائيليين الشبان في الضفة الغربية من قبل الفروع التابعة لحماس في الخليل، وذلك لسبب صريح وهو نسف سياسة لم يوافقوا عليها ابتداء. والدافع آخر للاختطاف، استنادا للكاتب، كان يمكن أن يكون محاولة لفرض إطلاق سراح المساجين في وقت انهارت فيه محادثات نتنياهو مع عباس. ولكن فكرة أن مشعل في الدوحة أو أي شخص في غزة يمكن أن يحلم بهذه العملية، فإن هذا لا يتفق مع أي منطق، ذلك أن الذين خططوا لعملية الاختطاف هذه يريدون تدمير حكومة الوحدة الوطنية. والجهة المدبرة يمكن أن تشمل الفصائل الفلسطينية المتناحرة، أو إسرائيل، ولكنها لا يمكن أن تكون مشعل نفسه، أو حماس في غزة، التي فعلت كل ما في وسعها، قولا وفعلا، للحفاظ على اتفاق الهدنة، ولم يتراجعوا عنها إلى يومنا هذا. وقال الكاتب إن إسرائيل ليست بحاجة إلى دليل، كل ما يعنيها هو إيجاد عذر معقول علنا لتنفيذ خطة هجوم رتبت لها مسبقا، وهكذا كان الأمر مع غزو لبنان في عام 1982. وبالتالي، وفقا للكاتب، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو المأمول تحقيقه بالنسبة لنتنياهو؟ إذا تحدثنا بلغة المصالح الإسرائيلية الخاصة، فإن الوضع الراهن يمكن أن يجعل أمن إسرائيل على المدى الطويل أسوأ مما عليه الآن.