في الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) ورغم صدور وعد بلفور (1912) دخلت معظم الكيانات العربية في تحالف مع الغرب المستعمر والمستبد ضد شركاء العرب في الإقليم والدين وتحديدا ضد الدولة العثمانية التي كانت ترفع راية الإسلام وتدافع عنها وبعد إنقضاء عدة عقود على نهاية تلك الحرب أصبح جليا الخطأ الجسيم الذي ارتكبه قادة العرب آنذاك فبرغم تجاوزات العثمانيين الكثيرة ما كان يجب ان ينحو قادة العرب آنذاك باتجاه كسرالعظم مع حلفائهم الأتراك وما كان لهم أن يدخلوا في حلف غير مقدس مع أعداء الأمة البريطانيين (مطلقو وعد بلفور) و مع الفرنسيين أي مع اولئك الأغراب القادمين من خلف البحار حيث مكنوهم من إطاحة الدولة العثمانية ومن الإستيلاء على تركتها فاقتسمها اولئك الاغراب ثم أعملوا بها مقص سايكس بيكو فجزؤوا ما كان موحدا وأعلنوا انتدابهم على العراق وبلاد الشام ومصر ثم دعموا أنظمة عربية قائمة موالية لهم أو ولّو حكم الكيانات المتشظية لأسرعربية متنفذة ومتعطشة للسلطة فوالتهم وناصرتهم ضد الأتراك ومقابل هذا الكرم الغربي لم تتردد تلك الأسر في تنفيذ ما طلب منها لدعم قيام كيان اسرائيلي مصطنع فوق جثث أبناء فلسطين وفوق التراب الفلسطيني المقدس الذي بارك الله به وحوله . وفي الحرب العالمية الثانية (1939-1945) استمر سريان التحالف المشين بين العرب والغرب وقد مهد انتصار القوى الإستعمارية بها وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وأمريكا لقيام دولة اسرائيل عام 1948 تنفيذا لوعد بلفور الذي صدر قبيل الحرب العالمية الأولى وأيضا تنفيذا للخطط الناتجة عن اتفاقية سايكس بيكو التي وقعها البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرانسوا بيكو عام 1916 . أن تسلسل تلك الأحداث يظهر لنا بوضوح الخطوات التي اتخذتها كل من بريطانيا وفرنسا وأمريكا فيما بعد من أجل الهيمنة على المنطقة ومن أجل إقامة الكيان الإسرائيلي ونلخصها بالتالي: - وضع الكيانات العربية المُجزّءة والناتجة عن اتفاقية سايكس-بيكو تحت الإنتدابين الفرنسي و البريطاني - التحالف مع الأسر العربية المتنفذة الحاكمة أو المتطلعة للحكم. - التمهيد بذلك للسيطرة على المنطقة وخيراتها. - التمهيد لإقامة الكيان الإسرائيلي من أجل إدامة السيطرة المنشودة. لا بد للقارئ أن يلمس نوع العلاقة القائمة بين نشوء دولة اسرائيل وبين نشوء كيانات عربية هزيلة بقيادة أنظمة عربية افرزتها أو قوتها اتفاقية سايكس-بيكو، لقد تحالفت أطراف ثلاثة في منطقتنا وهي الاستعمار البريطاني - الفرنسي القادم الينا من الغرب مع الكيان الاسرائيلي المصطنع الذي زرعه في قلب امتنا هذا الغرب ومع الأنظمة العربية الحاكمة المدعومة من الغرب نفسه، انها أطراف ثلاثة لا نظلم أحدا منهم إن قلنا ان الشيطان رابعهم . جمع الماضي بين انظمتنا وبين اسرائيل ونخص بالذكر الدول المجاورة لفلسطين، لقد جمعهم من صنع شكل ومسببات النشوء والتكوين حيث أراد لهم حاضرا واحدا ومستقبلا واحدا فباتوا جسدا واحدا إذا ما انهار عضو منه تداعت له بقية الأعضاء في السهر والحمّى وإذا ما انهار أحدهم توالت انهياراتهم كما الدومينو، تدرك الأطراف الثلاثة أو الأربعة المذكورة طبيعة مصيرهم المشترك وهم يبذلون مساعيهم بلا كلل من أجل المحافظة على منظومتهم كاملة لأن زوال أحد الأطراف يقود بالضرورة الى زوال الأطراف الأخرى وليس بظالم من يقول أن حماية اسرائيل بات هدفا مؤكدا لمعظم الأنظمة العربية التي يعيش أحرار العرب مكرهين تحت ظلها.