أقر رئيس اللقاء الديمقراطي اللبناني وليد جنبلاط، بحدوث تبدل في موقفه إزاء حزب الله، وتأكيده المتكرر مؤخراً أنه لا مجال لإلغاء الحزب بل للحوار معه وإيجاد صيغة لإدخاله في الدولة ضمن استراتيجية دفاعية، بعدما كان يقول باستحالة التعايش مع هذا الحزب. ونقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن جنبلاط قوله رداً على سؤال بهذا الشأن “لقد تطوّرت، ممنوع أن نتطور؟” قبل أن يضيف، في لقاء غير رسمي، أن كل ما حصل في الفترة الأخيرة أسهم بإقناعه، وأنه فهم رسالة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بأنها “تغيير التصرفات السورية” لا تغيير النظام، وأنه استمر بمواقفه وبتصعيده لأن “السياسة تقتضي ذلك”. يقول جنبلاط “يجب أن نتعايش مع سلاح حزب الله، إلى أن تحدث تغييرات ما إقليميّة ودوليّة تسمح بالدخول التدريجي للحزب في الدولة”. ففي رأيه، هذا السلاح مرتبط بالوضع الدولي من إيران إلى الولاياتالمتحدة، ولن يتوقف استخدام لبنان كساحة إلا عندما “يقتنع (الرئيس الإيراني) أحمدي نجاد بذلك، أي عندما يرتاح وضع إيران”. لكنه يوافق على أن الصراع اللبناني “الإسرائيلي” لا يزال قائماً ويقول “فلتهاجمنا “إسرائيل” لكنها لن تربح”. وعمّا إذا كان سيستقبل النازحين من الجنوب في الجبل إذا ما حصلت حرب، “غارة أيّار تركت جرحاً كبيراً لكن يجب تجاوزه، وفي حالة الحرب هناك عدو واضح”. ويرى جنبلاط أن رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري تطوّر كثيراً في السنوات الثلاث الأخيرة، “لكن المشكلة تكمن في فريق المستشارين الذي يُحيط به”، ويضيف “في أيام والده، كانت هناك مركزيّة كبيرة في القرار ولم يكن شخص مثل هاني حمود أو غيره يُقرّر. لكن الآن عندما يأتي حمود ك (صانع القرار)، واليوم ظهر عقاب صقر على الساحة أيضاً.. كل هؤلاء يساهمون في صياغة القرار للشاب سعد الحريري، ما يؤدي الى إضعاف صورة الحريري والمستقبل”، بحسب جنبلاط الذي يرى أن فريق الحريري يفتقر إلى الهرميّة “مثل قافلة الجمال، الجميع يمشي مع الجميع”، مشيراً إلى صعوبة بناء حزب لأنه “تيار ويعتمد على الخدمات والتعليم والمستشفيات...”. ويضيف أن بعض نواب “المستقبل” فقدوا بعدهم العربي والوطني، وأصبحوا متعصبين ومتشدّدين، وأن الحريري لعب لعبة خطيرة مع السلفيين، “من الجيّد أنه تداركها”. ويعتدل جنبلاط في جلسته عند الحديث عن مصالحة الشمال: “قالوا لي إن المجموعات التي قاتلت لم توقّع، التقت مجموعة من الرأسماليين ووقعوا اتفاقاً”. ويُشير إلى أن “المستقبل” ربما فقد تماسكه ككتلة واحدة انتخابيّة في الشمال لكنّه قد يُحافظ عليها في الدوائر الأخرى. وينتقل جنبلاط إلى مسيحيّي “14 آذار”، الذين يشعر بأنهم أصبحوا عبئاً عليه، “فغداً ذاهبون إلى الحوار، والفريق الآخر لديه رأي موحّد ونحن عندنا عدّة آراء”، ثم يُضيف ضاحكاً “هذه نتيجة الديمقراطيّة”. يسأل جنبلاط الجالسين معه عن القيمة المضافة التي تؤمّنها “القوات اللبنانيّة” أو الكتائب في الانتخابات، وخصوصاً أن من سيحدّد الأكثريّة هي الدوائر المسيحيّة. يتحدّث عن الخلافات بين هؤلاء، وعن العصبويّة الحزبيّة الضيقة التي منعت وصول بطرس حرب ونائلة معوّض إلى الوزارة. ولا ينسى جنبلاط أن يشير إلى المسيحيين “الذين يحبون الزعيم الذي يأخذهم إلى الانتحار. فعلوا هذا مع بشير الجميّل ثم سمير جعجع واليوم ميشال عون”. ولا يعتقد جنلاط أن هناك مجالاً للتسوية مع دمشق، “لأن السوريين يريدون محاصرتي والضغط عليّ”. ويقرّ بأنه طالب الأمريكيين بتغيير النظام في سوريا، لكنه يضيف أنه فهم الرسالة عندما قالت له رايس خلال زيارته لواشنطن عام ،2006 إن السوريين يجب أن يُغيّروا سلوكهم. لكنّ جنبلاط يقول إن الشخص الوحيد الذي يمكن أن يتحاور معه هو الأمين العام لحزب الله، ثم الرئيس نبيه برّي. وينفي جنبلاط أن تكون “14 آذار” قد طرحت تغيير النظام في لبنان، لكنها أرادت تخليص البلد من النظام الأمني. ويرى أن على تيار “المستقبل” استكمال عمليّة بناء الكوادر عبر تعليم الشباب الجامعي، لا بناء ميليشيا، كما فعلوا في بيروت، حيث فتحوا مراكز في كل بيروت والمناطق تحت مسمّى شركات أمنية، فليس هكذا تبنى الميليشيات، وقال “نحن في الجبل عملنا على جيش التحرير الشعبي منذ عام 1976 حتى عام ،1989 ولكن أن تنشئ اليوم ميليشيا؟ ولمواجهة من؟ حزب الله؟ هذا جنون، خاصة أنها انهارت في مايو ، نافياً أن يكون هو من دعا الحريري إلى ذلك. ويلفت إلى أن محاربة حزب الله “إذا أراد أحد ذلك” تحتاج إلى تدريب ودعم، لا “كما يجري في الأردن” ويختم “لقد بقيت أنا صامداً في أيّار لكن الحلفاء انهاروا”.