بعد فترة طويلة من المناقشات والاعتراضات من جانب قطاع العمال المصري والمعارضة الوطنية المصرية أعلنت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية (أ. ش. أ) أنَّ الحكومة المصرية قد وافقت على بيع حصة 90% من شرطة عمر أفندي إلى شركة أنوال السعودية مقابل مبلغ 589.5 مليون جنيه مصري أي ما يوازي نحو 102.7 مليون دولار أمريكي. وهذا المبلغ يقل بمقدار 50% تقريبًا عن القيمة الفعلية التي قدرتها بعض التقارير لسلسلة محلات عمر أفندي، والتي وصلت في بعض هذه التقارير إلى نحو ما بين 1.2 مليار إلى مليارَي جنيه مصري.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية المصرية عن وزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين قوله في مؤتمر صحفي حول هذه القضية: إنَّ الشركة القابضة للتجارة التابعة للدولة ستحتفظ بحصة ال10% الباقية "وذلك للحفاظ على بنود الاتفاقية" التي تمَّ التوصُّل إليها مع المشتري في خصوص حقوق العمالة والموقف من مباني وأصول الأفرع المختلفة للشركة.
وفي مسعى منه لتهدئة خواطر جمهور العاملين في الشركة وخارجها من برنامج الخصخصة وإقناع الرأي العام بأنَّ عرض شركة "أنوال" السعودية هو أفضل العروض المتاحة قال محيي الدين: إنَّ الشركة السعودية قد وافقت على تحويل 2% من حصتها لصندوق دعم العاملين بها.
وطبقًا لاتفاقية البيع فبموجب الصفقة تتعهَّد "أنوال" بإنفاق 180 مليون جنيه على تطوير النشاط والحفاظ على الفروع التي ينظر إليها؛ باعتبار أنَّ لها قيمةً معماريةً تاريخيةً، مثل فرع شارع عبد العزيز بالعاصمة القاهرة وفرع سعد زغلول بمدينة الإسكندرية.
وكانت سلسلة متاجر عمر أفندي التي تملك فروعًا في كل المدن المصرية الكبيرة قد تأسست في العام 1856م باسم أوروزدي باك، وهيمنت لفترة طويلة على قطاع تجارة التجزئة في مصر، ثم تغيرت ملكية الشركة واكتسبت اسمها الحالي في عشرينيات القرن الماضي وتم تأميمها عام 1957م. وتمتلك الشركة 28 فرعَ تمليك، و54 فرعَ إيجار وأراضيَ تتجاوز مساحتها 30 ألف متر مربع، بالإضافة إلى عدد من المخازن، وأسطول نقل يضم 146 سيارة نقل بضائع و11 سيارة مقطورة و55 سيارة ركوب.
وتحاول الحكومة خصخصتها منذ سنوات طويلة ضمن برنامج الخصخصة المصري المُتَعَثِّر، إلا أنَّها واجهت صعوبات في تلقي عرض يلبي تقييمها الداخلي للشركة، وبسبب شهرة العلامة التجارية لدى الناس أثارت الصفقة العديد من المناقشات في الأوساط السياسية وصحف المعارضة المصرية التي كثيرًا ما اتهمت الحكومة ب"محاولة بيع رمز قومي بثمن بخس".
وكان نواب المعارضة في مجلس الشعب المصري قد طالبوا بفتح ملف فساد الخصخصة في مصر، والتدليس الذي شاب الصفقات الأولية لبيع عمر أفندي.
وقد شهد مجلس الشعب المصري نقاشات حادة حول هذه المسألة بقيادة نواب المعارضة والنائب المستقل مصطفى بكري حول هذه المسألة طيلة أشهر ربيع العام 2006م الحالي؛ حيث تمَّ تقديم 50 بيانًا عاجلاً بعد الفضائح التي كشفها أحد مسئولي الشركة واتهم فيها وزير الاستثمار بالفساد في خصخصة الشركة، وحالت هذه الضغوط دون بيع الشركة بالعروض الأولية التي كانت لا تساوي نصف القيمة المتوسطة لعمر أفندي.
وكانت مذكرةٌ قد تلقَّاها محيي الدين في الأشهر السابقة قالت إنَّ هادي فهمي- رئيس الشركة القابضة للتجارة- قام باستدعاء أعضاء لجنة التقييم الخاصة بصفقة البيع وطالبهم بخفض التقييم، وكان مبرر الخفض هو أنَّ شركة عمر أفندي تُباع على أساس التَّدفُّقَات النقدية دون النظر إلى قيمة أصول الشركة، وهي الطريقة التي اعتمدت اللجنة عليها في السابق، استنادًا إلى قواعد اللجنة العليا للخصخصة والتي تقضي ببيع الأصول كفروع.