حالت الجنازة العسكرية التي أقيمت للمشير لوزير دفاع مصر السابق المشير أبو غزالة دون مشاركة مئات الآلاف من المصريين الذين يكنون مشاعر الاحترام والتقدير للقائد العسكري الراحل نظرا لإسهاماته في تطوير الجيش المصري التي قيل إنها كانت سببا في إغضاب الغرب ومقدمة لإقالته عام 1989. وانتقد سياسيون ونواب تجاهل الإعلام الحكومي لتطورات الحالة الصحية لأبو غزالة قبل رحيله واكتفائها بخبر مقتضب عن وفاته بعد ذلك، لكن حضور الرئيس مبارك الجنازة أعاد بعض الاهتمام الإعلامي للراحل وسيرته التاريخية. وفي خطوة غير مسبوقة، نعت جماعة الإخوان المسلمين -أكبر الجماعات المعارضة المصرية- المشير أبوغزالة ووصفته بأنه أفضل قائد عسكري مصري في الثلاثين عاما المنقضية. وقال بيان للكتلة البرلمانية للجماعة (86 نائبا) إنها "تعرب عن خالص تعازيها في رحيل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة، وتدعو للفقيد أن يتغمده الله برحمته ويسكنه فسيح جناته وأن يرزق أهله الصبر والسلوان". وأشاد بيان الإخوان بمشاركة أبو غزالة في حرب فلسطين عام 48 وهو لا يزال طالبا بالكلية الحربية، وكذلك حروب السويس عام 1956 وانتصار السادس من أكتوبر1973. وأشار البيان إلى دور أميركي في قرار إقالة أبو غزالة عام 1989، وقال "خرج أبو غزالة من منصبه بعدما ترددت شائعات عن قيامه بدور قوي في تطوير برنامج الصواريخ المصري، وهو ما أثار استفزاز الولاياتالمتحدة الأميركية". إغفال ولعب أبو غزالة حتى نهاية الثمانينيات دور الرجل الثاني القوي في الدولة المصرية قبل الإطاحة به في تعقيدات سياسية وشخصية وتوتر في علاقته مع مبارك، انزوى بعدها عن الأضواء باستثناء حضور في مناسبات يدعى إليها أو قصص نسبت إليه في صحف ومجلات عملت على النيل من شعبيته. وفي العام 1986، وبعدما طلب مبارك من الجيش التدخل لقمع حركة تمرد نفذتها قوات الأمن المركزي ، اعتقد الكثيرون أن هذه الأزمة انعكست سلبا على رصيد مبارك ودفعت به إلى الواجهة. لكن ذلك لم يدم، إذ كشفت تقارير صحفية صدرت عام 1987 أغضبت الدول الغربية عن برنامج لتطوير صواريخ طويلة المدى بين الأرجنتين والعراق ومصر باسم "كوندور 2". وتحدثت هذه التقارير حينها عن محاولات لحصول المسؤولين عن البرنامج على تكنولوجيا الصواريخ الأميركية بطريقة غير شرعية وعن صلة ما لأبو غزالة بهذا الملف. وفي أبريل 1989 عزل مبارك أبو غزالة من وزارة الدفاع وعينه مستشارا له، في منصب يخلو من أي صلاحية تنفيذية، وظل أبو غزالة مستشارا رئاسيا حتى فبراير 1993 حيث استقال واعتزل كل عمل سياسي وعسكري. وبعد ستة أشهر على نقل أبو غزالة، أعلن مسؤولون أميركيون أن مصر أنهت تعاونها مع العراق والأرجنتين في مجال تكنولوجيا الصواريخ.