نفذ الديكتاتور الارجنتيني خورخي فيديلا، انقلابا عسكريا وحشيا فى الأرجنتين كان يسمى بحكم الرصاص، الحكم الذى قتل وشرد واعتقل فيه ما يقرب من 30 ألف شخص وامرأة وطفل. جعل فيديلا عمليات خطف المعارضين في صلب سياسة الدولة المنهجية في ظل النظام العسكري الارجنتيني (1976-1981)، فمثلا قام بخطف حوالي 500 طفل من ذويهم إبان فترة الدكتاتورية ومنحوا بالتبني الى مسؤولين او مقربين من النظام لترتبيتهم كجنود له. لفظ خورخي فيديلا (87 عاما) أنفاسه الاخيرة في الزنزانة التي كان يمضي فيها عقوبة السجن المؤبد عن الجرائم التي ارتكبها نظامه العسكري الاستبدادي عام 2013. كانت المرأة الأرجنتينة فى صدر الثورة التى اطاحت بحكمه عام 1981 وأكثر من دفع الثمن بعمليات الخطف والاغتصاب الواسعة والحمل القسرى لتربية جنود للعسكر موالين له بعد الولادة. كما كان يلقى بالمسلحين بعد إخضاعهم لعمليات تعذيب من الطائرات والمروحيات في نهر (ريفر بلات) حتى لا يعثر على جثثهم على الاطلاق. وأطلق على هؤلاء المسلحين اسم “المختفين” – المفقودين- ومنذ ذلك الوقت دأبت أمهاتهم على انتظارهم وتنظيم حملات للعثور على أشلائهم أو مقابلة أحفادهن الضائعين. لكن اكثر أوجه الديكتاتورية مأساوية تمثل في وحشية القمع المعمم المستوحي ” عقيدة الأمن القومي” التي اخترعتها واشنطن التي ترى ان الأرجنتينوأمريكا اللاتينية مهددة بخطر “الشيوعية العالمية” . اعتبر العسكر كل من لم يؤيد صراحة الانقلاب عدوا وعرضوه للقمع- أي السواد الأعظم من القطاعات الاجتماعية- مع الصمت المتواطئ من جانب الطبقة السياسية. وتتحدث مصادر متنوعة عن 000 500 منفي اضطروا الى الهروب من البلد. كان هدف انقلاب 1976 الصريح كبح تقدم الحركات الاجتماعية، وتحطيم أى نوع من المعارضة، وفي القطاع الصناعي، سعى العسكر إلى تركيز سريع للثروة لجنرالاتهم. وفي ظرف وجيز قاموا بتصفية ثلث جهاز الإنتاج – لا سيما المنشآت الصغيرة والمتوسطة الوطنية- مع انفتاح متسارع على الواردات. وبشكل مواز قاموا بإلغاء قسم مما حققه العمال من مكاسب في 50 سنة الاخيرة، نهاية الانقلاب جاءت بالتوازى مع الثورة ضده طوال 5 سنوات وأيضا للفشل الاقتصادى الذريع الناتج عن المنطق العسكري. انتقل الدين الخارجي الى اكثر من 45 مليارعند نهاية الدكتاتورية، وتضاعفت الديون 20 مرة تقريبا الى 160 مليار. ومذاك قامت دوامة جهنمية لأن الأرجنتين سددت خلال هذه الفترة 200 مليار دولار أي زهاء 25 مرة مبلغ ديونها في مارس 1976. ولا حاجة الى الإشارة الى أن قسما كبيرا من المبالغ المقترضة من الخارج في ظل الديكتاتورية لم تكن تصل الى حسابات بالأرجنتين بل تغذي استثمارات العسكريين بالخارج، ومجموعاتهم الاقتصادية والاليغارشية بواسطة آلية فساد يسميها الشعب ” الدراجة المالية”. اصطنع المجلس العسكري حربًا وطنية ضد بريطانيا على منطقة جغرافية متنازع عليها، وكان ينتظر من الولاياتالمتحدة مساندته في تلك الحرب، لكنها خلت به وساندت البريطانيين، مُني العسكر بهزيمة ساحقة وفقدوا مصداقيتهم للأبد. وأخيرًا اضطر المجلس العسكري للاستقالة وترك الشعب ينتخب أول رئيس مدني له، وهو راؤول ألفونسين الذي صعد للسلطة عام 1983. الأرجنتين اليوم تختلف تماما عن هذا الأمس الكئيب، الأرجنتين الآن تتمتع بازدهار اقتصادي وهي ثالث أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية, وفي عام2012 نما الاقتصاد الأرجنتيني بنسبة9%. وتتمتع الأرجنتين بتصنيف عالي جدا في مؤشر التنمية البشرية, وتحتل المركز الخامس في مستوي الناتج المحلي اللأسمي للفرد الواحد علي مستوي دول أمريكا اللاتينية والأعلي في القدرة الشرائية. المصدر: المرصد العربي للحقوق والحريات