ذكرت صحيفة لوس أنجلس تايمز The Los Angeles Times في تقرير لها أن العراق يتشبث بهدوء هش وضعيف يقع بين مرحلتي الحرب والسلام، فيما يتحرك العراقيون بحذر مع تحسن الوضع الأمني ومغادرة القوات الإضافية في مناخ سياسي يلفه الغموض وينذر بالصراع. ورأت الصحيفة أن مغادرة ما يزيد عن 2.500 عسكري من قوات الاحتلال الأمريكية الإضافية هذا الشهر، تركت العراق في هدوء ضعيف، يقع في منتصف المسافة بين السلام والحرب، حيث تظهر على السطح التوترات الاثنية والطائفية. وتشير الصحيفة إلى أن مسؤولين سياسيين وعسكريين أمريكيين يرحبون بالتحول الملحوظ من حرب أهلية مفتوحة خلَّفت 3.700 قتيل خلال أسوا الشهور في خريف العام 2006، مقارنة بشهر يونيو الماضي حيث بلغت أعداد القتلى 490، طبقا لتقديرات (وزارة الحرب الأمريكية (البنتاغون. وعلى الرغم من الانجازات، كما ترى الصحيفة، إلا أن الأفق السياسي يبدو غائما: فالأحزاب الإسلامية الشيعية منغلقة في دائرة تنافسات خطرة في وسط العراق وجنوبه. والأكراد والعرب في الشمال في صراع على الأرض وما من حلٍ يلوح. وما يسمى بالصحوات المدعومون من الولاياتالمتحدة، الذين انقلبوا على جماعة القاعدة، قد يعودون إلى صفوف "التمرد" أن لم توفر لهم الحكومة أعمالا وفرصة الالتحاق بالعملية السياسية. أما التفجيرات والاغتيالات والخطف فما زالت تحدث يوميا، بحسب الصحيفة، وأولئك الذين يستمتعون بحياة بغداد الليلية يشعرون بالأمان فقط لأنهم يبقون في أحيائهم في مدينة تحولت إلى جيوب بعد سنوات من العنف الطائفي. ربما يتوقف دوام هذا الهدوء، كما تقول الصحيفة، على عوامل عدة؛ من بينها نتائج الانتخابات المحلية التي لم يحدد تاريخ إجرائها بعد، والانتخابات العامة، وكيف ستتمكن الفصائل الدينية والاثنية من التوصل إلى صيغة عادلة في تقاسم السلطة. وتعتقد الصحيفة :إن هناك سؤالا يؤرق البلد: ما الذي يحدث عندما تخلي" القوات الأمريكية " المراكز التي أقامتها في أحياء بغداد، حيث كانت عازلا، بل حتى أنها اعتقلت قادة في الشرطة والجيش متهمون بتنفيذ أجندة طائفية؟. وتتابع الصحيفة تحليلها قائلة: إن السؤال نفسه قد طرح في الولاياتالمتحدة إذ أن باراك اوباما المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، اعترف بأنه اخفق في التكهن إلى أي مدى سينخفض العنف في العراق في هذا العام، وشدد على أهمية التسوية بين السياسيين العراقيين. أما منافسه الجمهوري، جون ماكين، فقد ابرز دعمه المبكر لإرسال قوات إضافية إلى العراق. وكان ستيفن بيدل، خبير في مجلس العلاقات الخارجية وكان مستشار الجنرال ديفيد بيتريوس وقت رفع حجم القوات في أوائل العام الماضي، قد حذر من تشابه العراق مع دول متشظية كالبوسنة والهرسك، حيث ما زالت هناك قوة دولية بعد 13 سنة من انتهاء الصراع. ففي شهادة له أمام مجلس الشيوخ في نيسان ابريل الماضي، حذر بيدل من "الحاجة إلى وجود عسكري لسنوات عدة للتوصل إلى حفظ هذا المستوى من السلام (في العراق). وإذا انسحبت القوات الأمريكية فسنكون عاجزين عن توفير الوجود المطلوب، إذ أن النتيجة ستكون العودة إلى العنف بمستوى ما ظهر في العام 2006، أو أسوا". فمن الموصل في الشمال، كما تقول الصحيفة، حتى البصرة في الجنوب، مرورا ببغداد نفسها، يحاول العراقيون التكيف مع الواقع الأكثر أمانا من ذي قبل، إلا أنه واقع محفوف بالمخاطر. والناس يتعاملون معه بحذر، فهم يعرفون أن لا احد أعلن نفسه منتصرا في معارك ستقرر مستقبل البلد.