بعد الفوز الكبير الذى حققه اليمين الإسرائيلى بقيادة حزب الليكود فى الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، تزايدت مخاوف المفكرين والمحللين فى العديد من الصحف الأمريكية من تراجع فرص تحقيق السلام وتحقيق حل الدولتين وإنهاء الصراع العربى - الإسرائيلى، خشية سيطرة بنيامين نتنياهو زعيم الليكود على تشكيل الدولة الإسرائيلية الجديدة وتراجع دعاة السلام فى إسرائيل، وإمكانية فوز الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد فى الانتخابات المقبلة مما يهدد بنشوب حرب بين الجانبين على خلفية الملف النووى الإيرانى. فمن جانبها، رأت صحيفة «The Christian Science Monitor» الأمريكية أن فرص حل الدولتين فى الشرق الأوسط قد انتهت حيث إن هذا كان شعار إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش ولكنه أصبح غير ممكن رغم كونه الحل الوحيد الممكن، مشيرة إلى أن تلك الصعوبة تأتى على خلفية نتائج الانتخابات الإسرائيلية التى أدت لسيطرة اليمين على فرص تشكيل الحكومة، وقالت إن عدداً من الإسرائيليين والفلسطينيين حذروا من «وفاة» حل الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب فى سلام وأمن، بينما يرى المحللون أن حل الدولة الواحدة بات يفرض نفسه بقوة إلا أن بعض المعتدلين فى الجانبين يقولون إن هذا الخيار «كارثى» ويعنى عدم الاستقرار فى المنطقة لعقد من الزمان. وقال مصطفى البرغوثى عضو البرلمان الفلسطينى «إن فرصة حل الدولتين انتهت سريعا»، بينما رأى ألون بينكاس رئيس المعهد الإسرائيلى الأمريكى بمعهد إسحق رابين أن هذا الحل يقترب من الموت، حتى إن الزعيم الليبى معمر القذافى أكد أن هذا الحل لم يعد ممكنا، مقترحا دولة واحدة «إسراطين» تجمع الفلسطينيين مع الإسرائيليين يعيشون جنبا إلى جنب كخيار ممكن لإنهاء الصراع الطويل. وأشارت الصحيفة إلى اختلاف مبررات الجانبين فرؤية الفلسطينيين يجسدها الوضع الجغرافى الفعلى وتقسيم الأرض التى يمكن أن تشكل نواة لدولتهم المقبلة من خلال مستوطنات الضفة وتواصل التوسع الاستيطانى والجدار العازل والقيود الأمنية على تحركات الفلسطينيين وتجارتهم واقتصادهم. بينما يرى الإسرائيليون ضياع هذا الحل لقناعة بلادهم بعدم وجود شريك ممكن بين الفلسطينيين يتم التفاوض معه على خيار حل الدولتين.ويقول بينكاس إن هناك عددا من قادة إسرائيل وهو من بينهم حذروا وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس بأن هذا الحل يعتبر فكرة رائعة لكنه فقد أهميته وبات أقل واقعية نتيجة الانقسام على الجانبين. ومع ذلك يبقى حل الدولتين محور سياسة أمريكا والمجتمع الدولى،فلم يضيع أوباما وقتا وعين السيناتور جورج ميشيل مبعوثا لبلاده فى المنطقة للتأكيد على هذا الحل، بينما يخشى الإسرائيليون من تفاقم الوضع الديموجرافى فى بلادهم حال تطبيق حل الدولة الواحدة حيث يتوقعون أن يزيد عدد سكان عرب 48 وفى الأراضى المحتلة عن اليهود بعد 9سنوات، مما يعجل بنهاية الدولة العبرية بحسب رأيهم. ورأت صحيفة «Los Angeles Times» الأمريكية أن نفس الأوجه المتشددة تتطلع من جديد للسلطة فى المنطقة، ويبدو الوضع فى إسرائيل حاليا أشبه بما كان عليه إبان تولى نتنياهو رئاسة الوزراء الإسرائيلية فى الفترة من 1996 -1999 حيث بات الأكثر حظا لتشكيل الحكومة الجديدة بعد فوزه فى الانتخابات هو وأحزاب اليمين ورفض تسيبى ليفنى زعيمة «كاديما» الدخول معه فى حكومة ائتلافية، وقرنت الصحيفة ذلك بإعلان الرئيس الإيرانى المحافظ أحمدى نجاد ترشيح نفسه لخوض الانتخابات الرئاسية فى يونيو المقبل، مما يهدد بإمكانية نشوب حرب فى المنطقة بين إيران وإسرائيل على خلفية البرنامج النووى الإيرانى، وأشارت الصحيفة إلى أن إعادة ولادة نتنياهو السياسية تمثل مفاجأة بعد استقالته من رئاسة حزبه بعد خسارته انتخابات 1999وهى المرة الأولى التى يطاح فيها برئيس وزراء إسرائيلى، إلا أنه بات أكثر جاذبية مع تعقد عملية السلام مع الفلسطينيين، ولرغبة الإسرائيليين فى تحقيق الأمن، وتؤكد «The Christian Science Monitor» أن نتنياهو المتوقع ان يشكل الحكومة الجديدة يرفض تجميد الاستيطان فى الضفة بل يدعو لتدمير حماس فى غزة، بينما يعول القادة الفلسطينيون على «ميشيل» أن يصدر أوامره لإسرائيل بوقف التوسع الاستيطانى. وأوضحت «The Boston Globe» أن سقوط الرئيس الإيرانى الأسبق محمد خاتمى فى الانتخابات الماضية لم يكن مفاجئاً مثل نتنياهو لكنه أحبط أنصاره لفشله فى تحقيق وعوده فى تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية مما أفسح المجال لنجاد الأكثر شعبية حينها لكن مع بلوغ معدل التضخم فى إيران 30% يأمل الإيرانيون عودة أيام خاتمى مجددا ورغم معاداته لإسرائيل فإنه يعتبر أقل راديكالية من نجاد ويمكن أن يؤدى ذلك إلى فتح حوار بين إيران وإدارة أوباما حال فوزه فى الانتخابات. وتتفق صحيفة «International Herald Tribune» فى بعض ما ذكرته « The Boston Globe» فى أن نتنياهو يمتلك أكبر الفرص لتشكيل الحكومة المقبلة إن كلفه الرئيس سيمون بيريز بذلك وقالت إن الليكود حل ثانيا بعد كاديما بفارق مقعد إلا أن جملة ما حصل عليه اليمين 65مقعدا من إجمالى مقاعد الكنيست ال120،مما يعطيه القوة لتشكيل الحكومة،ولكنها تساءلت عن شكل تلك الحكومة الجديدة، وهل ستكون وسطية أم يمينية ضيقة من المتشددين مما سيكون له انعكاساته على السلام وعلاقة إسرائيل بإدارة أوباما، وتشير الصحيفة إلى أنه فى حل تشكيل حكومة ضيقة يمكن أن تجمد محادثات السلام مع الفلسطينيين لأن نتنياهو يرفض وقف الاستيطان، كما ستتعرض لضغوط من اوباما الذى تعهد بدفع عملية السلام بقوة مما يجعل حياة تلك الحكومة قصيرة ويعجل بانهيارها، ولكن الصحيفة أشارت إلى أن نتنياهو لديه خيار آخر وهو التحالف مع ليفنى لتفادى ضغوط الغرب وأمريكا مما يمهد الطريق لمنح فرصة لمحادثات السلام ولكن تلك المحادثات قد يعرقلها المتشددون فى الليكود الذين يختلفون عن كاديما الوسطى، ويسعون إلى فرض رؤيتهم على قرارات الحكومة الجديدة.