كتب: د. محمد فتح الله - الامين العام المساعد للنقابة العامة للمعلمين النقابات المهنية هى بيوت خبرة للدولة فى مجال عملها ، بما تضمه بين جنباتها من خبراء ومتخصصين وعلماء وفنيين من ابناء كل مهنة يثرونها بأبحاثهم وتجاربهم وأسهاماتهم العلمية ورغم ان قوانين النقابات تنص فى موادها على تلك الحقيقة لكن للأسف لم تستفد الدولة على مدى تاريخها الطويل بجهود النقابات ولم تطبق القانون ولو لمر واحدة. بل والأدهى من ذلك ان التنفيذين فى كثير من الاحيان وخاصة الوزراء المشرفين على مجالات تلك المهن يكونون من خارج ابناء المهنة والمتخصصين فيها باعتبار ان الوزارة منصب سياسى وهو خطأ جسيم لا يحدث إلا فى دول العالم الثالث ، وقد كان لمهنة التعليم النصيب الأكبر فى تلك المأساة فمنذ عقود يتولى امر وزارة التربية والتعليم محامين ومهندسين وأطباء أطفال ، لا علاقة لهم بمهنة التعليم من قريب او بعيد وهو ما ادى الى تدهور العملية التعليمية فى مصر والوصول بها لما نحن عليه الأن من تخلف تكنولوجى وارتفاع لمعدلات الأمية حتى بين المتعلمين الحاصلين على شهادات جامعية. والكارثة انه يترك لهؤلاء الوزراء غير المتخصصين العنان للتغيير فى السياسات التعليمية على هواهم فى ظل غياب الجهة المتخصصة التى تراقب عمل الوزير و توفر له النصح والمشورة ، كما ادى غياب نقابة المهن التعليمية عن المشهد بعد سيطرة رموز الحزب الوطنى عليها لعقود طويلة تم خلالها اسكات صوت المعلم واهمال حقوقه بل واهدارها فى معظم الاحيان ، فقد كانت كخيال الظل للوزير تدعم سياساته وتباركها بل وتعاقب كل من يحاول مخالفاتها. ولكن بعد ثورة 25 يناير تغير الحال وهبت رياح التغيير على النقابة واجريت لأول مرة انتخابات حرة دون تدخلات امنية افرزت مجلس منتخب تحت اشراف قضائى فى انتخابات شهد القاصى والدانى بنزاهتها وبدءت النقابة فى البحث عن حقوق المعلمين المهدرة والمطالبة بها والدفاع عن كرامة المعلم والمطالبة بوزير من ابناء المهنة وقد حققت الكثير من الانجازات فى هذا المجال ، ولكن سرعان ما تبدل الحال مع تولى الوزير الحالى زمام الامور ، فقد رأى ان النقابة بدفاعها عن حقق المعلمين ستؤرقه وتكون شوكة فى جانبه فبدء يعد العدة للسيطرة عليها حتى ولوكان ذلك بطرق غير مشروعة وغير قانونية مستغلاً فى ذلك الباحثين عن المطامع والمصالح الشخصية سواء من معلمين كنا نحسبهم شرفاء او من الفلول الذين فشلوا فى انتخابات النقابة وايقنوا انهم لم ولن يأتوا إلا بالتزوير او بإجراءات استثنائية غير قانونية. وعلى ذلك تعددت محاولاته وتصريحاته للنيل من النقابة وحل مجلس نقابتها ولو بالقوة وكان اخر تلك المحاولات دفعه لوكلاء وزارته بالمحافظات لعقد جمعيات عمومية باطلة لسحب الثقة من المجالس المنتخبة والاستيلاء على مقرات واصول النقابة بالبلطجة ودون اى سند قانونى بمساعدة بعض المحافظين وبعض ضعاف النفوس من المعلمين ، فيما يعد مذبحة جديدة لنقابة من اكبر واعرق النقابات المهنية فى مصر مهدرين بذلك كل النصوص الدستورية والقانونية التى حصنت النقابات والعمل النقابى باعتبارها مؤسسات مجتمع مدنى مستقلة تنظم المهن وتشرف عليها وتدافع عن حقوق اصحابها ، ليعيدوا النقابة من جديد الى سجون السلطة ، حتى لا تذكر الوزير بفشلة فى كافة القضايا التى وعد بالتصدى لها وعدم تنفيذه لأى وعد قطعه على نفسه سواء من ناحية تحسين الاحوال المادية للمعلمين او اصلاح العملية التعليمية ككل وهو مالا تقبله النقابة ولا المعلمين وستظل تقاوم حتى اخر نفس فى سبيل كرامة المعلمين واصلاح منظومة التعليم فى وطننا الغالى مصر ولن تكون ابداً أداة فى يد أحد او تعود عصا فى يد السلطة وليعلم الوزير انه ليس فوق القانون وان النقابة اكبر من اى مسئول لأن المناصب زائلة اما النقابة فستظل قلعة حصينة للدفاع عن حقوق المعلمين .