إن نواح وبكاء وتوسل العراقيين، الذين ارتضوا لأنفسهم العمل مع قوات الاحتلال الأميركي لمساعدتها في تنفيذ سياستها ومطاردة الوطنيين المقاومين لوجودها في بلدهم ، والذين زودوا هذه القوات بالمعلومات ، ذلك النواح والتوسل والبكاء ، هو الذي دفع السفارة الأميركية في بغداد إلى افتتاح مكتب لتمشية طلبات هذه الحفنات من العراقيين ، الذين يسارعون إلى تقديم طلبات اللجوء إلى الولاياتالمتحدة ، والهروب من العراق. بدون أدنى شك،إن طلبات الغالبية من هؤلاء، تتضمن ديباجة طويلة تزخربذكر الخدمات التي قدمها صاحب طلب اللجوء الى الولاياتالمتحدة ، وعادة ماتصاغ هذه الجمل والعبارات بطريقة تؤكد تبعية هؤلاء لقوات الاحتلال واجهزتها، وكيف قدموا المعلومات التفصيلية عن ابناء وطنهم وجلدتهم ، وما حصل بعد ذلك، عندما داهمت القوات الاميركية البيوت واعتقلت الرجال والنساء ومارست الاذلال لتلك العوائل. طلبات هؤلاء تتضمن ايضا، تلك التفاصيل الكثيرة عن مجازفة هؤلاء وذهابهم إلى أكثر المناطق سخونة، وكيف عرضوا أنفسهم للأخطار، في سبيل تقديم المعلومات للجيش الأميركي، وفوائد ماقدموه والنتائج المذهلة، التي تحققت للقوات المحتلة. كما أن التوسل في صياغة تلك الطلبات ، يصل حد الكذب المفضوح، عندما يتحدث هؤلاء عن قادة الجيش الاميركي وجنوده، فيكيلون لهم المديح، في حين يقرأ الأميركيون تلك الطلبات وهم يعيشون لحظات تمتزج فيها السخرية من هؤلاء، لانهم يكذبون في كل شئ، وعدم احترامهم لأناس يتفاخرون بأنهم يتآمرون على ابناء جلدتهم. ان قرار افتتاح مكتب بغداد، لاستقبال طلبات العراقيين، الذين تعاونوا مع قوات الاحتلال، يؤكد نقطتين اساسيتين هما: الاولى: ان المتعاونين مع المحتل، باتوا يدركون وبما لايقبل الشك، ان القوات الاميركية في طريقها إلى الزوال من العراق، ولامستقبل لها في هذا البلد، مايعني انهم سيبقون في العراء، وأقل مايحصل لهم هو تلك السيول من الانتقادات والتعليقات اللاذعة. الثانية: إن أصحاب طلبات اللجوء، يخشون من الانهيار السريع للقوات الاميركية، وعند ذاك ستتكرر المشاهد الأخيرة لمغادرة الاميركيين فيتنام، وكيف رفس الجندي الاميركي رئيس البرلمان الفيتنامي الذي عينه الاميركان، عندما حاول الهرب متعلقا بالمروحية من على سطح السفارة الاميركية مع الجنود الفارين، لكن هذه المرة قد تكون المشاهد والصور ابشع وأسوأ. ان الانزلاق في مستنقع مساعدة المحتل يتأكد في جميع الاحتلالات، وتكون النهايات متشابهة، فتجدهم في حال يعيشون الرعب والهلع والخوف.