تحوَّلت إضرابات العمال والموظفين من التنظيم العشوائي، إلى التنظيم المركزي؛ فبدلاً من أن تقرر كل إدارة صغيرة أو مركز الإضراب للمطالبة بالحد الأدنى، أو خدمات علاجية، أو طلبات فئوية خاصة، أصبحت الإضرابات يتم التخطيط لها على مستوى محافظات مصر، والإعلان قبلها عن موعدها ومطالبها، والبدء فيها في وقت واحد، وبمطالب موحدة. وظهر هذا الأمر في العديد من الإضرابات التي حدثت خلال الفترة الأخيرة، لعل أبرزها وآخرها، الموجة المنظمة من الإضرابات والتظاهرات والوقفات التي نظمها أفراد وأمناء الشرطة أمس السبت، في عددٍ من المحافظات، مغلقين المديريات ب"الجنازير"، ومطالبين بإقالة اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، لعدم تنفيذه مطالبهم، وهو ما ظهر أيضًا في "الإضراب العام" الذي دعت له نقابة أطباء مصر، والإضراب الذي دعا له عددٌ من العاملين بهيئة المساحة. وهذا النوع من الإضرابات الذي يشل مجالات وخدمات يعتمد عليها المواطنين، لفترات محددة، قد ينذر إن تعدد المشاركين فيه، بشلل البلاد بشكل كامل. الشرطة وجَّه نادي أفراد الشرطة، لأفراد وأمناء الشرطة في 25 نادي بمختلف المحافظات، للإضراب عن العمل، لمطالبة وزير الداخلية ب"تسليح الأفراد بشكل صحيح، وعدم تدخل الأمن الوطني في شؤونهم الداخلية، ومنع التقارير السرية، وتنفيذ حافز الأمن العام، أسوة بالإدارات الأخرى، وتطبيق الحد الأدنى للأجور على أفراد الشرطة بوزارة الداخلية، وزيادة بدل المخاطر من 30% إلى 200%، وصرف المعاش لفرد الشرطة من مكان واحد فقط مع عدم تدرجها على عدة شهور، وزيادة المعاشات". والتزم بتنفيذ هذا الإضراب الشرطيين في أكثر من عشر مديريات ومحافظات، في كفر الشيخ، والإسكندرية، والدقهلية، والسويس، والشرقية، وقنا، والفيوم، والمنوفية، وبني سويف، والبحيرة، وأفراد وأمناء أسيوط، الذين جمدوا إضرابهم لمنح الوزارة فرصة لتنفيذ الطلبات. وتم إغلاق معظم المديريات التي شارك شرطيوها في الإضراب بالجنازير، ولوح الأفراد بالدخول في اعتصام مفتوح. الأطباء وجاء إضراب الأطباء الذي دعت له النقابة العامة، وكونت له لجنة مركزية لمتابعته، كأحد الإضرابات التي خرجت في شكل منظم، وبمطالب محددة، وشارك فيه كثير من الأطباء في المحافظات المختلفة. ودخلت المستشفيات الحكومية في حالة طوارئ، نتيجة للإضراب الجزئي الذي أعلن بدءه الأطباء يوم الأربعاء 1 يناير، واستمر كل يوم أربعاء طوال يناير، ثم تطور الأمر إلى الإضراب يومي الأحد والأربعاء من كل أسبوع طوال شهر فبراير. وطالب الأطباء بإقرار كادر المهن الطبية الذي تم عرضه على مجلس الشورى في مايو 2012 وزيادة موازنة الصحة إلى المعدلات العالمية خلال 3 سنوات بالإضافة إلى تأمين حقيقي للمستشفيات. وقالت نقابة الأطباء إن الإضراب لن يضر بالمرضى، لأنه لن يشمل حالات الطوارئ والحالات الحرجة والملحة بكل أنواعها. وأضافت أن الحالات الموجودة بالمستشفيات إذا تعرضت لإعياء شديد سيتم تحويلها للطوارئ، ووضحت النقابة أن هناك إجراءات تصعيدية إذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم. المساحة وظهر على سطح إضرابات مركزية في بعض المؤسسات والمديريات الحكومية الأخرى، حيث أضرب عمال وموظفوا هيئة المساحة في عددٍ من المديريات. وطالب المضربون رئيس مجلس الوزراء ووزيري الري والمالية بتطبيق الحد الأدنى للأجور حسب قرار رئيس مجلس الوزراء، وذلك أسوة بجميع العاملين بالدولة، وبعودة هيئة المساحة ل"هيئة خدمية" بدلًا من "هيئة اقتصادية" كما كان في السابق، ومراعاة الموظفين بعد نهاية الخدمة، مشيرين إلى أن الموظف بعد 35 سنة خدمة يتحصل على مكافأة 5 آلاف جنيه فقط. وقال العاملون بالمديرية، إن قرار العمال بالاعتصام جاء بعد عدم تتضمنيهم من جانب وزارة المالية لقرار الحد الأدنى للأجور، واستجابة لدعوة كافة مديريات المساحة على مستوى الجمهورية لبدء الاعتصام في توقيت واحد. وأوضح محمد ضيف، موظف بمديرية المساحة بالمنوفية أنّ "موظفي الهيئة يعانون من تدني رواتبهم، مشيرًا إلى أنه موظف منذ 15 عامًا ولم يزد راتبه عن 1000 جنيه". وأضاف الموظف أنّ "الهيئة تتبع وزارة الري، وانطبق عليها الحد الأدنى، إلا أنهم فوجئوا بإرسال فاكس من رئيس الهيئة يوضح فيه عدم تطبيق الحد الأدنى عليهم لأنهم هيئة اقتصادية". وأضرب اليوم الأحد، نحو 270 عاملًا بمديرية المساحة بكفر الشيخ عن العمل أمام المديرية لليوم الرابع على التوالي، كما دخل العاملون بهيئة المساحة بمحافظة الإسماعيلية في إضراب كامل عن العمل، وأوقفوا حركة التعامل مع الجماهير، كما اعتصم العاملون بمديرية المساحة بالأقصر. وواصل حوالى 200 موظف من العاملين بمديرية المساحة بسوهاج السبت، إضرابهم عن العمل، ودخل نحو 380 من العاملين بالهيئة العامة للمساحة بمحافظة المنوفية صباح الخميس، في إضراب مفتوح عن العمل ورفضوا دخول المكاتب.