خرجت الآلاف من الجماهير الفلسطينية في مسيرة سلمية حاشدة باتجاه معبر رفح الحدودي (جنوبي قطاع غزة)، وذلك بعد صلاة ظهر اليوم الجمعة (6/6)، استجابة لدعوة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، للمطالبة برفع الحصار الخانق عن قطاع غزة. وقد ردت مصر على المسيرة باتخاذ إجراءات أمنية مشددها وتكثيف عدد قواتها الموجودة على معبر رفح تحسبًا لأي محاولة "فلسطينية" لفتح المعبر وكسر الحصار، ويبدو الأفق مرشحًا لمزيد من الغيوم. ويبقى السؤال.. هل يمكن أن ينفك الحصار عن أهل غزة في ظل تجدد الآمال في وفاق وطني فلسطيني بعد دعوة الحوار التي أطلقها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورحب بها هنية؟ وقد توجهت العشرات من الحافلات من محافظات الوسطى وخان يونس ورفح باتجاه معبر رفح، لافتاً الانتباه إلى أنّ الجماهير هتفت من أجل رفع الحصار ووقف سياسة الموت البطيء بحق مليون ونصف مليون مواطن يعيشون في قطاع غزة. وقال أشرف أبو دية، الناطق باسم العمل الجماهيري في حركة "حماس"، معقباً على المسيرة السلمية على معبر رفح (جنوبي قطاع غزة) بعد صلاة جمعة اليوم، "إنّ هذه المسيرة تأتي كرسالة واضحة من الشعب الفلسطيني للقيادة المصرية بضرورة فتح معبر رفح، والذي يمثل الرئة الأساسية لقطاع غزة". وأضاف أبو دية في اتصال مع "المركز الفلسطيني للإعلام" اليوم الجمعة (6/6)، "إنه في حال استمرّ الحصار فسيكون الانفجار الشعبي الذي لن تحمد عواقبه، لذلك فإنه لازماً على القيادة المصرية أن تتخذ قراراً جريئاً لكسر الحصار"، حسب تأكيده. وحول إمكانية حدوث مصادمات بين جماهير شعبنا والأمن المصري؛ أكد الناطق باسم العمل الجماهيري ل"حماس"، أنّ هذه المسيرة سلمية تطلق من خلالها الجماهير الفلسطينية صرختها السلمية للقيادة المصرية. ومضى أبو دية يقول "إنّ كافة الخيارات مفتوحة أمام جماهير شعبنا الفلسطيني من أجل فك الحصار عن القطاع"، كما ذكر. وفي أول رد "مصري" على مسيرة حماس ومطالبتها بفتح معبر رفح، نشرت الحكومة المصرية مئات من أفراد شرطة مكافحة الشغب على امتداد الحدود مع قطاع غزة بالتزامن مع إعلان حماس انطلاق مسيرتها الحاشدة بعد صلاة الجمعة أمس. وقال مسئول إن 500 شرطي وعشرات من حرس الحدود نشروا عند معبر رفح وعلى امتداد حائط خرساني يفصل سيناء عن القطاع الساحلي. وأضاف المسئول لرويترز طالبا عدم نشر اسمه "مئات الفلسطينيين بدأوا التجمع أمام البوابة الرئيسية للمعبر من الجانب الفلسطيني مرددين الهتافات التي تطالب بفتح المعبر." وذكر مسئول أمني آخر أن عدد رجال الشرطة يبلغ ألف رجل إلى جانب 500 من حرس الحدود. جدير بالذكر أن معبر رفح هو النقطة الرئيسية لاتصال سكان غزة مع العالم الخارجي، بينما لا يستطيع الفلسطينيون العبور بشكل طبيعي من باقي المعابر التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني. وأحدث نشطاء فلسطينيون فتحات بالتفجير في السياج الحدودي مع مصر في يناير كانون الثاني مما سمح لمئات الآلاف من سكان غزة بالتدفق إلى سيناء لشراء مواد غذائية وإمدادات وقود. وتحاول مصر دون نجاح كبير التوسط في هدنة بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة. وحثت حماس القاهرة مرارا على فتح معبر رفح من جانب واحد إذا انهارت محادثات الهدنة . وكان هنية قد رحب بدعوة عباس إلى الحوار داعيًا إلى البدء فوراً في حوار وطني شامل على قاعدة إعلان صنعاء والذي حدّد طبيعية التعامل مع المبادرة اليمنية، والتي اشتملت على العديد من القضايا وملفات الحوار الداخلي". وشدّد إسماعيل هنية على أنّ ذلك يأتي "بهدف العودة بالأوضاع الفلسطينية إلى ما كانت عليه، تأكيداً لوحدة الوطن الفلسطيني أرضاً وشعباً وسلطة واحدة، ومستندين كذلك الى الاتفاقات الموقعة والتمثلة باتفاق القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني واتفاقية مكة". وقال هنية "من أجل تهيئة الأجواء للحوار المنشود؛ فإننا ندعو إلى وقف الحملات الإعلامية والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وبذل الجهد المطلوب من أجل رفع الحصار وفتح المعابر والإفراج عن النواب الأسرى"، معلناً أنّ حكومته ستتخذ خطوات ملموسة في الأيام القادمة على الصعيد الإعلامي والمصالحات الداخلية. تصوّر للتعامل مع الحوار وطرح هنية تصوّراً لآلية التعامل مع الحوار تبدأ بتكثيف إجراءات بناء الثقة، ثم وضع الأجندة الرئيسة للحوار، وتصنيف هذه الملفات بحيث يتم البدء بالملفات التي يمكن إحراز تقدم فيها، وبعد ذلك مناقشة الملفات الأكثر صعوبة والخروج باتفاق بمظلة عربية واسعة، على أن يتم كل ذلك في أسرع وقت ممكن مما يتطلب إظهار المزيد من الايجابية. وقال هنية "تابعنا باهتمام خطاب الرئيس أبو مازن الذي ألقاه أمس (الأربعاء) ووجّه فيه الدعوة لحوار وطني شامل"، موضحاً أنّ الحكومة وحركة "حماس" دعيا للحوار منذ اللحظات الأولى للأزمة. وأضاف رئيس الوزراء "عبّرنا في أكثر من مناسبة عن رغبتنا وقناعتنا بهذا الخيار، ورأينا أنه لا سبيل لمعالجة الأوضاع التي طرأت على ساحتنا إلاَّ بهذه الطريقة"، وفق تأكيده. تجاوب وإبداء مرونة وأشار إسماعيل هنية إلى التجاوب مع كافة الوساطات الفلسطينية والعربية، وقال "أبدينا مرونة كافية مع كافة الأطراف التي أجرت معنا اتصالات سرية أو علنية، وشجّعنا العديد من الأطراف على سرعة التحرك من أجل الخروج من واقع الأزمة لقطع الطريق على التدخلات الخارجية والمخططات الإسرائيلية، ومن هنا جاء توقيعنا على إعلان صنعاء الذي ارتكز على أن مبادرة اليمن إطار للحوار". الإدارة الأمريكية لا ترغب بمصالحة فلسطينية وشدّد هنية على أنه مما لا شك فيه أنّ الإدارة الأمريكية لا ولم ترغب في أية مصالحة فلسطينية، ووضعت عوائق كثيفة أمام انطلاق مشروع الحوار الفلسطيني، ونشرت أوهاماً أثقلت الحالة الفلسطينية ليس أقلها أنّ الحوار والمصالحة الداخلية سوف يضرّ بمسار المفاوضات وعملية التسوية وآفاق الحل المنشود، والذي اتضح أنه سراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.