لا توجد في العالم العربي هيئتان متماثلتان سياسيا مثل السلطة الوطنية الفلسطينية وتجمع «الموالاة» في لبنان ووجه التماثل هو التحرش بتنظيم المقاومة الوطنية المسلحة في كل من الحالتين «حماس» في فلسطين و«حزب الله» في لبنان وفقا لأجندة اميركية- اسرائيلية.
آخر الأنباء تفيد بأنه بينما أمرت السلطة الفلسطينية بنشر 600 عنصر اضافي من قوات أمن السلطة في منطقة جنين في الضفة الغربية فان زعيم الطائفة الدرزية اللبنانية وليد جنبلاط دعا بالاصالة عن نفسه والانابة عن تجمع رفاقه في «الموالاة» الى تحجيم شحنات الأسلحة الايرانية التي يتلقاها حزب الله وطرد السفير الايراني في بيروت.
هذه هي الدفعة الثانية من نشر قوات فلسطينية وكانت الدفعة الاولى قد نشرت في نابلس وطولكرم وفي استخفاف بعقول الناس في عصر الثورة الاعلامية العالمية تبرر السلطة الفلسطينية هذا الانتشار على لسان متحدث باسمها بأن الهدف هو «خدمة المواطنين الفلسطينيين وحمايتهم وانهاء حالة الفلتان الأمني» فالصحافة الاسرائيلية والوسائل الاعلامية الاميركية تقول اولا ان هذه القوات الخاصة تلقت تدريبها على ايدي خبراء عسكريين وسياسيين أميركيين. وثانيا ان انتشارها وتحديد مهامها وواجباتها واساليب عملها جرى ويجري وفقا لخطة امنية اسرائيلية يشرف على تطبيقها عسكريون في الجيش الاسرائيلي.
على نفس المنهاج يكرس جنبلاط نفسه وامكانات فريق «الموالاة» في مسعاه الدؤوب لتقليص امدادات السلاح الى حزب الله انطلاقا من المتطلبات الامنية للدولة الاسرائيلية المدعومة اميركيا. وفي السياق دعا الى منع اي طائرات ايرانية من الهبوط في مطار بيروت بغرض وقف شحنات السلاح الايراني.
هذا هو التماثل السياسي بين السلطة الفلسطينية وهيئة «الموالاة» اللبنانية. ذلك ان كلا منهما لا يرى في انشطة المقاومة المسلحة سوى عمل «ارهابي» اقتداء بالتصنيف الأميركي لمنظمات المقاومة، ذلك التصنيف الذي وضعته واشنطن بوحي من اعتبارات أمن الدولة اليهودية.
ان المخيف حقا ان كلا من الهيئتين تمارس دورها علنا وكأنها لا تكترث لأية عواقب ايا تكون وبينما يمكن تفسير ذلك باضمحلال روح الانتماء القومي والوطني في العالم العربي عموما فان بقاء المقاومة على قيد الحياة النضالية يجسد بارقة أمل تحول دون حلول حالة عامة من اليأس العربي.
هناك شيء آخر يبعث على الخوف وهو ان النشاط المعادي لهاتين الهيئتين ضد تنظيمات المقاومة المسلحة في فلسطين ولبنان ربما يدفع بالامور في اتجاه اندلاع حرب أهلية.
على صعيد الضفة الغربية فان من المرجح ان تتسبب مطاردات القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية لكوادر المقاومة بهدف نزع اسلحتها في وقوع صدامات دموية قابلة للتوسع.
وعلى الصعيد اللبناني فان قيادات «الموالاة» قد تستجيب في وقت ما لرغبة اميركية لاستدراج قوات حزب الله الى حرب داخلية تنضم اليها اسرائيل بهدف المساعدة في تصفية المقاومة.