رئيس جامعة بنها الأهلية يشيد مبادرة رئيس الجمهورية "بداية"    وزير الخارجية: لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية واجتماعية دون أمن واستقرار    محافظ الغربية: استمرار زراعة الأشجار وأعمال التجميل ضمن مبادرة «بداية»    تراجع تدفق النفط الروسي يدفع الأرباح إلى أدنى مستوى لها في ثمانية أشهر    تداول 11 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    ماذا قالت الدول العربية بشأن الغارات الإسرائيلية على لبنان؟    وزير الخارجية: نسعى للتوصل إلى حل سياسي يشمل كل أطياف الشعب السوداني    الزمالك يختتم استعداداته للسوبر الأفريقي قبل السفر إلى السعودية    شوبير يعلق على قائمة الأهلي للسوبر الأفريقي: لا صحة لوجود حارسين فقط    عامل يقتل زوجته بسبب خلافات منزلية بشبرا الخيمة    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024: أجواء خريفية ودرجات حرارة مرتفعة    النزلات المعوية.. مستشار الرئيس: نستنفر لخدمة المرضى دون تأخير.. ده واجب قومي علينا    بيعبر الطريق.. تفاصيل إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق في الهرم    وزير الثقافة: نعتز بالعلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر والمغرب    ضغوطات وتحديات في العمل.. توقعات برج الحمل في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    محافظ الوادي الجديد يكشف فعاليات المبادرة الرئاسية بداية    شركات طيران عربية وعالمية تلغي رحلاتها إلى لبنان وإسرائيل    الدفاع الروسية: إسقاط وتدمير 13 طائرة مسيرة أوكرانية فوق 3 مقاطعات روسية    وزير الخارجية والهجرة يشارك في فعالية لغرفة التجارة الأمريكية    محافظ المنيا: ضبط 125 مخالفة خلال حملات تفتيشية تموينية على المخابز والأسواق    وزير الخارجية: لن نفرط في قطرة واحدة من مياه النيل لأن ما نحصل عليه الآن لا يكفي    مصدر يكشف للشروق.. قائمة الأهلي لمواجهة الزمالك في السوبر الإفريقي    ذكرى ميلاد محمد حسينين هيكل.. تجربة الأستاذ المتفردة في الكتابة بالعربية والإنجليزية    جامعة بنها تنظم قوافل طبية وبيطرية بقريتي مرصفا والحصة    المشاكل الصحية المسببة للتسوس.. تعرفي عليها    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    حملات للتبرع بالدم بمديرية أمن الشرقية (صور)    وزير العمل: الدولة تسعى لصناعة قوى عاملة مؤهلة ومدربة وعالية الإنتاجية    تشكيل الهلال المتوقع أمام البكيرية في كأس خادم الحرمين    رئيس جامعة القاهرة يستقبل 3 عمداء كليات الصينية لبحث سبل التعاون    ما حكم الخطأ في قراءة القرآن أثناء الصلاة؟.. «اعرف الرأي الشرعي»    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز قيادة للقوات «الجوية» و«الدفاع الجوي»    بالصور.. حريق هائل يلتهم ديكور فيلم إلهام شاهين بمدينة الإنتاج الإعلامي    بعد قليل.. محاكمة 13 متهمًا في خلية داعش كرداسة    وكيل تعليم مطروح يشدد على تفعيل استخدام المعامل وحجرات الأنشطة    «معلومات الوزراء»: تردد أكثر من 28 مليون مواطن على عيادات التأمين الصحي في 2023    وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي    61 خدمة إسعافية طارئة ضمن مبادرة "بداية" بجنوب سيناء    انخفاض المؤشر الرئيسي للبورصة ببداية تعاملات اليوم الثلاثاء    «فرص لوظائف عالمية».. وزير التعليم العالي يهنئ «النيل للهندسة بالمنصورة» لاعتماده من «ABET» الأمريكية    بالفيديو.. أسامة قابيل للطلاب: العلم عبادة فاخلصوا النية فيه    نجم الأهلي السابق يكشف توقعاته لمباراة القمة في السوبر الافريقي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    أبو الغيط يوقع مذكرة تفاهم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الرقمى بنيويورك    الخطوط القطرية تعلق رحلاتها من وإلى بيروت حتى يوم غد    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    لهذا السبب..إيمي سمير غانم تتصدر تريند " جوجل"    بعد قليل.. الحكم على البلوجر سوزى الأردنية بتهمة سب والدها على الهواء    وكيل ميكالي: الأرقام المنتشرة عن رواتب جهازه الفني غير صحيحة    مدين ل عمرو مصطفى: «مكالمتك ليا تثبت إنك كبير»    نجيب ساويرس: ترامب وكامالا هاريس ليسا الأفضل للمنطقة العربية    «الباجوري» بعد تصوير «البحث عن علا 2» في فرنسا: لم أخشَ المقارنة مع «Emily in Paris»    مريم الجندي: «كنت عايزة أثبت نفسي بعيدًا عن شقيقي واشتغل معاه لما تيجي فرصة»    قنصل السعودية بالإسكندرية: تعاون وثيق مع مصر في 3 مجالات- صور    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    موتسيبي: زيادة مكافآت الأندية من المسابقات الإفريقية تغلق باب الفساد    وكيل عبد الرحمن مجدي يكشف كواليس تفضيله الانتقال لبيراميدز بدلًا من الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور «صلاح عز» الأستاذ بكلية الهندسة ل«الشعب»: الحراك الطلابى هو أكثر ما يخيف عصابة الانقلاب
نشر في الشعب يوم 23 - 12 - 2013

المصريون حوّلوا «قانون التظاهر» إلى خرقة بالية داسوا عليها بأحذيتهم
الانقلابيون لا يختلفون عن حلفائهم الصهاينة اليهود فى فلسطين
الإعلام المصرى يعمل بأسلوب الإعلام الصهيونى نفسه
الانقلاب يحاول صهينة المجتمع وإخضاعه ل«إسرائيل»
حسام عيسى ومحمد أبو الغار وعبد الجليل مصطفى.. مثال للعلمانية المتوحشة
منذ بداية الانقلاب الدموى النازى وثمة استهداف متعمد لأساتذة الجامعات، الذين يشكلون القوى الناعمة الحقيقية لمصر بعيدا عن مثقفى العسكر وكتاب الإباحية والشذوذ وأنصاف المتعلمين.. اعتقل الانقلاب الدموى عشرات أساتذة الجامعات ونكل بهم، وفصل العديد منهم، ولم يكتف بذلك بل أمر ميليشياته باقتحام الجامعات ودك الطلاب بالرصاص المطاطى والخرطوش وقنابل الغاز السامة الخانقة، وقتل العديد من الطلاب واعتقل المئات منهم، وصدرت أحكام جائرة عشوائية وصلت إلى مدد تتراوح بين خمس سنوات وسبع عشرة سنة، بما يؤكد خطورة مخطط استهداف العقل المصرى المتمثل فى الجامعات والأساتذة والطلاب.
«الشعب» التقت الدكتور «صلاح عز» أستاذ الفيزياء والفلزات بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، ليدلى بدلوه فى هذه الأحداث الخطيرة.
* بعد شهور من الانقلاب الدموى العسكرى فى مصر.. كيف تقيم الأوضاع؟
- تحولت المظاهرات إلى طقس يومى وأسبوعى، على الرغم من التضييق عليها بتصعيد متدرج لإرهاب الدولة؛ فقد مرت المظاهرات بثلاث مراحل؛ الأولى بعد الانقلاب مباشرة، فقد انطلقت المظاهرات فى جميع الميادين والشوارع الرئيسية، بدون تضييق أمنى، بينما كان الاعتصام يترسخ فى ميدانى رابعة والنهضة. وأرى أن السبب الرئيسى فى عدم التضييق عليها مباشرة هو أن الانقلابيين كانوا يظنون أن فى إمكانهم امتصاص غضب المصريين والسماح لهم بالتنفيس عن هذا الغضب بالتظاهر، وأنهم سيملون سريعا ويتوقفون عن التظاهر والاعتصام. وعندما تأكدوا من إصرار الشعب على استرداد شرعيته المغتصبة، قرروا إضافة عنصر «الصدمة والترويع» إلى المعادلة، باللجوء إلى الإفراط فى القتل من خلال سلسلة مجازر كان أكبرها يوم الأربعاء الأسود، والذى أدى إلى عكس ما كانوا يصبون إليه؛ فقد استفز هذا الفُجر فى الإجرام الناس إلى الإصرار على التظاهر. وهنا كانت المرحلة الثانية، حيث أصبحت الميادين والشوارع الرئيسية محظورة على المتظاهرين، ومنعت صلاة الجمعة فى عدد من المساجد الكبيرة مثل مصطفى محمود والنور والفتح، وغيرها، ورأينا المدرعات والبنادق والرشاشات موجهة إلى كل من يحاول الاقتراب من هذه الميادين والشوارع. هنا أصبح مسموحا للمظاهرات أن تسير فقط فى الشوارع غير الرئيسية والفرعية مع الاعتماد أساسا على البلطجية للتحرش بها والتضييق عليها. وإزاء إصرار الأحرار والحرائر على التظاهر، وصلنا إلى المرحلة الثالثة مع إصدار «قانون التظاهر»، والذى أصبح التظاهر معه محرما فى جميع الشوارع. ولكن جاء هذا القانون بعد فوات الأوان؛ فقد حوله المصريون الشرفاء إلى خرقة بالية داسوا عليها بعد أن أصبح التظاهر بالنسبة إليهم، كما قلت، عادة وطقسا وملاذا أخيرا يعبّرون من خلاله عن رأيهم ويجهرون به فى وجه سلطان جائر. لقد قصفت عصابة الانقلاب أقلامهم فى الصحف وكتمت أفواههم، ولم يبق لهم إلا التظاهر، لن يتنازلوا عنه مهما وصل إليه فجر وإرهاب دولة الانقلاب.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الانقلابيين يشعرون بقلق بالغ من إصرار الشعب على استرداد شرعيته. كان أكبر خطأ ارتكبته المؤسسة العسكرية أنها لم تنقلب على الثورة منذ البداية (أى فى 2011)، ولكنها تركت الشعب يذوق الحرية لعامين ونصف ويستطعم لذة الديمقراطية ونزاهة الانتخابات والاستفتاءات. وبعد أن ذاق المصريون حريتهم وامتلكوا ديمقراطيتهم وأعلوا كرامتهم، جاء من يطعنهم فى الظهر ليغتصب كل ذلك منهم، ويظن أنهم سيستسلمون له، أو أنهم الشعب نفسه الذى ثار على مبارك فى 2011، أو أنهم الشعب نفسه الذى استسلم لانقلاب عبد الناصر فى 1954.
لم يكن ما جرى فى فبراير 2011 ثورة، وإنما كان فاتحة شهية للوليمة الكبرى.. الثورة الحقيقية الجارية الآن ومنذ يوليو الماضى. لقد فتح خلع مبارك وما أعقبه من استفتاءات وانتخابات، شهية الشعب إلى المزيد من الحرية والكرامة. هذا ما أدركه العسكر وعبيدهم بعد فوات الأوان. ولكنهم لا يملكون إلا الهروب إلى الأمام.. الهروب من عواقب جرائمهم بالمزيد من الجرائم، تماما كما هو حال «إسرائيل».
إنهم يدركون فداحة ما ارتكبوه، ويدركون أنهم أمام أى قاض نزيه وشريف، لن يفلتوا من حبل المشنقة. ولذا لا يملكون إلا الاستمرار فى نهجهم وجرائمهم، ولا يختلفون فى ذلك عن حلفائهم الصهاينة اليهود فى فلسطين. فهؤلاء أيضا يعلمون أنهم غاصبون وقتلة وإرهابيون، وأن جرائمهم لن ننساها ولن نتسامح معها. ولذا لا يملكون سوى الاستمرار على نهجهم.
بتعبير آخر، نحن إزاء صراع إرادات: إرادة عصابة الانقلابيين التى ركبت على ظهر الإخوان لكى يتخلصوا من عصابة مبارك التى أوشكت على التهام الكعكة كلها، وأراد الانقلابيون التخلص منها لالتهام ما تبقى من كعكة مصر، وركبوا على ظهر الإخوان فى يناير/فبراير 2011 لتحقيق هذا الهدف، ثم ركبوا على ظهر الدبابة للتخلص من الإخوان بعد أن أصر الشعب على انتخابهم المرة تلو المرة. وعلى الجانب الآخر، هناك إرادة الأحرار والحرائر الذين يدركون أنهم يعيشون الثورة الحقيقية وأن مصر ثمنها غال، وأن الله يبتليهم ليرى هل يستحقون الحرية والكرامة أم لا. وهم مصرون على اجتياز هذا الابتلاء بالصبر والإرادة والإصرار على الأخذ بأسباب النصر، حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.
* ما الدروس المستفادة من هذا الانقلاب الدموى؟
- الدرس الأول هو أن العسكر، الذين صنعتهم أمريكا على عينها خلال العقود الثلاثة الماضية، لا أمان لهم، وأن العلمانيين والناصريين واليساريين الذين جاهروا باحتقار إرادة الشعب على الفضائيات، وجاهروا بدعوة العسكر للانقلاب، ثم تركوا دون عقاب، لا أمان لهم. الدرس الثانى هو أن اللين والطيبة لا يكونان مع هؤلاء، وأن من يحكم مصر إن لم يكن شرسا وقويا فى الحق، فإنه يجلب الخراب على الجميع. الدرس الثالث هو أن (الإخوان) لا يصلحون لمنصب الرئاسة. وهذا ما كنت أقوله منذ خلع مبارك عندما طالبت عدد من أصدقائى الإخوان بأن يكتفوا بالمحليات والبرلمان وأن يبتعدوا تماما عن منصب الرئاسة، وطالبتهم بتوسيع دائرة الاستشارة فى قضية الترشح للرئاسة، ولكنهم مع الأسف أصروا على حصر الاستشارة داخل مجلسهم دون أن يعيروا الإسلاميين من خارج صفوفهم اهتماما. ولكن أيا كانت أخطاء الإخوان فإنها لا تبرر إطلاقا الانقلاب على إرادة شعب جاء بهم، ولا تبرر سفك دماء الآلاف.
إن هذه المجازر كانت عقابا للشعب على ممارسة ديمقراطيته، كما عاقبت «إسرائيل» الفلسطينيين على ممارسة ديمقراطيتهم فى 2006 بالحصار والمجازر، وكما كان اعتقال قيادات الإخوان بسبب جريمتهم الوحيدة وهى انتخاب الشعب إياهم.
* ثمة دور محورى للإعلام فى الانقلاب العسكرى.. هل الإسلاميون فشلوا فى التعاطى مع الإعلام؟
- كان أحد أهم أسبابى لرفض المرشح الإخوانى للرئاسة هو الإعلام. لقد ارتكب (الإخوان) خطأين بالغين؛ الأول: أنهم تجاهلوا الأخذ بمبدأ الشورى، كما أسلفت. وكانت صحيفة (الحرية والعدالة) قد منعت نشر مقالين لى أفسر فيهما أسبابى لرفض ترشح د. عبد المنعم أبو الفتوح ود. محمد مرسى. بل إنى ذهبت إلى د. أبو الفتوح شخصيا ورجوته أن يتراجع عن قرار الترشح لأنه، شاء أم أبى، سيبقى محسوبا على الإخوان. وكان رأيى أن «مجلس شورى الإخوان» يستشار عندما يتعلق الأمر بشئون الجماعة. ولكن عندما يتعلق الأمر بشئون الوطن (مثل التقدم بمرشح للرئاسة)، كان لا بد من استشارة من هم خارج دائرة الجماعة لأن المسألة هنا مصلحة عامة وليست خاصة. ولكن كما تجاهل (الإخوان) استشارة غيرهم، ورسائل كثيرة وصلتهم تحذر من السعى إلى منصب الرئاسة، تجاهلوا أيضا الأمر القرآنى الذى يرفعونه شعارا وهو (وأعدوا)، فبالسعى إلى منصب الرئاسة، قررت الجماعة أن تتصدر المشهد وتخوض مواجهة شرسة مع جميع أعدائها بدون أن تعد لهذه المواجهة؛ فالإعلام هو السلاح الأخطر فى هذا العصر، لأنه يستطيع بسهولة أن يسحب البساط من تحت أقدامك، ويحول إنجازاتك إلى إخفاقات فى العقول، ويصنع من الحبة قبة ومن القبة حبة، ويحول الأكذوبة إلى حقيقة والعكس.. خاضت الجماعة المواجهة، بصحيفة مبتدئة وفضائية لا تمتلك من عناصر الجذب الإعلامى إلا أقل القليل، خاضت مواجهة شرسة ضد فصيل علمانى يمتلك العشرات من الصحف والفضائيات المتمرسة فى فنون الكذب والتلفيق والتزييف. فكان لا بد أن ينتصر الطرف المدجج بالسلاح على الطرف الأعزل، الذى لم يلتفت إلى خطورة الفخ الذى يستدرج إليه، وذلك لأنه لم يستشير، ولم يأخذ بنصائح المخلصين المتعاطفين معه. كانت الجماعة فى حاجة إلى سنوات عديدة قبل تصدر المشهد، لإعداد نفسها إعلاميا، ولكنها لم تفعل.
* نبيل فهمى وزير خارجية الانقلاب قال منذ أيام، إن ما يحدث هو عملية «تغيير مجتمعى» واستعادة «الهوية».. كيف تقرأ هذا التصريح الخطير؟
- هذا التصريح يتفق تماما مع تصريح عمرو موسى الأخير بأن دستور العسكر أخذ الدستور الشرعى (2012) وغير وجهته بالكامل. هذه مسألة واضحة تماما منذ وثيقة على السلمى، ومنذ الحرب المسعورة على الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور. إن الجماعة العلمانية فى مصر (العسكر وعبيدهم) لن يتركوا لشعب مصر حق تقرير مصيره وهويته. ألم يقل حلمى النمنم إن المصريين «علمانيون بالفطرة». هذا هو واقع العلمانيين الذى يقولون للشعب (ما أريكم إلا ما أرى.. أنتم جهلة قاصرون لا تدرون مصلحتكم.. نحن سنقرر ما يصلح لكم). هم يريدون علمنة مصر كخطوة ضرورية على طريق الصهينة.
إن وسائط الإعلام العلمانية فى مصر تعمل بأساليب وسائط الإعلام الصهيونية فى الغرب للسيطرة على العقول وغسلها بالأكاذيب وإعادة تشكيل وعيها. هذا النجاح فى صهينة الإعلام المصرى، يضاف إليه النجاح فى تغيير عقيدة الجيش من اعتبار «إسرائيل» العدو إلى اعتبار المصريين الأحرار هم العدو؛ كل ذلك يغريهم بمحاولة تغيير هوية الشعب وعلمنته، لأنهم بدون ذلك لن يتمكنوا من صهينته وإخضاعه لإسرائيل ومعه بقية العالم العربى.
* جرائم فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة يعدها مراقبون غير مسبوقة فى تاريخ مصر القديم والحديث.. هل من تفسير لهذه الوحشية التى تعامل بها الانقلاب مع المعتصمين السلميين؟
- هذه الوحشية أساسها هو رعب الانقلابيين من فشل انقلابهم، لأن هذا يعنى تقديمهم أمام محاكمات عادلة بتهمة الخيانة العظمى. ولذا كما أسلفت، يلجئون إلى الهروب إلى الأمام بالقتل المفرط والبطش الفاجر لعل ذلك ينجح فى إسكات الثوار. أيضا إدراكهم بأن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم يدفعهم إلى تلقى النصائح من حلفائهم الإسرائيليين، الذين لا يعرفون سوى أسلوب واحد فى التعامل مع المقاومة. بتعبير آخر، الاحتلال العسكرى لفلسطين والاحتلال العسكرى لمصر، أصبح مصيرهما مشترك كما هى مصالحهما.
* كيف تتابع حراك الطلاب فى الجامعات المصرية منذ بدء الدراسة؟
- عندما التقيت مؤخرا طلاب كلية الهندسة المعتصمين احتجاجا على استشهاد زميلهم محمد رضا، قلت لهم إنهم يخجلوننا نحن الأساتذة بمستواهم الراقى فى الاحتجاج ومقاومة الانقلاب. وأقول وأكرر إننا إذا كنا نحن الأساتذة نقود الطلاب داخل المدرج الجامعى، فإنهم هم الذين يقودوننا خارجه. إن الحراك الطلابى هو أكثر ما يخيف عصابة الانقلاب، لأن الشباب يدافع عن مستقبله ولديه مخزون ضخم من الحيوية والإصرار، فى الوقت الذى نرى فيه كثيرا من أساتذة الجامعة مع الأسف مستسلمين بالكامل للانقلاب.
* فى كلية الهندسة التى أنت أحد أساتذتها، تم اقتحام الحرم الجامعى وقتل أحد الطلاب، هذا عدا اختطاف العشرات وفصلهم.. ما دور الأساتذة فى هذه المواجهة؟
- دور الأساتذة فى المواجهة يختلف باختلاف مواقف هؤلاء الأساتذة من الانقلاب. بالنسبة إلى الأساتذة الذين لا يبالون بما يجرى ولا يعنيهم من يحكم مصر طالما أنهم يتلقون مرتباتهم وبدلاتهم، فهؤلاء لا دور لهم إلا التذمر من المظاهرات والاحتجاجات. أما الأساتذة المناهضون للانقلاب، فدورهم نفسى ومعنوى فى الأساس بتأييد موقف الطلاب ودعمهم، والضغط على القيادات الجامعية المتخاذلة من أجل اتخاذ مواقف أقوى ضد اعتداءات الداخلية، وفضح تقاعس هذه القيادات وخضوعها لسلطة الانقلاب.
* الكثير من أساتذة الجامعات الليبراليين والعلمانيين لزموا الصمت التام إزاء الانتهاكات اليومية التى تحدث فى الجامعات من قبل قوات الانقلاب.. ما مبررهم؟
- من هؤلاء من استحوذت عليه كراهية الإخوان ويعشق السيسى وبيادته، ومنهم من لا يريد إلا الهدوء والاستقرار على أساس أنه لا فائدة فى المظاهرات، وأن الدبابة أقوى من الجميع، وأنه لا حل سوى الاستسلام لها.
* تعرض العديد من أساتذة الجامعات للاعتقال والفصل التعسفى وسط مباركة حسام عيسى وزير التعليم العالى فى حكومة الانقلاب.. هل تتفق مع من يقولون إن هذا نتاج «الليبرالية المتوحشة»؟
- د. حسام عيسى ود. محمد أبو الغار ود. عبد الجليل مصطفى كانوا أعضاء فى حركة (9 مارس) المعارضة لنظام مبارك قبل خلعه، وكانوا من أشد الرافضين لأى وجود أمنى داخل أو خارج الجامعة. التحول 180 درجة الذى جرى لهؤلاء بعد الانقلاب هو أدق تجسيد لمقولة «العلمانية المتوحشة»؛ فالعلمانى المصرى هو بالفطرة مستبد وطاغية، حتى وإن وضع على وجهه قناع الحقوقى المتحضر. لقد سقطت الأقنعة عن كثيرين ممن كنا مغشوشين فيهم، وهذه من حسنات الانقلاب.
* كمثقف ما تقييمك للصحف القومية والخاصة بعد الانقلاب العسكرى؟
- كانت أقلامنا مقصوفة فى هذه الصحف قبل خلع مبارك، ثم عادت على استحياء فى بعض الصحف القومية إبان حكم مرسى، بينما بقيت الصحف الخاصة على موقفها من حظر الكتاب الإسلاميين. وفور الانقلاب «عادت ريما لعادتها القديمة». هذه صحف ساقطة قبل وبعد الانقلاب. الفارق الوحيد بعد الانقلاب هو أنها تحولت إلى نشرات أمنية تتلقى الأخبار مكتوبة من المخابرات وأمن الدولة، بل أكاد أجزم أن مقالات رأى كثيرة لا يكتبها أصحابها وإنما تأتى مكتوبة من المخابرات ويتم نشرها كما هى. إننا الآن فى أوضاع أشد بؤسا مما كنا عليه زمن مبارك، ولا نملك إلا الدعاء بألا يؤاخذنا الله بما فعل السفهاء منا.
* أخيرا.. ماذا تقول للثوار؟
- أقول اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.