كشفت إحصائية حديثة في السعودية أن إجمالي ديون الأفراد والشركات بلغت تريليون ريال سعودي، ويقدر أكبر مبلغ للديون يحوزه الأفراد بحوالي 140 مليار ريال لدى البنوك المحلية، إضافة إلى 120 مليار ريال ديون السعوديين لدى صندوق التنمية العقارية، وديون أفراد لدى الصندوق التنمية الصناعية 100 مليار ريال، و5 مليارات ريال لدى البنك الزراعي. واوضحت دراسة حديثة أجرتها شركه سمة للمعلومات الائتمانية حول القروض في السعودية ارتفاع قيمة القروض الاستهلاكية والشخصية المتعثر سدادها من قبل الأفراد في المملكة إلى 5%، لتبلغ نحو 10 مليارات ريال من إجمالي 202 مليار ريال أقرضتها البنوك وشركات التقسيط المنظمة، فيما بلغ عدد الأفراد المتعثرين في السداد نحو 140 ألف عميل. وفي الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي-2012م، لم يتجاوز حجم القروض المتعثرة للأفراد في السعودية، 1.4 % من إجمالي مبلغ يصل إلى نحو 200 مليار ريال مقدمة كقروض شخصية من القطاع المصرفي حتى نهاية مارس الماضي لنحو 4 ملايين شخص. سماسرة بلا قلب يحكي عبد الله الشاعر، أحد المتعثرين لدى البنوك، قصته قائلا: "ضاق بي الحال من ملاحقة البنك الذي اقترضت منه مبلغا من المال وفي ذات المرات قرأت إعلانا عاديًا ملصق على أحد أجهزة الصراف الآلي معنونًا باسم (أبو فلان)، وقدرته على سداد القروض المتعثرة للأفراد. قمت بالاتصال به وبالفعل جرى الآمر بالاتفاق على أنه سيقوم بسداد القرض الخاص به بإعطائه المبلغ بالكامل مع أخذ ضمانات كافية مني يحفظ بها حقه، على أن يتم في الخطوة التالية بمساعدتي بطريقته الخاصة وعلاقاته البنكية لاستخراج قرض جديد لأقوم بسداد المبلغ الذي أعارني إياه الخاص بالقرض القديم. بالإضافة إلى نسبة اكتشفت بعد ذلك أنها أضعاف نسبة البنوك وبقي لي مبلغ بسيط ودين لا ينتهي". أما فهد العمري، أحد المطلعين على هذه الظاهرة، يقول أن الظاهرة الجديدة للاحتيال على الأفراد المتعثرين في سداد القروض لاستغلال ظروفهم المالية والحصول على مكسب سريع باتت طريقة رخيصة وسريعة لاقتناص المال وبأي طريقة، لذا فهي طريقة غير شرعية ولا يمكن لأي عاقل أن يثق في مثل هؤلاء. وأضاف الحربي: "هؤلاء صائدو فرائس الديون للقضاء عليهم تمامًا، ودخولهم في سلسلة غير متناهية من الدين والحصول منهم على مكسب غير شرعي". ملصقات للتغرير عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبد الحميد العامر يقول: "هذه العمليات تحمل في مضامينها الكثير من التغرير بالفئات المستهدفة، والاستغلال غير المسؤول لصعوبة أوضاعها المالية، والغريب أن عمليات نقل وتجديد المديونيات يتم تحت مرأى ومسمع الجهات الرقابية، وحتى الجهات المستفيدة ممثلة في البنوك، إذ من المفترض أن يتم تجريم هذه العمليات كونها تعرّض المقترضين لمزيد من المخاطر، وتستفيد عمولات باهظة الثمن يتحملها ضحايا تلك العمليات". ويدعو إلى البحث في مصادر تمويل تلك الجهات المسئولة عن تنفيذها، فكما هو معلوم أن تنفيذ مثل تلك العمليات يتطلب رؤوس أموال ضخمة، فإذا ما كانت مصادر تمويلها محفوفة بالمخالفات كغسيل الأموال، أو أنها ممولة من بنوك خارجية، أو من خلال الاقتصاد الموازي (اقتصاد الظل) الذي لا تشمله الإحصاءات الاقتصادية الرسمية، فلا شك أن العملية برمتها تحمل في رحمها مؤشرات تُنذر بزيادة المخاطر لا على مستوى الشرائح المستهدفة من المجتمع، ولا على مستوى بيئة القطاع المالي الأكثر حساسية تجاه مثل هذه المخالفات الصريحة، ولا حتى على شركات التقسيط. غطاء الكاتبة أماني الوزان- المتخصصة في الشؤون الاقتصادية- ترى أن كثيرين أبدوا تخوفهم من أن تكون بعض شركات التقسيط عبارة عن غطاء أو واجهة لممارسة أنشطة مشبوهة لغسيل الأموال لشركات أو لأموال مجهولة المصدر ولا تتقيد بأي ضابط أو نظام لها. وتكشف عن طرق أخرى للنصب كما في الحالات الزائفة لتسديد فواتير الخدمات العامة من خلال الحسابات البنكية مقابل مبالغ نقدية يدفعها المحتال ليتمكن من كشف البيانات الشخصية للضحية. ودعم اتخاذ الاحتياطات وبرامج الحماية المتقدمة لأجهزة الحاسب الشخصي الذي يتم من خلال تنفيذ عمليات مصرفية، كل ذلك أسهم على نحو كبير في توفير بيئة خصبة لنمو تلك العمليات، ولا سيما في ظل التطور السريع في مجال التقنية واتساع نطاق التجارة الإلكترونية والخدمات المصرفية الإلكترونية، وبالتالي فإن أخذ الحيطة والحذر وحصر العمليات المصرفية ضمن قنواتها المشروعة والمعتمدة، والالتزام بالتوجيهات الصادرة من البنوك والجهات الموثوقة، والتحقق من جميع الرسائل أو المعاملات المالية والمصرفية يمكن أن يمثل جدارًا آمنًا للعملاء للوقاية من الوقوع في أية محاولة للتضليل. أعمال مشبوهة ويقول رامي الحميد، رئيس التوثيق القانوني بالبنك السعودي للاستثمار، " أن في ممارسة مثل هذه الأعمال المشبوهة خطر كبير على البنك المستلم لهذه الأموال حيث أن ثبوت تورطه في استقبال أموال قذرة ذات مصادر غير قانونية وغسيلها قد يجعل البنك متورطا في عملية غسيل الأموال وبالتالي تتم ملاحقته قانونيا من قبل الجهات الدولية ذات العلاقة. كما أن مثل تلك الأخبار عن الاشتباه في أي مصرف متورط في عمليات غسيل الأموال سيخلق حالة من عدم الثقة لدى المودعين الذين سيهوون لسحب ودائعهم خشية تجميد أصول المصرف وكذلك الحال بالنسبة للمستثمرين الذين سيقبلون على بيع أسهم هم في المصرف خشية تبخر استثماراتهم، علاوة على أن تسرب مثل تلك الأخبار سيؤثر سلبًا على سمعة القطاع المصرفي بأكمله".