انطلاق الدراسة في 214 مدرسة ببني سويف    «رجعوا التلامذة».. 222 مدرسة فى الإسكندرية تستقبل طلابها فى أول أيام العام الدراسى الجديد (صور)    التعريف ب "علم مصر" في الحصة الأولى بمدارس كفر الشيخ - صور    بالصور- محافظ بورسعيد يوزع الأقلام على التلاميذ داخل الفصول    نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024.. الرابط الرسمي للاستعلام (فور إعلانها)    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    تنمية المشروعات يقدم برامج تدريبية مجانا لشباب دمياط لدعم وتنمية مشروعاتهم    19 جنيها لكيلو البطاطس.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم السبت    بينها 37 ألف طن طماطم.. 6.4 مليون طن صادرات زراعية منذ يناير 2024    «المشاط» تبحث تعزيز الشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية لتمكين القطاع الخاص    أوكرانيا: ارتفاع حصيلة قتلى الجيش الروسي إلى 640 ألفًا و920 جنديًا    إيران: الاحتلال يشعل النار في المنطقة لإنقاذ نفسه وسيحاسب على جرائمه    تصرفات متهورة من إسرائيل.. برلماني: مصر حذرت مرارًا من عواقب التصعيد في المنطقة    تشكيل مانشستر يونايتد المتوقع أمام كريستال بالاس.. جارناتشو يقود الهجوم    التشكيل المتوقع للأهلي أمام جورماهيا    محافظ القاهرة: الدولة اتخذت كافة الإجراءات لإنجاح العملية التعليمية    آخر ساعات الصيف.. توقعات حالة الطقس اليوم والأسبوع الأول لفصل الخريف 2024    قتلت بنتها عشان علاج بالطاقة.. وصول المضيفة التونسية لمحكمة الجنايات    صور| شلل مروري بسبب كسر ماسورة مياه أسفل كوبري إمبابة    انطلاق الدورة 17 من مهرجان سماع تحت شعار رسالة سلام إلى العالم (صور)    عمر عبد العزيز: "كريم عبد العزيز بيفكرني ب رشدي أباظة" (فيديو)    من هم الخلفاء الراشدين والتابعين الذين احتفلوا بالمولد النبوي؟.. الإفتاء توضح    "الصحة" تعلن خطة التأمين الطبي للمدارس تزامنًا مع بدء العام الدراسي    «بعد حبسه».. بلاغ جديد للنائب العام ضد الشيخ صلاح التيجاني يتهمه بازدراء الدين    أستاذ علوم سياسية: توسيع الحرب مع حزب الله يعرض تل أبيب لخطر القصف    وزير العمل يعلن عن وظائف في محطة الضبعة النووية برواتب تصل ل25 ألف جنيه    زاهي حواس: حركة الأفروسنتريك تهدف إلى إثارة البلبلة لنشر معلومة زائفة وكاذبة    مسار صعب يخوضه رئيس الوزراء الفرنسي .. تحديات بانتظار الحكومة الجديدة    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    بوتين يشكل لجنة لإمداد الجيش الروسي بالمتعاقدين    أسعار الأسماك اليوم السبت 21 سبتمبر في سوق العبور    الولاء والانتماء والمشروعات القومية.. أول حصة في العام الدراسي الجديد    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    أسعار الفاكهة في سوق العبور السبت 21 سبتمبر    اليوم.. نهائي بطولة باريس للاسكواش ومصر تسيطر على لقبي الرجال والسيدات    ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل الجولة الخامسة    هاني فرحات وأنغام يبهران الجمهور البحريني في ليلة رومانسية رفعت شعار كامل العدد    مجلس الأمن يحذر من التصعيد ويدعو إلى ضبط النفس بلبنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    ما حكم تلف السلعة بعد تمام البيع وتركها أمانة عند البائع؟.. الإفتاء تجيب    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية في سريلانكا    احتجزه في الحمام وضربه بالقلم.. القصة الكاملة لاعتداء نجل محمد رمضان على طفل    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    ضبط 12شخصا من بينهم 3 مصابين في مشاجرتين بالبلينا وجهينة بسوهاج    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    هل يؤثر خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب في مصر؟    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    بسمة وهبة تحتفل بزفاف نجلها في إيطاليا (فيديو)    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    تحرش بهما أثناء دروس دينية، أقوال ضحيتين جديدتين ل صلاح التيجاني أمام النيابة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي قرقر يكتب: لجنة الخمسين الانقلابية لتشويه الدستور وتضييع الهوية وفوبيا الدين والأخلاق
نشر في الشعب يوم 03 - 12 - 2013

انتهت لجنة الخمسين الانقلابية للتعديلات الدستورية من «تشويه» دستور 2012 بما يخدم ويكرس مصالح الانقلاب والانقلابيين وضد مصالح وأحلام الشعب وضد أهداف ثورته العظيمة.
ولقد أكدنا فى مقالاتنا الأربع السابقة رفضنا -فى حزب «الاستقلال» وفى «التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب»- الانقلاب وكل الآثار المترتبة عليه وفى مقدمتها اللجان الخاصة بتعديل الدستور لأسباب ثلاثة:
1- أن هذه التعديلات باطلة بنيت على باطل، وكل ما بنى على باطل فهو باطل. الانقلاب العسكرى باطل وكل ما ترتب عليه من آثار باطل (الحكومة ولجنة العشرة ولجنة الخمسين وما أنتجته من تعديلات لمواد الدستور باطلة) لأن الانقلاب قام على اغتصاب السلطة باستخدام القوة القهرية ضد الشعب والمستندة إلى حشود وعتاد القوات المسلحة، خاصة أنها بدأت عملها فى وقت كنا فيه نلملم أشلاء الشهداء الذين أراق دماءهم جزارو الانقلاب وحكومته فى مذبحتى رابعة والنهضة. ومن هنا فقد أقصى الانقلاب الجميع -حتى إن لم يقص فإن الجميع رفضوه ورفضوا إعطاءه الشرعية بمشاركتهم- ومن هنا جاء اختيار من شاركه فى إعلان ما سمى «خارطة الطريق» أو «لجنة العشرة» أو «لجنة الخمسين»، والتى لم تخضع جميعها لأى معايير سوى معيار الولاء وقبول الانقلاب.
دستور الانقلاب:
1- بنى على باطل باغتصاب السلطة بقوة قهرية ضد الشعب.
2- وفى ظل بيئة مليئة بالكراهية والانقسام.
3- وصيغ فى سرية لمباغتة شعب من الأعداء.
مادة (1) «مصر لا ينزل عن شىء منها». نصرخ فى وجه رئيس حكومة الانقلاب: لماذا لا تصارحنا بحقيقة إعطاء حق انتفاع لدولة الإمارات فى أراض شرق وغرب خليج السويس لإجهاض مشروع «تنمية محور قناة السويس»؟
تحصين الفريق السيسى جاء فى اللحظات الأخيرة لمباغتة شعب من الأعداء
قضية الشريعة الإسلامية تعكس حالة الاستقطاب الإسلامى العلمانى التى يعيشها المجتمع منذ السبعينيات قبل أن تعكس خلافا حول نص دستورى.
مصر غير قابلة للعلمنة فرغم أنها لم تذب فى الاستعمار فإنها احتضنت الأديان والرسالات السماوية لأن شعبها متدين بطبيعته
تعديلات لجان الانقلاب تكبل الأزهر وتحجمه ولا تضمن استقلاله المالى والإدارى، لماذا لا يعامل مثل الكنيسة الوطنية الأرثوذكسية.
وفقا لرؤى الفريق السيسى «كله بحسابه» الدولة تكفل حماية الأمومة والطفولة بمقابل وليس بالمجان
ولقد شملت لجنة الخمسين قادة «تمرد» الذين تورطوا فى التخطيط للانقلاب مع العسكر بما أسقط عنهم نقاء الحركة، كما شملت مخرج الخدع السينمائية -تخصص التصوير من الطائرات الحربية- وقاد اللجنة أحد رموز مبارك الداعمين لتبعيته واستبداده وفساده، كما اتخذت من زعيم المروجين للانقلاب فى الخارج وتسويقه متحدثا رسميا لها، إضافة إلى رمز جبهة الإنقاذ التى أغرقت مصر فى مستنقع الانقلاب «نقيب المحامين»، ونقيب الصحفيين المتخلى عن الصحفيين المصابين والمعتقلين لصالح الانقلاب، ورموز المرأة أصدقاء سوزان مبارك وجمال مبارك. وحتى تأخذ اللجنة مسحة دينية فلا مانع من بعض ممثلى الأزهر والكنيسة وممثل لحزب النور السلفى الذى كان يكفر العمل بالسياسة حتى ولج فيها بعد ثورة 25 يناير وغرق حتى قمة رأسه بعد أن مارسها بانتهازية تتضاءل أمامها انتهازية أعتى الأحزاب المكيافيلية. كما ضم التشكيل زملاء وأصدقاء نضال وشخصيات كنا نحسن الظن بهم، إلا أنهم وافقوا على تجميل وجه الانقلاب والمشاركة فى محاولة إعطائه الشرعية التى يفتقدها.
ورغم تمثيل حزب النور كمحلل -أقصد كممثل للتيار الإسلامى- فإن قادة الانقلاب عصروا قدرا كبيرا من الليمون لتمثيله، ولكن شركاؤهم من القوى العلمانية رفضت عصر الليمون ورفضت تمثيل حزب النور -الذى شاركهم فى مباركة الانقلاب- وتعاملت معه كمريض بمرض معد، ترجمة لرؤيتها ونواياها فى إقصاء التيار الإسلامى من الحياة السياسية ومن الوجود على أرض مصر إن استطاعوا. وبغض النظر عن رأينا فى ممارسات حزب النور لكن هذا دليل على مبدأ الإقصاء المتجذر عند العلمانيين.
ولأن قادة الانقلاب يدركون رفض الشعب للانقلاب وكل ما ترتب عليه من آثار ولأنهم جاءوا بإرادة الانقلاب وليس بإرادة الشعب -فإن استقلال لجنة الخمسين لم يكن مضمونا كما توقعنا.
2- أن كتابة وتعديل الدستور يجب أن يتم فى ظل مناخ مستقر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا دون أن يكون فيه طرف متغلب حتى تصل إلى حد أدنى من التوافق، وهو ما لا يمكن تحقيقه فى ظل بيئة مليئة بالكراهية وانقسام مجتمعى حاد.
3- ثم إن لجنة العشرة وتلك التى تبعتها -لجنة الخمسين- عملتا فى سرية تامة فى صياغة مواد الدستور المعدلة دون عرض على الشعب، حتى على حلفائهم التابعين للانقلاب. والغريب فى الأمر أنهم لم يكتفوا بالسرية بل لجئوا إلى أسلوب مباغتة الشعب. منذ أسبوعين دخلت موقع «لجنة الخمسين» فلم أجد تعديلات الدستور، وأعدت المحاولة فى الأسبوع الماضى ووجدت بعض المواد وبحثت عن مادة وزير الدفاع فوجدتها تنص على أن «وزير الدفاع هو نفسه القائد العام للقوات المسلحة وأنه يأتى بترشيح وموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة» ووجدت المادة لا تنص على تعيينه لمدة رئاستين واستغربت الأمر وأدركت أن هناك خدعة. وصدق حدسى لأباغَت كما بوغت الشعب المصرى بالصياغة النهائية فى اللحظات الأخيرة لتحصين رئيس الانقلاب الفريق أول عبد الفتاح السيسى من كل جرائمه لمدتين رئاسيتين قادمتين. إذن هذه التعديلات لم يتم مناقشتها فى حوار مجتمعى جاد لأن الهدف كان مباغتة هذا الشعب الذى اعتبروه شعبا من الأعداء.
ودعونا نخصص هذا المقال لقضية الهوية والدين والأخلاق وما نالها من تشويه وتضييع فى التعديلات الانقلابية لدستور 2012.
قضية الهوية
قامت لجنة الخمسين لتشويه الدستور بتعديل المادة الأولى بالحذف والإضافة، وكان نص المادة فى دستور 2012 «جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ونظامها ديمقراطى. والشعب المصرى جزء من الأمتين العربية والإسلامية، ويعتز بانتمائه لحوض النيل والقارة الإفريقية وبامتداده الآسيوى، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية»، فأصبح النص «جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شىء منها، نظامها جمهورى ديمقراطى، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون. الشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامى، تنتمى إلى القارة الإفريقية، وتعتز بامتدادها الآسيوى، وتسهم فى بناء الحضارة الإنسانية).
أخذت اللجنة بتوصية وتفسير مخرج أفلام الحب والعشق، مخرج الخدع السينمائية -تخصص التصوير من الطائرات الحربية- «خالد يوسف» بأن الدول الإسلامية «عالم» وليست «أمة» وأقول لخالد تلميذ «جو» -يوسف شاهين- إن الأمة الإسلامية متصلة جغرافيا من إندونسيا وماليزيا وباكستان وبنجلاديش شرقا حتى المغرب العربى غربا ومن الدول الإسلامية المستقلة عن الاتحاد السوفيتى شمالا حتى وسط إفريقيا جنوبا، أمة واحدة ذات امتداد جغرافى متصل وتاريخ وحضارة واحدة، وإذا كانت الأمة العربية قلب الإسلام فإن الأمة الإسلامية هى ظل هذا القلب. ولكن لأن هناك أرتكاريا من الإسلام فإن السيد خالد يوسف تعامل مع اللجنة الانقلابية ككومبارس وخفض تمثيل الدول الإسلامية من الأمة إلى العالم.
ولأن الله أمرنا بالعدل وألا يجرمننا شنآن قوم على أن نعدل، أقول إن هناك إضافة جيدة -وإن لم تمنع بطلان اللجنة وتعديلاتها- «الشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها» وكانت موجودة فى دستور 1971 وطالبنا بإدراجها فى دستور 2012 ولم يستجب أحد وقتها.
«مصر دولة مستقلة» لماذا حذفت.. أتؤكدون تبعية الانقلاب؟
ولأن الانقلابيين يعلمون تبعيتهم للغرب ولأمريكا تحديدا فقد حذفت كلمة «مستقلة» من المادة، ولمن لديه تفسير آخر أن يفسر ويبرر.
ولقد أكد دستور 2012 خصوصية العلاقة مع دول حوض النيل، ولكن هذا لم يلق هوى عند لجنة الخمسين الانقلابية، فساووا بينها وبين باقى الدول الإفريقية، ولو نظروا إلى كوب المياه الذى أمامهم لأدركوا مدى قصر نظرهم ومدى الجرم الذى ارتكبوه، ثم يصدعون رءوسنا ويلقون بخطاياهم وخطايا تياراتهم ونظمهم التى ضيعت حقوقنا فى مياه النيل، يلقون بها على الرئيس المنتخب دكتور محمد مرسى الذى لم يدعوه يهنأ يوما بالحكم ليفكر فى هدوء.
يكذبون ويصدقون كذبهم
والعجيب فى الأمر أن اللجنة العشرية وتابعتها الخمسينية اقترحت تعديلات الدستور وهى غارقة فى اللحظة، وصدقت الشائعات التى أطلقها الانقلابيون اتهاما للدكتور مرسى -رئيس الجمهورية المنتخب- بأنه يتنازل عن الأراضى المصرية، فهو يتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان وعن سيناء للفلسطينيين -خاصة المنتمين إلى حماس- ويتنازل عن قناة السويس وما حولها لقطر. أطلقوا الشائعات والأكاذيب ثم صدقوا كذبهم فأضافوا إلى المادة الأولى للدستور ولجملة «وهى موحدة لا تقبل التجزئة» أضافوا جملة «ولا يُتنازل عن شىء منها» ألم أقل لكم إنهم يكذبون ويصدقون كذبهم. وفى هذا السياق نسأل رئيس الدولة المؤقت المعين: لماذا تنازل لرئيس حكومته عن صلاحيته فى حق بيع أراض من الدولة؟ ونصرخ فى وجه رئيس حكومة الانقلاب: لماذا لا تصارحنا بحقيقة بيع أراض شرق وغرب خليج السويس أو إعطاء حق انتفاع لدولة الإمارات لإجهاض مشروع «تنمية محور قناة السويس»؟
دين الدولة والشريعة الإسلامية وشرائع المسيحيين واليهود
وأبقت اللجنة على المادة الثانية الخاصة ب«الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع». ولم تأخذ اللجنة برأى المطرب مدحت صالح الذى أشار إلى أن الدولة «مبان وطرق» وهذه لا دين لها. مما قد يسبب أزمة مع الفنانين والمبدعين الذين شاركوا فى لجان الاستماع وزرع بذور الفتنة والضغينة بين المطربين والمطربات الذين لم يستجب لهم ومخرجى الروائع الذين استجيب لهم.
كما أبقت اللجنة على المادة الثالثة الخاصة بإقرار مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود فى التشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية.
ولقد أشرت فى مقالى ب«الشعب» بتاريخ 6 من نوفمبر 2012 فى أثناء عمل الجمعية التأسيسية الثانية -التى أعدت دستور 2012 فى عهد الدكتور مرسى- إلى أن قضية الشريعة الإسلامية فى دستور مصر تعكس حالة الاستقطاب الإسلامى العلمانى التى يعيشها المجتمع منذ السبعينيات قبل أن تعكس خلافا حول نص. وكلا الطرفين -الإسلامى والعلمانى- لديه هواجس ومخاوف من الطرف الآخر دون مبررات مادية وحقيقية واضحة. الطرف الإسلامى يتخوف من محاولات العلمانيين علمنة المجتمع، وهو تخوف غير قائم، ليس لأن العلمانيين لا يحاولون ولكن لأن مجتمعنا غير قابل للعلمنة؛ فالمجتمع المصرى مجتمع متدين بطبيعته ومفتاح شخصيته التدين.. مجتمع رفض أن يذوب فى الاستعمار ولكنه تفاعل مع الأديان والرسالات السماوية التى احتضنتها مصر انتهاء برسالة الإسلام ودينه الحنيف الذى آمن به شعب مصر واستوعبه وكون رؤيته الحضارية الوسطية له من خلال أزهره الشريف.
والشريعة الإسلامية مكون رئيسى للشخصية المصرية مسلمين ومسيحيين على السواء كما يقول الزعيم الوطنى المصرى مكرم عبيد «أنا مسيحى دينا مسلم وطنا وحضارة».
وتخوف الإسلاميين فى غير موضعه؛ فكل من حكموا مصر فى عهدها الحديث كانوا من العلمانيين ولم يتمكنوا من علمنة مصر، كما وصل الصدام بين حكامها العلمانيين والتيار الإسلامى إلى حد التنكيل والسجن والاقتتال وذهب الطغاة وبقى التيار الإسلامى أكثر صلابة وأكبر قوة وتنظيما. ويتساءل التيار الإسلامى: كيف نضمن عدم وصول الطغاة مرة أخرى إلى سدة الحكم لينكلوا بالتيار الإسلامى؟ الإجابة بأن الضمانة ليست فى نص الشريعة بل فى نصوص نظام الحكم والحريات التى تمنع من استئساد الحاكم على شعبه والتى تصون حرية الشعب التى انتزعها من حاكمه المستبد بثورة 25 يناير المباركة. (لاحظوا هذا الكلام كتب فى أوائل نوفمبر 2012).
وفى المقابل يتخوف العلمانيون من مواد الشريعة التى قد تحول مصر إلى دولة دينية تحكم بالحق الإلهى دون مراجعة، وتبتعد بمصر عن مقتضيات العصر، وتحفظهم على الحكومة الدينية (الثيوقراطية) بمعنى حكم رجال الدين تخوف غير صحيح، فالإسلام لا يعرف الحكومة الدينية المفوضة من الله والتى تحكم بسلطان الدين، لأن الإسلام لا يعرف الكهنوتية، وليس فيه رجال دين وإنما فيه علماء دين متخصصون، غير معصومين، يصيبون ويخطئون، والقاعدة الإسلامية هى تعيين الأكفأ والأقدر على العمل بصرف النظر عن شدة الورع أو كثرة التدين امتثالا لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «من ولى من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله».
ورغم توضيحنا السابق سيظل العلمانيون على تحفظهم، لذا نود أن نسألهم: لماذا لا يقر العلمانيون بالسلطة للتيار الإسلامى بمرجعيته الإسلامية مع أنهم يقرون بها للتيارات الليبرالية والقومية والماركسية بمرجعياتهم البشرية؟ أليس ذلك دليلا على أنهم يغلبون هوى نفوسهم؟
لا كهنوت فى الإسلام، وعلماء المسلمين وكذلك الحكام ليسوا بمعصومين، فهذا أول الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق يخطب غداة مبايعته بالخلافة «أيها الناس، إنى وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى وإن أخطأت فقومونى، أطيعونى ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لى عليكم». أين إذن الحكم بالحق الإلهى الذى يتحفظون عليه؟
هواجس من الطرفين غير مبررة فلقد توافقت الجمعية التأسيسية للدستور -بكل أطيافها- على بقاء المادة الثانية من الدستور بنصها «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع» ولقد طالبت بعض التيارات السلفية بإلغاء كلمة «مبادئ» أو ووضع «أحكام» مكانها تخوفا من عمومية مصطلح «مبادئ» وعدم وجود تحديد واضح للمصطلح، وهو تحفظ صحيح؛ فقد يضيق العلمانيون من المصطلح ويقصرونه على المبادئ العامة «الحرية والعدل والمساواة والتمسك بالأخلاق والقيم الرفيعة... إلخ» وفى المقابل قد يتوسع بعض الإسلاميين فى المصطلح ليشمل كل الأحكام الإسلامية.. القطعية والظنية على السواء. كما أن ترك المصطلح للمحكمة الدستورية غير مبرر طالما أن الجمعية التأسيسية موجودة وتؤدى عملها، كما أن شعب مصر هو الأولى فى إقرار مدلول المصطلح بعد الحوار المجتمعى بين العلماء والفقهاء والقضاة والمتخصصين. ومن هنا فقد أحسنت الجمعية التأسيسية صنعا بتعريف المصطلح فى باب المبادئ العامة -مادة 219- «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة» (انتهى الاقتباس من مقال 6 من نوفمبر 2012).
وكما أشرنا فى مقدمة المقال فلقد استجابت لجنة العشرة وتابعتها الخمسينية للحساسية المرضية لدى الكثير من العلمانيين من الإسلام وقامت بإلغاء المادة 219 الشارحة للمادة الثانية، وفى ظنى المتواضع أن المادة 219 قد توسعت فى تفسير المادة الثانية مما قد يضيق من تفسير الشريعة للكثير من القضايا والمستجدات المعاصرة التى تحتاج إلى مساحة أكبر من الاجتهاد. وفى ظنى المتواضع أن إلغاء المادة 219 ليس هو الخطر الأكبر، ولكن الخطر الأكبر هو وجود المادة الثانية ووضعها على الرف ومسح التراب عنها كل فترة وعدم تفعيلها تفعيلا حقيقيا منذ إقرارها بإضافة الألف واللام إلى كلمة «مصدر» فى تعديل عام 1981، كما أن الخطر الأكبر هو عدم استقلال الأزهر وتبعيته الدائمة لسلطان الحاكم، ولو وجد العلماء الثقاة المستقلون ما جرؤ حاكم مستبد وما جرؤ كاره للإسلام على مخالفة الشريعة أو تهميشها. إن ضمانة الحفاظ على الشريعة وتطبيقها هى فى تدين الشعب وفى وجود العلماء الثقاة المستقلون الذين لا يغريهم ذهب المعز ولا يخيفهم سيفه.كما نؤكد أن صاحب الحق الوحيد فى الإبقاء على المادة أو إلغاؤها هو الشعب، وصاحب الحق فى الاقتراح هم ممثلو الشعب المنتخبون.
تكبيل الأزهر وتحجيمه
وتنص المادة الرابعة فى دستور 2012 على: «الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على شئونه كافة، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم. ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية. وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء. وكل ذلك على النحو الذى ينظمه القانون».
والمادة الأصلية كانت معيبة ولا تضمن استقلال الأزهر وشيوخه، إلا أن تعديل اللجنة العشرية الانقلابية وتابعتها الخمسينية زادها سوءا استجابة للحساسية المرضية لدى الكثير من العلمانيين الكارهين للإسلام فى محاولة فاشلة لعلمنة الدولة فحذفت عبارة «ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية».
لقد كتبنا فى مقال 6 من نوفمبر 2012 -فى عهد الدكتور مرسى- «وحتى يعود للأزهر الشريف مجده فإننا ننشد استقلال الأزهر ماليا وإداريا كما هو حال الكنيسة الوطنية الأرثوذكسية، والنص المقترح لا يحقق ذلك. صحيح أن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية وحكم رجال الدين، وعلماء الإسلام يصيبون ويخطئون ويؤخذ منهم ويرد عليهم، وربما كان من المفيد أن يعتبر رأى هيئة كبار العلماء مرجعية أساسية ومعتبرة وليس مجرد أخذ رأى لا قيمة له. وتنص المادة على أن شيخ الأزهر مستقل وغير قابل للعزل، وهو تأليه للشيخ رغم أن الإسلام لا يعرف رجال الدين المعصومين فكل يخطئ ويصيب إلا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، وبالتالى فشيخ الأزهر غير معصوم يخطئ ويصيب ويعزل ولا يؤله باستمراره فى موقعه طوال حياته لأنه غير قابل للعزل كما هو الحال مع النائب العام الآن».
واستقلال الأزهر ليس بالنص على استقلال شيخه؛ فالصياغة لا تضمن الاستقلال المالى للأزهر الشريف «وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه» وما دامت الدولة تمول فلن يكون الأزهر ولا شيخه مستقلين، فإذا خرج الأزهر عن سياسة الدولة فلن توفر الدولة الاعتمادات المالية الكافية له، والأحق هو أن تعود للأزهر أوقافه حتى نضمن استقلاله أو توقف الأموال له.
وما زالت مادة الأزهر تحدد علاقة الأزهر بالدولة فى مجال محدود وضيق إذ تقصره على الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية وفقط، بل إن التعديل الجديد للانقلابيين نزل بها للشئون الإسلامية بدلا من الشريعة الإسلامية حتى يضمنوا العلمنة الكاملة ويقطعوا علاقة الأزهر بالشريعة.
أى أننا يمكن أن نلخص عيوب مادة الأزهر فى (حصر مهمة الأزهر فى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم - عدم استقلالية الأزهر ماليا بإعادة أوقافه أو أن يكون له أوقافه بما يضمن استقلاله ماليا - عدم قابلية شيخ الأزهر للعزل - النص على اختيار شيخ الأزهر من بين هيئة كبار العلماء وليس انتخابه بما يضمن تبعية الشيخ للسلطة الحاكمة)، ثم إن الانقلابيين استكثروا عليه أن يكون «رأى هيئة كبار العلماء رأى استشارى وفى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية فقط» فحذفوها.
إن هذه المادة أخطر من المادة 219، ولعلنا أدركنا هذا فى موقف شيخ الأزهر فى موالاة قادة الانقلاب وحضور خطاب الانقلاب وموالاة مبارك وحزبه الفاسد من قبل، كما أن هيئة كبار العلماء لم تتمكن من أخذ موقف معلن مغاير لموقف الشيخ نظرا إلى عدم استقلالية هيئة كبار العلماء.
القيم الأخلاقية والخضوع لجمعيات المرأة
نصت المادة (10) فى دستور 2012 على: «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية. وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. وتكفل الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها العام. وتولى الدولة عناية وحماية خاصة للمرأة المُعيلة والمطلقة والأرملة»، وتم تقسيمها فى التعديل المقترح بين المادتين (10، 11).
مادة (10) دستور الانقلاب - «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها». ونجد أن التعديل المقترح ألغى دور المجتمع فى الحرص على الطابع الأصيل للأسرة المصرية مكتفيا بدور الدولة لأن العلمانيين صوروا دور المجتمع بدور جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، الحساسية المرضية التى تحدثنا عنها. واكتفى التعديل بترسيخ الدولة لقيم الأسرة دون النص على القيم الأخلاقية حمايتها وفقا للنص الأصلى. إنها فوبيا الأخلاق والدين.
مادة (11) دستور الانقلاب - «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا».
وعبارة «المساواة بين المرأة والرجل» مستحدثة، ولقد اقترحتها اللجنة العشرية «... وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية» إلا أن فوبيا الشريعة الإسلامية عند الخمسينية جعلتها «وفقا لأحكام الدستور». وهذه قضية القضايا عندهم والتى لا يرفضها التيار الإسلامى ولكنها الهواجس وأزمة الثقة، فلما لا يتزيدون رغم أن دستور 2012 نص على الحقوق المتساوية لجميع المواطنين ذكرا كان أو أنثى (مادة 38 فى التعديل - مادة 33 فى دستور 2012)؟
ولم تكتف الخمسينية بالنص على المساواة فى الحقوق السياسية بين الرجل والمرأة فقط، فقطعت التورتة ودسترت مبدأ الكوتة «وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية»، ليست المجالس النيابية فقط بل أيضا فى القضاء.
الدولة هنا تكفل حماية الأمومة والطفولة، ورعايتها ولكنها تتخلى عن الالتزام بتقديم «خدمات الأمومة والطفولة بالمجان» وفقا للنص الأصلى بدستور 2012.
ماذا نقول؟ للحديث بقية، وقانا الله شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، ووقانا شرور الانقلاب العسكرى والانقلابيون، والحمد لله من قبل ومن بعد.
الاثنين 9 من سبتمبر 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.