منذ بداية الحرب في العراق يعاني أكثر من مليون عسكري أمريكي من آثار نفسية عميقة وصلت بالبعض إلى الانتحار فيما يعاني آخرون من إحباط نفسي أو شعور بالتهميش. وفي حين قتل حتى الآن في العراق نحو أربعة آلاف جندي، وجرح قرابة ثلاثين ألفا آخرين، وبلغت إصابة البعض منهم درجة من الخطورة منعتهم من استئناف الخدمة العسكرية. والبعض الآخر، حتى وإن نجا من الإصابات الجسدية، حضر مقتل الرفاق وشاهد مذابح يصعب وصفها أو رفض أن يعمد إلى القتل، ما ترك لديهم اضطرابات نفسية خطيرة. وتناول تقرير نشرته في فبراير مجموعة من “المحاربين القدامى من اجل أمريكا” بالدرس وضع الفرقة الجبلية العاشرة التي تتخذ من ولاية نيويورك مقرا وهي القوة الأمريكية الأكثر انتشارا منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001. وترى المجموعة أن المساعدة الصحية المعروضة على الجنود لا تناسب المعاناة النفسية التي تكبدوها خلال فترات خدمتهم المتكررة في العراق وأفغانستان. واعتبر مؤسس المجموعة بوبي مولر وهو مقعد منذ حرب فيتنام ومن قدامى المارينز أن “عاجلا أم آجلا، سنجد أنفسنا في طريق مسدود ولا بد أن يتغير شيء ما”. وانتقد التقرير سياسة وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” التي كثيرا ما تعمد إلى تمديد فترات الخدمة من 12 إلى 15 شهرا ولا تترك للعسكريين ما يكفي من الوقت للاستراحة بين الفترة والأخرى. وفقد اللواء المقاتل الثاني في الفرقة الجبلية العاشرة خلال آخر انتشار خمسيناً من رجاله في حين جرح 270 آخرون من أصل 3500 عسكري. وبلغت نسبة الوفيات في تلك الوحدة خمس مرات ضعف معدل احتمال وفاة الجنود الذين يرسلون إلى العراق وأفغانستان. ويشير التقرير إلى حالات تغيب عديدة عن الخدمة بشكل غير مبرر وأعمال عنف منزلية ومحاولات انتحار. ويمكن أن تسبق موعد فحص لدى طبيب نفساني فترة انتظار تستمر شهرين. ويرى تقرير آخر نشره الجيش في مطلع مارس أن الجنود الذين يرسلون إلى ساحة القتال للمرة الثالثة أو الرابعة هم الأكثر عرضة لهذه المشاكل. وخلص تحقيق مشابه أعدته مجموعة عمل من “مجلس الجيش للصحة العقلية” عام ،2007 إلى القول إن 28% من الجنود الذين يرسلون إلى مناطق القتال الكثيف يعانون من اضطرابات نفسية حادة. وأضاف أن عدد العسكريين الذين يعانون من مشاكل الإدمان على الكحول والمخدرات والخلافات الزوجية واضطراب علاقاتهم بشكل عام، ارتفعت بأكثر من 85% منذ اجتياح العراق قبل خمس سنوات في العشرين من مارس 2003. وفي يناير ، اقر الجيش أن نسبة الانتحار شهدت ارتفاعا كبيرا. وأكد أن أكثر من ألفي جندي حاولوا الانتحار أو إلحاق الأذى بأجسادهم خلال 2006 مقابل نحو 375 خلال 2002. وقالت الكولونيل أليسبتث رتشي، المستشارة في علم النفس لدى قيادة الأطباء في الجيش، “اعتبر انه مؤشر على الإحباط العام السائد في الجيش”. ويرى بعض الناشطين ضد الحرب أن تلك الأرقام لا تعكس النسبة الحقيقية للمشاكل النفسية لاسيما أن البعض لا يقر بإصابته خوفا من عقاب أو عدم الارتقاء في الرتبة. وترى مجموعة “المحاربين القدامى من اجل أمريكا” أن القادة يفرطون في المشاركة في تقييم الاضطرابات التي يعاني منها الجنود. واقر العسكريون ببعض الخلل أو النقص لكنهم اعتبروا أن الدراسة لا تعكس الواقع.