مع اقتراب الذكري الخامسة لبدء الحرب علي العراق وسقوط النظام العراقي برئاسة صدام حسين تشهد الأوساط الإعلامية البريطانية اهتماما محموما بالمشهد العراقي والحرب وآثارها وأخطاء الساسة، ومن أهم التظاهرات الإعلامية في هذا الاتجاه الحلقات الدرامية التي تقدمها القناة الثانية للتلفزيون البريطاني (بي بي سي) والتي تقدم سلسلة من المعالجات الدرامية للأيام العشر التي قادت للحرب، يشارك فيها ممثلون معروفون، ومدة كل فيلم عشر دقائق يبث كل ليلة قبل نشرة الأخبار الرئيسية، حيث يتم التركيز علي قضية معينة، مثل محاولة إقناع أو تهديد الدول غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن من اجل أن تدعم قرارا ثانيا يشرع استخدام القوة ضد العراق، وقرار المستشارة القانونية في وزارة الخارجية البريطانية الاستقالة علي خلفية ما رأت انه استخدام غير مشروع للقوة، ومحاولة عدد من الخبراء التحذير من مخاطر الفوضى بعد انهيار النظام واستبعاد الخارجية المعارضة العراقية من تشكيل حكومة انتقالية نظرا للخلافات بين وزراتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين حول مسار السياسة في العراق، ومع أن المعلومات حول قرار الحرب الذي اتخذ من قبل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير معروفة وان هناك نية مبيتة من قبل بلير لدعم الحرب الأمريكية في العراق. كما أن ماهية النصيحة القانونية التي قدمها لورد غولدسميث في حينه، ونشرت أخيرا تشير لهذا الجهد المحموم، وصارت معروفة. إلا أن الأفلام القصيرة وان أشارت إلي أرضية غير قانونية للحرب إلا أن مسئولين عسكريين سابقين تجنبوا المسألة وقالوا إن وجود 17 قرارا بشأن العراق تشكل في حد ذاتها أرضية لشرعنة الحرب علي العراق. غسيل مخ وجاء الاهتمام بذكري الحرب في ضوء تراجع اهتمام الرأي العام الغربي بالحرب علي العراق خاصة في أمريكا بسبب ارتفاع أسعار النفط ومخاوف من أزمة اقتصادية، ويبدو أن التوجه نحو معالجة الحرب علي العراق من وجهة النظر الرسمية ينبع من محاولة لما أسمته صحيفة الاندبندنت إعادة كتابة التاريخ حول الحرب علي العراق وتقديم نسخة نظيفة منه تدعم وجهة النظر الرسمية. واعتبرت الصحيفة إن محاولات الحكومة البريطانية ما هي إلا عملية غسيل دماغ للناشئة. فقد اتهم اتحاد المعلمين الذي يعتبر اكبر نقابة للمعلمين في بريطانيا وزارة الدفاع بأنها تقوم بخرق القانون علي خلفية خطط من اجل تعليم الناشئة حول حرب العراق. وقالت النقابة إن الوزارة تقوم بخرق قانون 1996 الذي يؤكد علي أن كل الموضوعات السياسية يجب أن تقدم بطريقة متوازنة ومحايدة في النظام التعليمي. ويهدد المعلمون بمقاطعة التعاون مع المؤسسة العسكرية وذلك في أثناء المؤتمر السنوي العام الذي تبدأ أعماله اليوم السبت، حيث يرون أن خطط الجيش لتدريس الحرب علي العراق ما هي إلا محاولة دعائية، تتجنب الحديث أو الإشارة للضحايا المدنيين الذين ماتوا نتيجة للحرب. ويعتقد المعلمون إن التعليمات التي قدمتها الوزارة للاستخدام في الدروس العامة أو في الدروس الصحية والاجتماعية ما هي إلا محاولة لاعادة كتابة تاريخ حرب العراق وجاءت في الوقت الذي يستعد فيه العالم لإحياء الذكري الخامسة لغزو العراق. وأكد السكرتير العام لاتحاد المعلمين ستيف سينوت أن هذه الانتقادات ليست هجوما علي الجيش الذي يقول انه قام بعمل مهم في الحرب الذي أسهم في إحلال السلام في عدد من الدول، ولكنه هجوم علي ممارسات لا نستطيع دعمها. وأكد قائلا إن الأمر يتعلق فيما إذا كان المسئولون يريدون تقديم نسخة محايدة ومتوازنة لما حدث أو يريدون تقديم رؤية متحيزة ودعائية للناشئة.