أخفق مجلس وزراء الخارجية العرب الأربعاء في التوصل إلى صيغة لتسوية الأزمة اللبنانية وانتخاب رئيس جديد توافقي قبل التئام القمة العربية المقررة في أواخر آذار في دمشق التي باتت مهددة بالانعقاد في ظل مستوي تمثيل منخفض. واكتفى الوزراء العرب في ختام اجتماع استمر أكثر من ست ساعات، بإعادة تأكيد الالتزام بالمبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية ودعوة القيادات السياسية اللبنانية إلى إنجاز انتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان في الموعد المقرر والاتفاق على أسس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في أسرع وقت ممكن. من جانب آخر، قال مسئولون مصريون إن وزيري خارجية السعودية وإيران عقدا محادثات في مطار القاهرة الأربعاء فيما قد يكون محاولة لحل الأزمة السياسية في لبنان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في وقت لاحق محادثات في قاعة كبار الزوار نفسها في مطار القاهرة مع ديفيد ولش مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية الذي وصل قادما من عمان. وتصطدم هذه المبادرة بخلافات بين الغالبية النيابية والمعارضة في لبنان حول تنفيذها وخصوصا بشأن البند المتعلق بتوزيع الحصص الوزارية في حكومة الوحدة الوطنية التي يفترض تشكيلها بعد انتخاب رئيس جديد للبنان. وتؤيد السعودية والولايات المتحدة حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة بينما تؤيد إيران وسوريا جماعة حزب الله المعارضة. ويقول دبلوماسيون عرب إن التوصل إلى اتفاق بين السعودية وإيران قد يكون من شأنه نزع فتيل الأزمة. وقال المسئولون إن المحادثات بين الأمير سعود ووزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي تناولت لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية. لكنهم لم يذكروا مزيدا من التفاصيل. وكان وزير الخارجية السعودي يستعد لمغادرة مصر بعد اجتماع لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري شدد على الخطة العربية لحل الأزمة الدستورية في لبنان. وكان الوزير الإيراني قادما من اجتماع للأمم المتحدة في جنيف. ونادرا ما يزور كبار المسئولين الإيرانيين مصر حيث لا توجد علاقات دبلوماسية بين البلدين منذ الفترة التي أعقبت قيام الثورة الإيرانية عام 1979. وقال مسئولون مصريون إن ولش قدم إلى مصر في زيارة تستغرق يومين لإجراء محادثات بشأن العنف في قطاع غزة وتجنب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الإجابة الصريحة عن أسئلة الصحافيين بعد الاجتماع عما إذا كان الوزراء اتفقوا على تفسير موحد للمبادرة العربية. وقال إن المبادرة كتبت باللغة العربية وهي واضحة، ويتولى الأمين العام للجامعة عمرو موسى تنفيذها كخطة متكاملة. وردا على سؤال عما إذا كانت سوريا ستوجه الدعوة لحضور القمة في حال عدم انتخاب رئيس إلى حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، قال المعلم إن هذه المسألة سيتولى معالجتها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي سيواصل جهوده في لبنان. وتقضي المبادرة العربية التي حاول الأمين العام للجامعة العربية تطبيقها عبر زيارات متكررة للبنان، بانتخاب قائد الجيش العماد ميشيل سليمان رئيسا توافقيا وتشكيل حكومة وحدة وطنية لا تستأثر فيها الغالبية المناهضة لسوريا بالقرار ولا تتمتع فيها المعارضة القريبة من دمشق وطهران بالقدرة على التعطيل، إضافة إلى وضع قانون جديد للانتخاب. من جهته، أكد موسى انه إذا لم يتم انتخاب رئيس قبل القمة فان الدعوة ستوجه إلى لبنان بالطريقة المناسبة وطبقا للدستور اللبناني إلى الحكومة التي تتولى السلطة في ظل الفراغ الرئاسي. وأوضح موسى، ردا على سؤال عن مستوى التمثيل المتوقع في القمة إذا استمرت الأزمة السياسية في لبنان، أن كل الدول العربية ستشارك في القمة أما مستوى التمثيل فسيتحدد من الآن حتى موعد انعقاد القمة. وأشاد الوزراء العرب في بيانهم بالجهود التي بذلها الأمين العام تنفيذا للمبادرة العربية وكلفوه الاستمرار في هذه الجهود، داعين كل الدول العربية إلى دعم جهوده في اتصالاتها بالإطراف اللبنانية وكذلك في اتصالاتها العربية والإقليمية والدولية. ودعا البيان قيادات الأكثرية والمعارضة النيابية (اللبنانية) إلى التجاوب مع جهود الأمين العام لتنفيذ المبادرة والتوصل إلى توافق في شأنها دون إبطاء، وذلك في ضوء ما تم إحرازه من تقدم في لقاءات الاجتماع الرباعي السابقة، في إشارة إلى اللقاء الرباعي الذي عقد ثلاث مرات في بيروت وضم موسى والزعيم المسيحي ميشال عون رئيس كتلة التغيير والإصلاح النيابية ممثلا المعارضة ورئيس كتلة تيار المستقبل النائب سعد الحريري والرئيس السابق للجمهورية أمين الجميل عن الغالبية. كذلك، دعا الوزراء العرب إلى العمل على وضع العلاقات السورية اللبنانية على المسار الصحيح وبما يحقق مصالح البلدين الشقيقين، وتكليف الأمين العام البدء بالعمل على تحقيق ذلك. وربطت دول عربية محورية خصوصا مصر والسعودية بين نجاح قمة دمشق وانتخاب رئيس للبنان ما يعني إن مستوى تمثيل هذه الدول سيكون منخفضا ما لم يتم إنهاء مشكلة الفراغ الرئاسي في لبنان قبل القمة. واصدر الوزراء العرب بيانا حول النزاع العربي-الصهيوني اكدوا فيه ان قمة دمشق تقوم بمراجعة الاستراتيجية التي انتهجتها الدول العربية تجاه جهود احياء عملية السلام. وأكدوا أن استمرار الجانب العربي في طرح المبادرة العربية للسلام سوف يرتبط (من الآن فصاعدا) بقيام الكيان الصهيوني بتنفيذ التزاماتها في إطار المرجعيات الدولية الأساسية لتحقيق السلام في المنطقة.