غادر كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة كينيا بعد نجاحه في إبرام اتفاق بين القيادات السياسية للسلطة والمعارضة في البلاد، ينهي الأزمة السياسية التي أغرقت البلاد في موجة من العنف والدم التي راح ضحيتها نحو ألف شخص. وجاء الاتفاق بعد أسابيع من بداية الوساطة التي قادها عنان لحل الأزمة بين رئيس البلاد مواي كيباكي ورايلي أودينجا زعيم الحركة البرتقالية الديمقراطية المعارضة. وطبقا للاتفاق وافق كيباكي على إحداث وظيفة رئيس وزراء توكل لاودينجا الذي سعى لتولي هذا المنصب منذ عام 2002 عندما ساعد كيباكي في الانتخابات التي جرت ذلك العام. وسافر عنان إلى أوغندا المجاورة لكينيا قبل العودة إلى مقره في سويسرا. وكان قد صرح بأنه سيعود إلى كينيا لرصد مدى التقدم في الجهود الرامية إلى إصلاح دستور البلاد ومؤسساتها. جو هادئ وحث عنان لدى مغادرته مواطني البلاد على الإسهام في بناء بلاد متعافية يعمها الوفاق، وألا يتركوا الأمر كله للسياسيين. وأضاف نحن نريد لكينيا أن تعود إلى حالتها القديمة: مستقرة، يعمها السلام والرخاء ، ترحب بالمقبلين عليها . وكان عنان قد أشرف قبل سفره على المحادثات بين الطرفين لوضع الاتفاق موضع التنفيذ، وتناولت المحادثات إيجاد حل للمشاكل طويلة المدى مثل الإصلاح الدستوري والحكومي والإصلاح الزراعي. تعهد وصرح أودينجا أن أولويته حاليا هي إعادة بناء كينيا بعد التوصل إلى اتفاق لانهاء أزمة سياسية تضرب البلاد منذ شهرين. وتعهد أودينجا بمساعدة أولئك الذين شردوا أو فقدوا ممتلكاتهم أو وظائفهم في أعمال العنف التي لقي فيها أكثر من 1500 شخص حتفهم. وتوالت الضغوط على كيباكي واودينجا للتوصل لاتفاق واحتفل الكثير من الكينيين باتفاق تقاسم السلطة بين اودينجا والرئيس مواي كيباكي. وخرج الآلاف في مدينة كيسمايو، مسقط رأس أودينجا، للرقص في الشوارع احتفالا بالاتفاق. غير أن بعض الذين شردهم النزاع يشككون في جدوى هذا الاتفاق. وطبقا للاتفاق وافق كيباكي على إحداث وظيفة رئيس وزراء توكل لاودينجا، وسيكون هناك نائبان لرئيس الوزراء، وتقرر أن تكون تلك الوظائف التي لم تكن موجودة من قبل في ظل الدستور الحالي إلى أن تجري مراجعة الدستور في غضون عام. وستكون من صلاحيات اودينجا كرئيس للوزراء أن ينسق ويشرف على أمور الحكومة كما ينص الاتفاق. وقال كيباكي إنه سيدعو البرلمان للانعقاد الأسبوع المقبل من اجل بدء مناقشة الاتفاق لتحويله إلى قانون ساري المفعول. كما ينص الاتفاق على توزيع الحقائب الوزراية طبقا لقوة كل طرف في البرلمان. وفي وقت لاحق ستجرى مراجعة كاملة للدستور الكيني وهو وثيقة تعود لأربعة وخمسين عاما حاول الكثيرون في كينيا تغييرها منذ التسعينيات لأنها تعطي رئيس الجمهورية سلطة غير محددة فيما يتعلق بشؤون الدولة. الخلاف وقد تنازع الجانبان نتيجة الفوز بالانتخابات التي جرت في السابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث زعم كل فريق فوزه بها، ما أدى إلى موجة من العنف العرقي أدت لمقتل المئات وتشريد مئات الآلاف. وكان الرئيس كيباكي قد أعلن فوزه بالانتخابات ولكن مرشح المعارضة أودينجا قال إن الانتخابات زورت. وكانت المعارضة قد هددت بتنظيم احتجاجات واسعة في عموم البلاد ابتداء من الخميس الماضي إلا أنها قررت إلغاءها في أعقاب اجتماع أودينجا مع عنان لمنح فرصة للمفاوضات التي كللت بالنجاح. وقد تعرض كل من رئيس البلاد وزعيم المعارضة لضغوط دولية شديدة من اجل التوصل إلى تسوية تنهي الأزمة السياسية. وقد أدى الصراع إلى تلطيخ سمعة كينيا بما عرف عنها من استقرار سياسي وازدهار اقتصادي، مما عرض نيروبي لانتقادات واسعة من جانب الدول الغربية وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية.