متجاهلة طوابير المواطنين على المخابز وندرة الرغيف المدعم على سوءه، وبعد رفعها للمرة الثالثة خلال أقل من شهر أسعار الزيوت والدقيق والسمن والعدس والمكرونة، والصمت حيال كارثة تلوث مياه الشرب التي أدت إلى إصابة أكثر من نصف مليون مصري بالتسمم سنوياً وموت خمسة آلاف آخرين. بدأت الحكومة المصرية بتسليم الغاز الطبيعي للكيان الصهيوني ب 1/6 سعره ،رغم انتقادات المعارضة وعدم قدرة الاحتياطي المصري على استيعاب التصدير. فقد أفاد مصدر صهيوني في القاهرة الاثنين أن مصر باشرت تسليم الكيان الصهيوني كمية من الغاز الطبيعي طبقاً لاتفاق ثنائي وقع عام 2005 انتقدته المعارضة المصرية بشدة. وقال هذا المصدر طالبا عدم الكشف عن اسمه إن الغاز المصري بدأ يصل إلى الكيان الصهيوني منذ الأسبوع الماضي إلا انه لم يدخل بعد في الشبكة الصهيونية لأسباب تقنية. وبسبب المعارضة الشديدة لهذا الاتفاق تحيط السلطات المصرية هذا الموضوع بكتمان شديد. وينقل الغاز المصري إلى الكيان الصهيوني بواسطة أنبوب تحت البحر بطول 100 كم يمتد من العريش في شمال سيناء قرب قطاع غزة إلى مرفأ عسقلان قرب تل أبيب. وكانت تقارير صحفية قد ذكرت أن مصر ستبدأ بتزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي، اعتباراً من مارس المقبل، ونقل موقع قناة الجزيرة على شبكة الانترنت، عن مصادر مصرية مختصة قولها إن الكميات ستبلغ 362 مليون متر مكعب خلال 4 أشهر من بدء التصدير. وأضاف: أنه من المرجح أن تبلغ مدة التعاقد نحو 25 عاماً. وكان الجانبان قد وقعا منذ عامين مذكرة تفاهم لإنشاء أنبوب لتزويد الكيان الصهيوني بالغاز المصري، عبر سيناء والأراضي الفلسطينية المحتلة، وتنفي الحكومة المصرية دائماً أمام البرلمان، وجود تعاقدات رسمية، موضحة أن التعاقد يتم عبر شركات خاصة، مثل شرق المتوسط التي تضم رجال أعمال مصريين وصهاينة وأجانب. وكانت شركة دوراد الصهيونية للطاقة قد وقعت مع شركة إي.إم.جي المصرية - الصهيونية لتوريد الغاز في ديسمبر 2006 صفقة تصل قيمتها إلي ملياري دولار لشراء الغاز الطبيعي من مصر، حسبما ذكرت جريدة المصري اليوم. وذكرت الشركة أن العقد مدته بين 15 و20 عاماً، ويقضي بتسليم ما يصل إلي 1.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، اعتباراً من العام 2008، مشيرة إلي أن سعر الغاز سيتغير وفقاً لأحوال السوق. كوارث داخلية ويأتي تصدير الغاز للكيان الصهيوني في الوقت الذي يفرض فيه الأخير حصاراً ضاريا على قطاع غزة ويحول دون وصول أي من الإمدادات الغذائية أو الوقود إلى السكان المحاصرين مما ينذر بكارثة إنسانية لسكان القطاع . هذا فضلاً عن المشكلات الداخلية التي تتفنن الحكومة المصرية في اختلاقها للشعب الذي سيقبل قريباً على مجاعة بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور وتكبيل الحريات حتى لا يبدي المواطنون أي اعتراض على السياسات الجائرة والمجوعة التي تنتهجها الحكومة. فقد قررت الحكومة للمرة الثالثة خلال أقل من شهر زيادة أسعار الزيوت والدقيق الفاخر والسمن والعدس والمكرونة، يأتي ذلك وقت إعلان وزارة التضامن الاجتماعي تلقي أكثر من10 آلاف و500 شكوى واستفسار تتعلق برغيف الخبز واسطوانات البوتاجاز.. والمصيبة الأكبر من ذلك كله تلوث مياه الشرب وإصابة أكثر من نصف مليون مصري بالتسمم سنويا وموت خمسة آلاف آخرين. وقد كشف مصدر مسئول بوزارة التضامن الاجتماعي عن زيادة سعر رغيف الخبز المدعم من 5 قروش إلي 10 قروش، اعتباراً من شهر يوليو المقبل تحت مسمي تحسين جودة الرغيف. وكانت الحكومة - ممثلة في الشركات التابعة لوزارة الاستثمار- ، قد قررت للمرة الثالثة خلال أقل من شهر، زيادة أسعار الزيوت والدقيق الفاخر والسمن والعدس والمكرونة، التي تباع عن طريق شركات تجارة السلع الغذائية بالجملة والمجمعات الاستهلاكية المنتشرة في جميع المحافظات. واستقبل مركز تلقي الشكاوى والاستفسارات بوزارة التضامن الاجتماعي أكثر من10 آلاف و500 شكوى واستفسار في الفترة من سبتمبر2006 وحتى يناير2008 أغلبها حول ارتفاع الأسعار. فيما تأتي الكارثة الكبرى بتلوث المياه وموت خمسة آلاف شخص سنوياً. فقد أشارت دراسة إلي أن أكثر من نصف مليون مصري يصابون بالتسمم سنويا نتيجة تلوث مياه الشرب كما أن خمسة آلاف شخص يروحون ضحية المياه الملوثة كل عام. وأكدت الدراسة التي أجراها الدكتور محمود عمرو أستاذ الأمراض المهنية بالمركز القومي للسموم بطب القاهرة أن16 مليار متر مكعب محملة بالمخلفات الزراعية والصناعية يتم صبها في النيل سنويا. حلم صهيوني جدير بالذكر أن توصيل الغاز المصري للكيان الصهيوني يعد تحقيقاً للحلم الصهيوني الذي رواد النخبة الحاكمة هناك والتي كان تسعي إلي الحصول علي البترول والغاز من مصر ، لأنها الجار الأقرب إليها مما سيحقق له هدفين : الأول: إيجاد علاقات اقتصادية بين إسرائيل ومصر تسمح بتسريع عجلة التطبيع بينهما علي المستوي السياسي. والثاني: الاستفادة من قرب المسافة لتحقيق مكاسب اقتصادية في النولون البحري وفي سرعة وصول الطاقة إليها. وعقب هزيمة يونيو 1967، توقعت مراكز الأبحاث الصهيونية والأمريكية أن النظام المصري سوف يلغي الخيار العسكري من تفكيره ويتجه نحو التسوية السلمية للصراع. وفي عام 1969، بدأت مجموعة دراسية في جامعة تل أبيب في وضع مجموعة من الدراسات عن التعاون الاقتصادي بين الكيان الصهيوني ومصر في حالة انتهاء حالة الحرب وتوقيع معاهدة سلام. وقد تولي البروفيسور "بن شاهار" وأيضا "فيشلسون" الإشراف علي تلك الدراسات. وكان من بينها دراسة حول آفاق التعاون في مجال الطاقة علي أساس الحصول علي نسبة من البترول المصري سنوياً، والحصول علي جزء من الفائض المصري من الغاز المكتشف في شمال الدلتا في حقول أبو ماضي وأبو الغراديق. ثم جاءت حرب أكتوبر ، ومن نتائجها عودة الحقول المصرية التي كانت تحت الاحتلال الصهيوني إلي السيادة المصرية وتوقيع اتفاقية فك الاشتباك الأول ثم فك الاشتباك الثاني وصولا إلي توقيع معاهدة السلام المصرية-الإسرائلية عام 1979. منذ ذلك التاريخ بدأ تصدير البترول المصري إلي الكيان وبكمية تقدر بنحو 2 مليون طن وفي ذات الوقت بدأت المفاوضات الشاقة والمضنية بين الطرفين حتى تقوم الحكومة المصرية بإمداد الكيان الصهيوني بالغاز الطبيعي. تطورات في العامين الأخيرين من العقد الأخير من القرن الماضي، بدأت تتضح بصورة أكبر مشكلات الشبكة الكهربائية في الكيان الصهيوني ، حيث بدأت تحدث انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي ، مما سبب أضراراً اقتصادية عديدة ، بالإضافة إلي اعتماد الشبكة علي المازوت والفحم في تشغيل محطات الكهرباء وهي طاقة ملوثة للبيئة، وأصبح القانون الجديد للبيئة الصادر عام 1994 يتعامل بصرامة مع شركات الكهرباء الإسرائيلية لمواجهة المشاكل البيئية الناتجة عن استخدام وقود المازوت والفحم. ولقد توصلت وزارة البنية التحتية أن أفضل الخيارات لتطوير الشبكة ، في اعتمادها علي الغاز الطبيعي ، ومن ثم يفضل الحصول عليه من مصر. وقد طلبت شركة (كهرباء إسرائيل ) في مفاوضتها مع الجانب المصري ألا يقل التعاقد عن 20 عاما وفي حدود كمية 2.5 مليار متر مكعب وقد وافق الجانب المصري علي ذلك بشرط تقديم شركة كهرباء إسرائيل خطاب ضمان قدره 300 مليون دولار لضمان جدية تنفيذ التعاقد وهو ما حاول الجانب الصهيوني التملص منه ، إلا أنه لم ينجح في ذلك. وبعد توقيع تفاهمات شرم الشيخ بين شارون وأبو مازن أخذ موضوع الانسحاب الصهيوني من غزة منحني صعوديا دفع بالحراك السياسي إلي الأمام. وتضمن عودة السفير المصري إلي تل أبيب وتوقيع اتفاقية الكويز مع مصر، ومن ثم إحراز تقدم نحو توقيع إتفاق توريد الغاز المصري للكيان الصهيوني. وأخيرا قام وفد برئاسة وزير البنية التحتية الصهيونية "دافيد بن إلعازر" بزيارة القاهرة في يونيو 2006 وحضر حفل توقيع الاتفاق لمذكرة التفاهم مع وزير البترول المصري...وقال بن إلعازر عقب حفل التوقيع: "أنه اتفاق تاريخي .فهي المرة الأولي في تاريخ دولة إسرائيل تحصل علي غاز من دولة عربية ولمدة طويلة وبضمانات حكومية" وبذلك أصبح توريد الغاز المصري بضمانة حكومية ، وليس اتفاقا تجاريا يمكن للحكومة المصرية أن تتحلل منه ، وقد لوحظ أيضا عدم مناقشة مجلس الشعب له لأنه تم علي أساس كونه "مذكرة تفاهم" . الاحتياطي لا يكفي ويحصل الكيان الصهيوني بواسطة الخط المصري علي 250 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز، وقد صمم الجانب الصهيوني علي ألا يعبر الخط أي أراض تحت إشراف السلطة الفلسطينية، بل يجب أن يصل خط الأنابيب أولا إلي الكيان الصهيوني ومنه يعبر إلي الأراضي التي تحت الأشراف الفلسطيني. ورغم الجدل الكبير الذي دار في الأوساط العلمية والسياسية حول جدوى بيع الغاز المصري للكيان الصهيوني، لأن حجم الاحتياطي المصري مختلف عليه ، كما أنه ليس بالحجم الكبير الذي يسمح بإمكانيات تصديريه، كبيرة مثل قطر ( 500 تريليون) أو إيران (600 تريليون) أو الجزائر (128 تريليون) أو روسيا (2000 تريليون) ، فإن المشروع مضي قدما الأمام بسبب الضغوط الصهيونية والأمريكية للتطبيع. سعر منخفض جداً المكسب الأكبر من هذا الاتفاق الذي سيدخل حيز التنفيذ في شهر مارس المقبل...هو السعر .والذي يرتبط بعشرين عام توريد للغاز.فبعد تعتيم شديد وإخفاء للسعر، ولمدة طويلة، تبين أنه سعر خاص للغاية. وبعض الصحفيين وصفوه بأنه سعر سياسي! فهو لا يماثل الأسعار المباع بها الغاز لدول أخري، كما أنه لا يخضع لقاعدة "التعديل" Escalation clause ، التي تربط تحرك السعر بارتفاع أسعار البترول والغاز في السوق العالمية. وقد كشف أن السعر يدور حول 75 سنتاً للمتر المكعب، بينما الأسعار العالمية في حدود 5 إلي 7 دولارات.