كشفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عدم قدرة إسرائيل على التحكم في قطاع غزة وأثبتت أن بامكانها تفجير الحدود وتحويل الحصار الإسرائيلي الشديد لها إلى كابوس فيما يتعلق بالعلاقات العامة للدولة اليهودية. وكان هدف إسرائيل المعلن الأسبوع الماضي من تشديد حصارها حول غزة وقطع الوقود عن محطة الكهرباء الرئيسية هو الضغط على النشطاء الفلسطينيين لوقف هجمات صاروخية أثارت الرعب في جنوب إسرائيل. لكن مناشدات دولية أجبرت إسرائيل على تخفيف الحظر على الوقود وشحنات المساعدات للقطاع الذي يديره الإسلاميون وبعد بضع ساعات فجر نشطاء من حماس الحاجز الحدودي الفاصل بين غزة ومصر وتدفق عبره عشرات الألوف من الفلسطينيين. وعادت الكهرباء إلى مدينة غزة الآن وتعهد زعيم حماس في المنفى بعدم الكف عن إطلاق الصواريخ. وقال داني ايالون سفير إسرائيل السابق لدى الولاياتالمتحدة إن إسرائيل دخلت "مصيدة" حماس. وأضاف "كان هذا فشلا كبيرا وكارثة تتعلق بالعلاقات العامة (...) وفقدنا الردع للمرة المقبلة". وكانت إسرائيل تتجنب الانتقادات الغربية لحصارها العسكري والاقتصادي منذ أن سيطرت حماس على القطاع الساحلي في يونيو بعد أن طردت قوات حركة فتح الموالية للرئيس محمود عباس. لكن بقطع الوقود عن محطة الكهرباء الرئيسية تجاوزت إسرائيل حدود ما يمكن للعالم تقبله. وقال معين رباني المحلل في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات "إسرائيل أعطت حماس المبرر الذي تحتاجه لاتخاذ إجراءات غير مسبوقة". وجادل مسؤولون إسرائيليون بأن الانتكاسة في العلاقات العامة بسبب تخفيف الحصار وتدمير الحاجز الحدودي مبالغ فيها وانها لن تشكل ضغطا على الجيش. ورغم أن الغارات المتكررة فشلت في وقف إطلاق الصواريخ منذ أن سحبت إسرائيل مستوطنيها من قطاع غزة في عام 2005 فان الجيش أشار إلى تراجع في إطلاق الصواريخ منذ بدء قطع الكهرباء السبت. وقال البريغادير جنرال المتقاعد شالوم هاراري من معهد مكافحة الإرهاب في هرتزليا بالقرب من تل ابيب إن انتصار حماس في غزة سيقتصر على "العلاقات العامة" لكن الوضع سيشكل الآن ضغوطا أكبر على مصر للعمل لصالح إسرائيل.. وأضاف "الوضع قد يبدو أسوأ في الظاهر لكن إسرائيل لم تفقد سيطرتها على حدودنا". وأبدى بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين يرون أن على مصر القيام بالمزيد لمنع تهريب السلاح إلى غزة ارتياحا لتدفق سكان غزة على مصر لشراء الغذاء والوقود. ورفضت مصر اتهامات بأنها فشلت في وقف التهريب. وقال ديفيد ماكوفسكي مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط التابع لمعهد واشنطن "على مدى شهور وشهور كانت إسرائيل تقول للمصريين: انكم تلعبون بالنار، لذلك لست واثقا تماما من ان إسرائيل مستاءة مما يحدث الآن". وأضاف "الفكرة كلها هي تحميل مصر على الأقل المسؤولية عما يحدث على الحدود وربما كذلك أن تسيطر على القطاع نفسه". ولكن الأزمة قد تعقد اقتراحا يحظى ببعض التأييد من الغرب بتسليم السيطرة على معبر غزة لرئيس الوزراء في حكومة عباس سلام فياض الذي اقتصرت سلطاته على الضفة الغربية. وصعد عباس وأعضاء حكومته الدعوات العلنية لرفع الحصار على الرغم من أن مسؤولين غربيين يقولون إن بعض مسؤولي فتح كانوا في بادئ الأمر يؤيدون الاستمرار في إغلاق المعابر. وأبلغ المسؤولون الغربيون بأن الإغلاق من شأنه تقويض موقف حماس أمام سكان غزة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة مما يمهد الطريق أمام فتح للعودة للقطاع. ولكن تفيد معلومات المخابرات الأميركية والإسرائيلية انه رغم تدهور شعبية حماس إلا انها تمكنت من استخدام شبكة أنفاق تمر تحت الحدود مع مصر لإدخال السلاح وعشرات الملايين من الدولارات شهريا. ويمكن لحماس الآن أن تستغل الأزمة على الحدود المصرية في الضغط على القاهرة من أجل التوصل إلى اتفاق يعطيها رأيا في كيفية عمل معبر رفح في المستقبل. واقترحت مصر إجراء محادثات مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن مراجعة ترتيبات الحدود ولكن ليس مع حماس. وقال رباني إن حماس تعتبر الحدود المصرية "خيارها الوحيد للتغلب على الحصار" ويعتقد الكثيرون "انه سيكون من المستحيل سياسيا على مصر أن تغلقها بالقوة"