حطت أسراب الحمام السابحة في صفحة السماء والقادمة من ميدان التحرير على قبة بيضاء تعلو براح ممتد عبارة عن قاعة شديدة الاتساع قطرها حوالي 22 متراً وارتفاعها نحو 30 متراً، والسقف المقبب مقسَّم من الداخل إلى ست عشر منطقة، مزينة بوحدات زخرفية متكررة ومحاط بها أفرع وأوراق نباتية مذهَّبة .. أسراب الحمام المتحلِّقة حول القبة لا ترى زخرف القبة الداخلي والذي لا يوجد في مسجد من مساجد القاهرة .. مدينة الألف مئذنة والعامرة بقباب شتى، أشهرها قبة الجامع الأزهر الشريف.. المرجعية الدينية الأشهر ورمز الوسطية بمصر والعالم الإسلامي أو قبة كنيسة مارجرجس بمصر العتيقة .. أسراب الحمام تحط فوق قبة برلمان مصر الثوري والذي يجلس فيه أستاذ النبات محمد سعد الكتاتني مكان الفقيه الدستوري أحمد فتحي سرور أكثر المعمرين فوق كرسي رئاسة البرلمان المصري والذي كثيراً ما وصف جماعة الاخوان المسلمين في مضابط جلساته بالجماعة المحظورة قبل أن يرفع عنها الحظر وترى النور السياسي في الجلسة التاريخية لبرلمان الثورة في يوم الإثنين الموافق 22 يناير 2012.هذه القبة البيضاء تستر برلماناً يحتل حوالي 65 % من مقاعده نواب يمثلون أحزاب دينية أو ذات مرجعية دينية بما يخالف قانون انشاء الأحزاب في مصر قبل الثورة !!! ، ويشكل تحالف حزب الأخوان المسلمين فيه 228 مقعد من إجمالي 508 مقعد، وهو عدد يفوق بكثير مقاعده ال 88 التي حصدها في دورة البرلمان 2005 . في حين يتمتع التيار الديني السلفي ب 127 مقعد من مقاعد برلمان الثورة، وهو نفس التيار الديني الذي يرى في القباب بدعة ومنكر، ورغم أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار إلا أنه لا بأس من أن يلقوا بأنفسهم في النار والتهلكة مادام المراد قبة البرلمان المصري الذي يمثل الشعب المصري والذي تبلغ به السخرية مبلغها بكل طوائفه حتى تطول نوابه الشيوخ الذين حرَّموا القباب فسعوا إلى قبة البرلمان بعد الثورة واستظلوا بقباب محرَّمةً فيما مضى وقبل العهد الثوري !!!.ومرجع تحريم القباب كما يراه هذا التيار يعود لنهي نبوي ذُكِر في بعض الأحاديث الشريفة (التي يشكك البعض في مصداقيتها) من تحريم اتخاذ القبور مساجد وبناء قباب عليها لتمييزها، وذلك للقضاء على كل المظاهر التي قد تكون سبباً في وقوع الأمة في الإشراك بالله تعالى. وحاشا لله أن يكون شيوخنا ممن سكنوا تحت قبة البرلمان ممن يشركون بسنة نبينا التي ظلوا يستخدمونها في دعايتهم الانتخابية حتى أوصلتهم إلى تحت القبة، وحاشا لله أن يكونوا كذلك وهم بالحق قائمين ولأهل الشِرك والبدع مجاهدين ولرئاسة لجان البرلمان ساعين وللدستور واضعين وللقوانين مشرًّعين أو كما قال النائب الإخواني عصام العريان : سنمثل للقانون حتى نغير القانون...للمشايخ والأولياء في مصرنا المحروسة مساجدهم.. وأضرحتهم ذات القباب يجاورها صندوق النذور والذي كثيراً ما استغل لفئة من خُدَّام المقام حتى أن بعضهم أدعوا وجود سيدنا الولي مدفوناً تحت القبة كذباً ودون وجه حق وأنه جاءه في المنام وأمره بالعناية بهذا المقام ليرتعوا من صندوق نذوره وهباته التي يبذلها عن طيب خاطر شعب متدين بفطرته..لكن قبة برلمان مصر الثوري عجيبة كل العجب حيث النواب المشايخ هم من يدفعون النذور لمواطنيهم الذين أعطوهم أصواتهم وأوصلوهم لظلال القبة، والكل يريد هبات صندوق النذور، والكل يريد نصيبه، فمن شابٍ متعطلٍ عن العمل يحلم بالمستقبل وبأسرة مستورة، إلى سيدة مسنة تحتاج نظام تأميني كريم يكفيها شر العوز والحاجة، إلى رجل يريد تأمين صحي مناسب يعينه على السعي لقوت أسرته، إلى تلميذ يريد تعليماً حقيقياً يضمن به مستقبله ومستقبل وطنه، إلى أم لا تريد أن يغترب ابنها ليعود جثة من محاولة فاشلة لهجرة غير شرعية، إلى أسرة تريد أن تنعم بأكل صحي غير مسرطن فلا يصاب أفرادها بخبائث الأمراض،(إلى إلى إلى ...).نذور عديدة مطلوب سدادها من مشايخنا النواب وبخاصة ممن أقسموا قسمهم الانتخابي مضيفيين من عندياتهم عبارة (بما لا يخالف شرع الله.) وإلا ستصيب النائب منهم لعنات النذر المعلَّق فلا يهنئ بمقعد البرلمان أو برئاسة إحدى لجانه ..والمفارقة المدهشة أنهم سيدفعون هذه النذور للمشايخ الحقيقين الأولياء أصحاب الخطوة الذين يجب أن يسترضوهم خلال دورة برلمانية واحدة بعد سنوات قهر مديدة وبؤس مقيم وشوق لجنة أرضية يعاينوها ويحيونها..يحط الحمام فوق القبة البيضاء، ولا يرى الحمام النواب المشايخ، لكنه يحط فوق مقام ولي صادق وطاهر حقيقي مقبور هو ومستقبله تحت تلك القبة.. ولينا الطاهر يدعى وطناً عُرف بالمحروسة وأم الدنيا وكنانة الله في الأرض ومذكور في جميع الكتب السماوية.. ويخشى سرب الحمام الذي أعياه الطواف في السماء والأرض ألا يجد قبةً يحط عليها حين تنتهي فترة مكوث مشايخنا تحت القبة بعد أن قام الشعب المصري بتطبيق شريعة السلف الصالح وسارع بهدم قبة مجلس الشعب فوق كل من يستظلون بها ممن لم يفوا بنذورهم لشعبهم.