عندما تنتصر ثورة الشعب علي نظام الاحتلال الإخواني وتطيح به وتلقي به في مزبلة التاريخ ويحاكم في محكمة الثورة فهذا لا يعني أن الشعب قد ودع للأبد الظلم والفساد والطغيان طالما أن البعض من المحترفين يتفنن في إثارة الفتن تحت شعارات الثوريين الجدد وحركات التحرير والتبعية التي تلبس رداء حقوق الإنسان وهي أبعد ما تكون عنه في وقت يقف فيه الشعب مكتوف الأيدي في مسافة فاصلة ما بين الثورة وما بعدها وهو ما يعرف بمرحلة التقاط الأنفاس إذ تحتاج الثورة علي الفساد إلي ثورة علي فساد أكبر وطغيان أعظم، لأن الثورة قد تكون أجهضت في مهدها لأنها لم تحقق شيئا من أهدافها إذ استبدلنا الفساد بفساد أعظم أو بمعني أدق أطحنا برءوس الفاسدين ليحل مكانهم من هم أكثر فسادا وطغيانا.. وعندما يعيش المواطن المصري وتعيش البلاد في حالة ضبابية سوداء اللون لا يفهم المواطن ماذا يحدث وكيف ومتي علي طريقة "هو حد فاهم حاجة"؟ إذ ترتفع الأسعار بجنون بلا مبرر وتتحول المغالاة في رسوم جميع المرافق إلي وحش ينهش لحوم المصريين وتبقى إثارة الفتن حرفة وصنعة لإحداث الوقيعة بين أهالى القرى والسبب مرتزقة جدد أفرزتهم الفوضى وصمت الأجهزة الحكومية عليهم وغياب هيبة الدولة والقانون والأمن. وعندما يبدأ العد التنازلي لانتخابات أول مجلس نواب بعد الثورة لمراقبة النظام وحكومته وتعديل بعض القوانين المشوهة والمعيبة كحصاد طبيعي لثمار الثورة ويستغل بعض الهواة هذا الحدث من أجل المتاجرة بأزمات وأوجاع ضحاياهم فقل علي الثورة ومجلس النواب المقبل السلام ... أما مسقط رأس الحكاية الفضيحة التي تلوكها الألسن في كل مكان فيشا الكبري، القرية الأم لقري فيشا وكفر فيشا والسرو وكمشوش وهيت التابعة لمركز منوف، الذي يضم أكثر من 33 قرية تعيش المأساة وسروهيت بالمناسبة هى مسقط رأس المستشار الجليل عدلى منصور رئيس الجمهورية السابق. ويشرب من الحكاية الملوثة ما يزيد عن 100 ألف ضحية . وتبدأ سطورها أثناء زيارة المحافظ المكوك اللواء أحمد شيرين الأخيرة لقرية فيشا الكبري التي اصطحب فيها رئيس شركة مياه المنوفية المهندس الكفء محمد نجيب الذي يعمل في خدمة المواطنين ولا يفرق بين زيد وعمرو بالإضافة إلي استعادة هيبة الدولة في فرض الحق علي الجميع بلا استثناء، فالقانون هو السيد والمواطن هو صاحب المصلحة الأولي والأخيرة وخلال الزيارة وعد المحافظ أهالي فيشا الكبري بكوب ماء نظيف يوقف هجوم الأمراض والأوبئة الخطيرة التي تنهش أجسادهم جراء تلوث مياه الشرب دائما وعلي حد وصف "فوزي قنديل" مهندس زراعي وأحد الأهالي مضيفا أنه منذ 11 سنة وتحديدا عام 2003 ومحطة المياه الجديدة التي تبعد مائة متر فقط عن مبني الوحدة المحلية لم ينتهِ العمل بها بل توقفت جميع عمليات إنشائها عدة مرات . وإذا كانت مياه الشرب ملوثة جراء عدم استكمال تنفيذ المحطة الجديدة «والمقامة مكان المحطة القديمة منذ عام 2003» ؟! فإن الكارثة الأعظم -كما يقول قنديل- تتمثل في شبهة إهدار المال العام عبر دفن عشرين طنا من الحديد بالأرض حتي أكلها الصدأ منذ سنوات لاستخدامها في تنفيذ المحطة الجديدة وبذلك تكون قد تحولت إلي مبني ضخم بدون أية معدات أو أجهزة عدا جهاز واحد لشفط المياه من مواسير المحطة وضخها لشبكات المياه بالشوارع وأحواض للترسيب مما ترتب عليه تلوث مياه الشرب بالصدأ والديدان مع ارتفاع نسبة الحديد والمنجنيز والماغنسيوم حيث تخرج المياه حاليا من بئر بواسطة غاطسة علي خطوط المياه مباشرة بدون أحواض ترسيب. ولأن الكارثة تتفاقم ككرة لهب يتناقلها الإخوان والمدعون الجدد، فقد تسببت وكما يؤكد خالد الحامولى أحد أبناء القرية ومدير مدرسة فيشا الكبري للتعليم الأساسي في انفجار الأوضاع بين أهالي فيشا الكبري وكمشوش. وفي استجابة سريعة نجح الحكماء والعقلاء من القريتين فى احتواء الفتنة -كما يقول كل من "حسن محاريق" أمين صندوق تنمية المجتمع بفيشا الكبري و"جمال عمارة" ضابط بالقوات المسلحة علي المعاش و"خالد بلال" مدير عام بالمعاش- . وعلي المستوي الشعبي تشكلت لجنة شعبية من أهالي القريتين وتم عقد جلسة صلح بينهما بمنزل عمدة كمشوش "طارق صقر" وبحضور"طارق عيد" رئيس فرع بنك ناصر بالباجور وأحمد نصار وأحمد قاسم واتفقوا على مقابلة المحافظ ومسئولي المياه لحل الأزمة قبل أن تسيل دماء الأهالي لولا محاولات قلة مدسوسة حاولت أن تخلق فتنة بين البلدين. ولم تتوقف أوجاع أهالي فيشا عند هذا الحد بل امتدت لتشعل الحرائق في بيوتهم وقلوبهم والكلام للمواطن جمال عمارة ضابط بالقوات المسلحة بالمعاش حيث شب حريق ضخم منذ ثلاثة أشهر بمنزل عائلة حجازي راح ضحيته الأب وأبنائه الثلاثة أما الأم المكلومة فهي ترقد الآن بين الحياة والموت بعد إصابتها بتشوهات بنسبة 100% نتيجة لعدم وجود وحدة إسعاف بوحدة صحة الأسرة بالقرية كما لا يوجد وحدة إطفاء أيضا رغم تخصيص أماكن لهما والكارثة في تأخر سيارات إطفاء منوف في إخماد الحرائق دون أن يحاسبها أحد. ويحدث ذلك في الوقت الذي تغلق فيه وحدة صحة الأسرة بفيشا أبوابها بالجنازير أمام الحالات الحرجة والخطيرة عقب صلاة العصر يوميا رغم ضخامة مبناها الذي تكلف الملايين وهو مزود بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية بصورة أخري لإهدار المال العام والكلام للمواطن "سامي نبايل" عامل بمدرسة التحرير الابتدائية بمنوف. وفي الوقت الذي لم يكد ينسي فيه دوي حريق آل حجازي إلا واندلع حريق أكبر بمنزل الأشقاء الثلاثة يحيي وعلي وسعد الهندام والمجاور لمقابر كمشوش التهم كل مواشيهم وطيورهم ولولا تدخل الأهالي في إخماد الحريق لاشتعلت القرية بأكملها وكالعادة لم تأتِ سيارات إطفاء منوف إلا بعد أن أخمد الأهالي الحريق. واستمرارا لاستغلال أوجاع الناس اللي تحت في فيشا وقراها فقد احتلت تلال القمامة معظم الشوارع وبالأخص بجوار الشئون الاجتماعية لتتكاثر عليها جيوش الناموس والبعوض التي تصدر الأمراض والأوبئة للأهالي وخاصة الأطفال الذين يمارسون اللعب بمخلفات حرائق القمامة التي يضطر الأهالي لإشعالها للتخلص منها إزاء انعدام منظومة النظافة بالوحدة المحلية التي تفرغت فقط لتحصيل رسوم عليها شهريا من الأهالي بالمخالفة لحكم المحكمة الدستورية العليا الذي أبطل تلك الرسوم بل واعتبرها جباية جديدة علي المواطنين وهذا ما أكده "نجم مرسي" و"طارق فرحات" و "عبدالعزيز عبدالرازق" و"خالد رمضان " و"محمد حماد" و "عادل عاشور" و "أشرف عبدالقادر". وعن حال الطرق فحدث ولا حرج كما تقول المواطنة "صبحة عفيفي" بكفر فيشا فقد تحولت إلي مصيدة للمواطنين والسيارات في ظل استمرار تجاهل عمليات رصفها وإحلالها وتجديدها وصيانتها منذ سنوات طويلة ثم يتساءلون عن ارتفاع معدلات حوادث الطرق بصورة مفزعة ومخيفة. وأخيرا فإن أم الفضائح علي حد وصف الأهالي تتمثل في عقوبة المسئولين السابقين لهم في تعطيل محطة المياه الجديدة منذ عام 2003 . ورغم ذلك قام أهالى فيشا بالتصويت بأعلى نسبة أصوات فى الانتخابات الرئاسية لصالح السيسى، الذى وضع على أجندة أولوياته الحفاظ على كرامة المواطن وحصوله على كوب ماء نظيف.