حالة من القلق والاستياء سادت بين المواطنين فى الشارع المصرى عقب التصريحات التى أدلى بها الدكتور محمد عبد الجواد، نقيب الصيادلة، بضرورة رفع أسعار الأدوية التى يقل ثمنها عن خمسة جنيهات فى شركات الأدوية التابعة للقطاع العام، إذ إن هذه التصريحات جاءت بعد إعلان عدد من شركات قطاع الأعمال ولعل أبرزها شركة سيدكو، وشركة النيل وغيرها، عدم قدرتها على مواجهة ومنافسة شركات الأدوية الأجنبية نظراً لانخفاض أسعار الدواء الأمر الذى جعلها باتت على وشك الإغلاق ويهدد بانهيار صناعة الدواء فى مصر . وقد تزامن هذا الأمر مع مطالبة الدكتور محسن خلف رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة ممفيس للأدوية إحدى الشركات التابعة للقابضة للأدوية، بضرورة تحريك أسعار الدواء لاسيما بعد زيادة أسعار الوقود، سيزيد من تكلفة الإنتاج وبالتالى نتائج الأعمال وزيادة الخسائر بشكل ملحوظ، فضلاً عن أن بعض الشركات التابعة للقابضة للأدوية حققت خلال العامين الماضيين ما يقرب من ربع مليار جنيه خسائر حققتها بسبب انخفاض أسعار الدواء وبيعه بأقل من تكلفته الحقيقية. فماذا يقول الخبراء والاقتصاديون حول هذا الأمر؟، وما هى النتائج التى قد تترتب على تحريك أسعار الدواء؟، وهل عدم تحريكها سيدفع شركات الأدوية لاتباع سياسة الاحتكار وسياسة اختفاء الأدوية بحجة عجزها عن توفير الخامات اللازمة للتصنيع، ومن ثم يساهم ذلك فى انتعاش سوق الأدوية المهربة والمغشوشة؟.. الإجابة فى السطور التالية :- فى البداية أكد الدكتور كمال القزاز، الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ، أن إعادة النظر فى تسعير الأدوية يعد نتاجا طبيعيا لارتفاع أسعار الوقود، الذى أثر بالضرورة على أسعار النقل وتكلفة الانتاج ورفع أسعار الخامات اللازمة للتصنيع ، إلا أن الزيادة فى الأسعار ستكون طفيفة، خشية من قيام ثورة شعبية اعتراضاً على الزيادة المبالغ فيها. خسائر فادحة وأوضح أن رفع أسعار الأدوية يعد قراراً ليس بالسيئ خاصة وأن هناك نحو أكثر من ألف نوع يتم بيعها بأسعار بخسة وأقل من أسعار تصنيعها، الأمر الذى يتسبب فى إلحاق خسائر فادحة بشركات الأدوية التابعة لقطاع الأعمال، ومن ثم يهدد بإيقاف إنتاج مثل هذه الأدوية، وهذا الأمر يقف عائقاً أمام الفقير الذى لا يجد أمامه سوى شراء بدائل الأدوية والتى يتم بيعها بأسعار مرتفعة، ومن ثم فإن رفع أسعار الأدوية التى يقل ثمنها عن خمسة جنيهات ، سيكون ارتفاعاً طفيفاً ولا يضر بحق الفقراء . وطالب القزاز، حكومة المهندس إبراهيم محلب، بضرورة تشديد الرقابة على الصيدليات، فى حالة تطبيق قرار رفع أسعار الأدوية، وذلك من أجل منع احتكار الأدوية ولجوء بعض الصيدليات لإخفاء هذه الأدوية ومن ثم تقوم ببيعها بأسعار مرتفعة لتحقيق هامش كبير من الربح، كما طالب المجلس التصديرى للصناعات الدوائية بضرورة القيام بإنشاء هيئة عامة للدواء تتلخص مهامها فى الإشراف والرقابة على عمل الصيدليات ومنعها من أى تلاعب بأسعار الأدوية. تلاعب فى حين يرى الدكتور إيهاب الدسوقي، الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن ارتفاع أسعار الوقود لا يكون سبباً من أجل لجوء شركات الأدوية لرفع أسعار الأدوية ، خاصة وأن لجوءها لذلك سيكون بداية لفتح أبواب الفساد فى مجال الأدوية ومن ثم التلاعب فى أسعارها، الأمر الذى يكون نتيجته الطبيعية التلاعب بصحة الفقراء الذين باتوا غير قادرين على رفع أسعار الأدوية والسلع والمنتجات فى ظل تدنى رواتبهم. وأضاف الدسوقي، أنه لا يعرف السبب حتى الآن وراء تزايد المطالبات برفع أسعار الأدوية بحجة تفاقم خسائر الشركات، موضحاً أن ارتفاع أسعار الوقود ليست السبب وراء هذه المطالبات بإعادة النظر فى تسعيرة الأدوية، خاصة وأن الفترة الأخيرة شهدت بالفعل ارتفاعا فى أسعار الكثير من الأدوية بشكل كبير ولعل أبرز هذه الأدوية أدوية علاج الربو وأدوية الأنسولين وأدوية علاج الأمراض العصبية، ألبان الأطفال وغيرها من الأدوية .