بينما العلاقة بين الشرطة والشعب خاصة شباب الثورة فى أجمل مراحلها جاء قانون التظاهر ليفجر خلافات عميقة وصدامات بين الأمن وببعض إن لم يكن الكثير من القوى الثورية التى لا يزال ينتابها الشك فى أن أجهزة الأمن انتهجت سياسة مغايرة لما كان سائداً قبل 25 يناير ..القانون الذى أثار موجة غضب منح الداخلية رخصة للمواجهة كان تفتقدها ورغم سقوط ضحايا قليلون فى أول تطبيق للقانون ابرزهم طالب هندسة القاهرة «محمد رضا» وتعرض بعض البنات والسيدات للضرب إلا أن أجهزة نجحت فى تطبيق القانون حرفيا وتصدت لكل مظاهرة لم تحمل ترخيص مسبق لدرجة أنها نجحت فى فض مظاهرة طلاب الإخوان بميدان التحرير يوم الأحد الماضى والتى تحدث لأول مرة منذ فض اعتصامى «رابعة والنهضة» والمثير أن هذا الفض لم يستغرق سوى أقل من دقيقتين .. ما يعنى أن الرخصة القانونية فى يد الشرطة صار لها مفعول السحر .. ورغم هذا فإن ثمة أسئلة لا تزال تطرح نفسها عن هذا القانون من بينها لماذ لم تأخذ الحكومة بتعديلات المجلس القومى لحقوق الإنسان على قانون التظاهر و اعتبرتها كأنها لم تكن ؟ هل هذا يوحى بانفصال و اضح بين الحكومة و مؤسسات الدولة الأخرى ؟ ثم ما هو مصير القانون وهل يمكن أن تجرى عليه تعديلات بعد ظهور انقسامات داخل الحكومة بشأنه أم لا ؟ فى البداية نشير إلى أن المجلس القومى لحقوق الإنسان كان يرى ضرورة إلغاء المواد من السابعة عشر و حتى الحادية و العشرين لاشتمال قانون العقوبات تلك المواد و هى كفيلة بردع المرتكبين لأفعال تضر بالمصلحة العامة أثناء التظاهر سواء بقطع الطرق او تعطيل حركة المواصلات و الاعتداء على المنشات و حيازة أسلحة . كما اعتبر المجلس أن المادتين السادسة و السابعة اشتملت على عبارات فضفاضة من الممكن أن تستخدم فى منع الإضرابات العمالية . و تعديل المادة «العاشرة» بحيث تتقدم الجهات الأمنية لقاضى الأمور ورأى المجلس أن القانون خلط بين حق التظاهر و بين ما تتعرض له البلاد من أعمال عنف و بلطجة و قطع الطرق و ترويع المواطنيين كما شملت التعديلات التى وضعها المجلس المادة الثامنة بحيث يكون الإخطار عن المظاهرات قبل موعدها ب 48 ساعة بدلا من ثلاثة أيام . لكن الحكومة من جانبها رفضت أية تعديلات على القانون وقال رئيس الوزراء «حازم الببلاوي» أن الحكومة لن تجرى اية نعديلات على قانون التظاهر و أنها ماضية فى تنفيذه بكل نصوصة و أن الحوارات التى تجرى بين الحكومة و بعض القوى السياسة هى من أجل التأكيد على تنفيذ القانون . و قد ابدت بعض القوى السياسية اعتراضا واسعا على القانون و اعتبرته بهيئته الحالية انتهاكا للمادة 21 من العهد الدولى لحقوق الإنسان و الذى صدقت عليه مصر فى يناير 1984 و صار له قوة القانون و أنه لم يفرق بين التظاهر و التجمع و الاجتماعات العامة و المواكب و المسيرات و هو ما يعد انتهاك و اضح للحريات و إبداء الرأى .فاستبعاد الدولة لدور المؤسسات و عدم أخذ رأيها فى الإعتبار ينذر بكارثة حقيقة فلماذا لم تأخذ الحكومة التعديلات التى أجراها القومى لحقوق الإنسان بعين الإعتبار و تجاهل مؤسسة بهذا الثقل هل يعنى أننا أصبحنا دولة بلامؤسسات ؟ أم أن هناك لوبى يعمل جاهدا على الفصل بين الحكومة و مؤسسات الدولة لتوسيع هوة الخلاف و الإنقسام فى الشارع المصرى بدلا من تضيقها و النجاة بمصر من المتآمرين عليها كما كان مأمولا من ثورة يونية ؟